الجمعة، 27 نوفمبر 2009

أمنية فلسطينية في يوم العيد


د. فايز أبو شمالة
يا ليت ما بين سلطة رام الله وبين غزة مثل ما بين رام الله وتل أبيب، وأن تفكر رام الله في مصالحة المسلمين في غزة بالمقدار نفسه الذي تعمل فيه على مصالحة اليهود في تل أبيب، بمعنى آخر؛ يا ليت سلطة رام الله تكره حركة حماس مثلما تكره الحركة الصهيونية في تل أبيب، وليس أكثر من ذلك، لأن كراهية رام الله لتل أبيب كراهية محمودة محببة، فيها غزل عفيف، لا يصل إلى حد الاحتكاك الجسدي العنيف، وفيه لقاءات سرية، وقبلات علنية، وفيه تعاون وتنسيق، لذا نستحلفكم بالله في رام الله أن تغضبوا على غزة بالقدر ذاته الذي تغضبوا فيه على تل أبيب، ولا بأس أن تعاهدوا الله على عودة غزة، وأن تقسموا على استردادها، ولكن يا حبذا لو كان بالقدر ذاته الذي تصرون فيه على عودة تل أبيت؛ على افتراض أن تل أبيب أرض فلسطينية اغتصبها الصهاينة وأقاموا عليها دولتهم اليهودية، وسأفترض أن غزة أرض فلسطينية اغتصبتها حركة حماس، وأقامت عليها إمارتها الإسلامية. ليبقى الأمل أن تصير غزة طرفاً آخر مثلما صارت تل أبيب طرفاً آخر.
ويا ليت رام الله تستقبل التهنئة بالعيد من الطرف الآخر في غزة مثلما تستقبل التهنئة بالعيد من الطرف الآخر في تل أبيب، وأن تتجرأ رام الله وتطالب المجتمع الدولي مقاطعة الطرف الآخر في تل أبيب، مثلما تقاطع الطرف الآخر في غزة، فإذا كانت غزة مخطوفة من حماس فإن تل أبيب مخطوفة من الحركة الصهيونية. وفي المقابل يا ليت حماس تنجح في التهدئة مع السلطة الفلسطينية في رام الله مثلما نجحت في التهدئة مع إسرائيل، وأن تتوافق مع الفصائل على وقف الصواريخ الكلامية ضد رام الله مثلما نجحت في التوافق مع الفصائل على وقف الصورايخ التفجيرية ضد إسرائيل، لعل ذلك مقدمة للمصالحة الفلسطينية.
 ويا ليت السلطة في رام الله تلتقي مع حركة حماس وتنسق معها شئون حياة الناس اليومية، وتعمل على فتح المعابر، وإدخال مواد البناء لغزة، وترفع عنها الحصار، مثلما تلتقي مع الإسرائيليين في تل أبيب، وتنسق معهم كثيراً من أمور الناس اليومية والأمنية، ليصير التنسيق بين رام وغزة بمستوى التنسيق بين رام الله وتل أبيب.
في يوم العيد يرفع الفلسطينيون رأسهم إلى السماء، ويضرعون إلى الله بأن تنجح المصالحة الفلسطينية قائلين مع أبي فراس الحمداني:
فيا ليت ما بيني وبينك عامرٌ            وبيني وبين العالمين خراب.
            إذا صح منك الود فالكل هين           وكل الذي فوق التراب تراب
وكل عام وأنتم بخير، ووئام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق