السبت، 14 نوفمبر 2009

أحداث اليمن من وجهة نظر إسرائيلية


بقلم: يوئيل جوزنسكي

معهد دراسات الأمن القومي/إسرائيل

ترجمة صادق أبو السعود

بعيدا عن أنظار الجمهور ووسائل الإعلام، تزداد اهمية اليمن باعتباره ساحة للصراع بين القوى الإقليمية. وعلى مدار السنوات الأخيرة شكل القتال الدائر في الاجزاء الشمالية الغربية من البلاد مصدر التهديد الرئيسي لليمن، والذي اندلع مجددا في أوائل آب / أغسطس، واضاف بعدا آخر لعدم الاستقرار في بلد يعاني بالفعل من مواجهة النزاع الانفصالي في الجنوب والنشاط الجهاد العالمي، والتي أصبحت مؤخرا محطة على الطريق لمهربي الأسلحة الموجهة في جزء منها لحركة حماس.

كجزء من القتال الحالي في جولته (السادسة)، تحاول القوات الحكومية إخماد التمرد الذي يقوده عبد الملك الحوثي، الذي يسيطر رجاله على المناطق الجبلية في محافظة صعدة شمال غرب البلاد، والتي تقع بالقرب من الحدود مع المملكة العربية السعودية. ويدور القتال ما بين الحوثيين والحكومة اليمنية بصورة دورية منذ حزيران / يونيو 2004، ومع كل موجة من هذا القتال تزداد الأوضاع وحشية، مما أسفر عن آلاف الجرحى وأضرارا هائلة. رغم أنه لا يوجد أساس لادعاء الحكومة اليمنية أن الانتفاضات الثلاث اسبابها

الانفصاليين في الجنوب

تعزيز قوة الجهاديين المرتبطين مع تنظيم القاعدة

حركة التمرد الشيعية في الشمال - متحدون ضدها،

والجمع بينهما هو أمر مقلق كما يراه الصهاينة. إن أعمال العنف الحالية لا تهدد وحدة اليمن واستقراره فحسب، ولكن تهدد أيضا أمن المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية. وينضم اليها المحاولات المتزايدة من المنظمات المرتبطة مع تنظيم القاعدة التي تحاول الاطاحة بالحكومة اليمنية، وكذلك بالعائلة المالكة في المملكة العربية السعودية، حيث يمكن الاستدلال على ذلك من محاولة الهجوم الأخير والتي كان مصدرها اليمن واستهدفت العائلة المالكة السعودية. في هذا الهجوم الذي استهدف الأمير نايف بن عبدالعزيز، والذي يعد واحدا من قادة المملكة في الحرب على الارهاب، ونجل الرجل الثالث في التسلسل الهرمي للعائلة المالكة في السعودية ، وقد اصيب بجروح طفيفة.

إن القتال الذي تخوضه الحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين يمثل إلى حد كبير نموذجا مصغرا للتوترات الدينية والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية، والاقليمية التي تغلي تحت السطح ومن بعيد، يمكن للمرء أن يفترض بأن النزاع هو عبارة عن صراع مسلح بين الجماعات المسلحة والحكومة - وهو مسألة يمنية محلية – ولكن الصراع يضم في صفوفه أطراف اضافية اخرى، من بينها الصراع بين ايران التي تقود الكتلة الراديكالية وكتلة الدول البراغماتية، والذي في جزء منه تقوده المملكة العربية السعودية.

الجولة الأخيرة من القتال اندلعت نتيجة لانهيار وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 16 يونيو 2007، والذي جاء خرقا للاتفاق الرسمي الذي وقع في الدوحة في الثاني من شباط/فبراير 2008 ، بوساطة من امير قطر. ووفقا للاتفاق كان من المفترض على الحكومة تعويض المصابين أو المتضررين من العمليات العسكرية، والمساعدة في إعادة بناء القرى التي لحقت بها الأضرار من جراء القتال، والكف عن شن هجمات عسكرية أخرى. في المقابل، تعهد الحوثيين بالقاء أسلحتهم والحفاظ على السلام في الاقليم. وعلى الرغم من الانخفاض في نطاق القتال الا أن الاشتباكات المتقطعة بين الجانبين استمرت حتى بعد أن أعلن الرئيس اليمني وقف لاطلاق النار من جانب واحد تكريما للمضي عليه 30 عاما في منصبه، وربما مع العلم انه كان عاجزا عن وضع حد لانتفاضة الحوثيين.

في حين ينتمي المتمردون الى الطائفة الزيدية من الشيعة والتي تختلف إلى حد ما عن الشيعية الحالية الموجودة عادة في إيران، إلا أن إيران لم تتردد - وفقا للحكومة في العاصمة صنعاء – في تقديم الدعم للمتمردين فى اوائل عام 2004، حيث أكد كبار مسؤولي الحكومة اليمنية وفي أكثر من مناسبة اتهاماتهم لايران بتزويد الحوثيين بالاسلحة، والتمويل، وتدريب الجناح العسكري للمتمردين ( حركة الشباب المؤمن ). وفي الاسبوع الماضي اتهم وزير الإعلام اليمني اللوزي "عناصر اجنبية" بتزويد المتمردين الشيعة في محافظة صعدة بالمساعدات الاقتصادية والسياسية والحاق "الضرر بأمن اليمن واستقراره". علاوة على ذلك فقد أعلن أن وزير الخارجية اليمني من جانبه قد اجتمع مع السفير الايراني في صنعاء من أجل "تحذير ايران حول الخطوات التي ستتخذها الحكومة اليمنية ... ردا على حقيقة ان وسائل الاعلام المرتبطة مع ايران هي التي تشعل نار النزاع، وفي الواقع الفعلي هي عبارة عن أدوات للمتمردين... وأضاف الوزير أنه في حال استمر هذا الوضع سوف يترتب عنه آثار سلبية من شأنها أن تؤثر على العلاقة بين إيران واليمن".

في خطوة يمكن ان تفسر على أنها دعم للمتمردين ، قال وزير الشؤون الخارجية الإيراني متكي، الذي اجتمع مع السفير اليمني في طهران، والذي اعرب عن "قلقه العميق لوضع الشيعة في اليمن"، وفي نفس الوقت أكد على أهمية العلاقات الصحيحة بين الحكومة في صنعاء والشيعة في اليمن. وخلال الأسابيع الأخيرة أشارت مصادر إعلامية محسوبة على طهران إلى أن سلاح الجو السعودي شارك في قصف معاقل المتمردين داخل الأراضي اليمنية (في محاولة لمنع القتال من الانتشار إلى داخل حدودها) ، وبأن المملكة العربية السعودية قد وعدت الرئيس اليمني عبد الله صالح بتمويل حربه ضد المتمردين. علما أن المملكة العربية السعودية لم ترد رسميا على هذه التقارير الإعلامية، ولكن الصحف السعودية كثيرا ما تتهم ايران بمساعدة المتمردين. وفي الجولة الحالية من القتال، رفض كلا الجانبين اقتراحا لوقف إطلاق النار؛ حيث زعمت الحكومة أن العرض الاخير لا يحتوي"شيئا جديدا " وتم مواجهة الاقتراح من خلال تقديم الحكومة لائحة من المطالب للمتمردين : فتح الطرق المسدودة ، وإزالة الألغام؛ انسحاب الحركة المتمردة من معاقلها في الجبال ، وإعادة المعدات المسروقة ؛ إطلاق سراح الأسرى، ووقف كل تدخل في السياسة الداخلية.

وفقا لمصادر الحكومة اليمنية، فإن الجولة الرابعة من القتال (فبراير حتى يونيو 2007) شهدت تهديدات من قبل الحوثي ضد الجالية اليهودية في صعدة، وقد كذب المتمردون ادعاءات الحكومة ونفوا أن يكونوا قد وجهوا تهديدات للجالية اليهودية في صعدة. ومع ذلك، وخوفا من ان تتعرض الجالية اليهودية للاضطهاد في مناط

في مناطق القتال فقد قامت الحكومة بترحيل عدد من العائلات اليهودية من صعدة إلى صنعاء، ويقال أنها وفرت لهم السكن.

ما هي مطالب المتمردين؟ بصفة عامة، يسعى المتمردون لتحقيق قدر أكبر من الحكم الذاتي في إدارة شؤونهم الخاصة، وكذلك الإفراج عن انصارهم المسجونين ووضع حد للهجمات من جانب قوات الأمن والقمع المتواصل، والتي يزعمون أنها الصفة الغالبة لسلوك الحكومة تجاههم. كما انهم يعارضون الدفء المتزايد وزيادة التعاون بين اليمن والولايات المتحدة، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب ، فضلا عن تدخل السعودية في السياسة الداخلية اليمنية. ويتهم المتمردون المملكة العربية السعودية بتمويل الحكومة اليمنية في حربها ضدهم وتقديم المساعدات للعناصر القبلية السنية.

وبسبب التعتيم الإعلامي، فإن الأعداد الدقيقة للخسائر في أي من الجانبين ليست واضحة، ولكن من المعروف أن الحكومة اليمنية تقوم باستخدام قواتها المدرعة والمدفعية والقوات الجوية لسحق الانتفاضة مرة والى الأبد (وفقا لاعلان أدلى به الرئيس صالح) ، وربما أيضا للإشارة إلى الانفصاليين في الجنوب ان الحكومة عاقدة العزم على النضال من أجل الوحدة الوطنية. تشير التقديرات إلى أن حوالي 100000، نسمة ، معظمهم من النساء والأطفال، فروا من منازلهم، ولكن حدة القتال، وطبيعة التضاريس، والتعتيم من قبل الحكومة يجعل من الصعوبة بمكان مساعدة قوات الامم المتحدة ووسائل الاعلام من الدخول لمناطق القتال.

حتى لو كانت اتهامات من جانب ايران والمملكة العربية السعودية هي عملية دعائية أكثر منها واقعية ، فإن الحرب ليست مجرد تهديد داخلي لوحدة اليمن، ولكن أيضا تهديدا متزايدا للمملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، والمنطقة بأسرها. والقتال الدائر في اليمن عمل إلى حد كبير في تحويل اليمن إلى ساحة أخرى للصراع (الأهمية الكبيرة للموقع الاستراتيجي لليمن ) بين السنة الواقعية التي تسعى لاحتواء اليمن في صفوفها وايران الشيعية الراديكالية، التي تسعى إلى توسيع نفوذها الإقليمي، وإنشاء وجود لها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وقد عملت إيران على زيادة تواجد قواتها البحرية في منطقة خليج عدن (وتزعم انها تهدف الى التعامل مع تزايد أعمال القرصنة في المنطقة). كما أنها تعمل على تعزيز نفوذها السياسي وعلاقاتها الاقتصادية مع السودان وجيبوتي واريتريا وبطريقة من شأنها أن تسمح لها للحفاظ على وجود عسكري نشط في البحر الأحمر وتحمل إيران خيار استخدام هذا الوجود العسكري ضد اسرائيل.

خلافا لجيرانها في شبه الجزيرة العربية والخليج الفارسي التي تريد أيضا للحد من نفوذ ايران ، فإن االيمن غير قادر على السيطرة الفعالة على جميع أراضيها والحفاظ على سيادتها، وهذا يوفر بدوره فرصة امام مختلف المتشددين فرصة سانحة للوصول الى دول الخليج ومنطقة القرن الأفريقي، و الدول المطلة على البحر الأحمر. كما أن اليمن أبدى في الآونة الأخيرة اهتماما متجددا بإقامة قاعدة أمريكية بسبب القلق الأمريكي من محاولات تنظيم القاعدة لايجاد قاعدة له. وقبل قبل نحو شهر قام قائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال بترايوس وتعهد لليمن بساعدة الحكومة على منع الإرهاب. ليس من الواضح إذا كانت الولايات المتحدة أيضا سوف تدعم الحكومة في صنعاء ضد الانتفاضة في الشمال ، واذا كانت الزيارة شملت لهذا الهدف.

حتى لو كان النزاع في اليمن لا يزال بعيدا عن شاشات التلفزيون، إلا أنه يتمتع بأهمية إقليمية رئيسية في المنطقة. وبعيد عن إستقرار اليمن الدخلي، وهي امتحان آخر لقدرة الشعوب البرغماتية على كبح جماح النفوذ الإيراني الاقليمي، وهكذا حتى لو انتهت موجة العنف الحالية بوقف آخر لاطلاق النار فإن ثباته لن يمر عليه وقت طويل دون أن يتعرض وقف إطلاق النار للاختبار.

تعليق محرر الموقع

هكذا حال الدول العربية والإسلامية أصبحت ميدان واسع للصراع والاحتراب الطائفي ولتطبيق الأجندات الشاذة الصهيونية المغلفة بشعارات عدة, ونشهد اليوم صراع مرير على تركة العالم العربي أو ما نسميه الوطن العربي بعد غزو وتدمير العراق ومحاولات تقسيمه بين إيران وإسرائيل ونشهد للأسف فقدان البوصلة العربية للحل خصوصا بعد أن فقدت غالبية تلك الدول اهمم مبدأ في الصراع وهو القوة والاحتفاظ بها وديمومتها, كون القوة تصنع السلام وهذا مبدأ استراتيجي واكتفت بالتحالف المنبطح مع أمريكا وهذا التحالف غير مجدي وغير متوازن كون تحالف قطبي ومن جانب واحد ويطلق الساسة الأمريكان على حليفتهم العظمى إسرائيل (قارب النجاة في الشرق الأوسط) وهكذا فان الحليف الأساسي والمحوري لأمريكا في المنطقة إسرائيل وهي رقعة المصالح والقاعدة العسكرية المتقدمة وترسانة الأسلحة في الشرق الأوسط ورأس الرمح التي تضرب به العالم العربي والإسلامي وتفككه, هذه هي ملامح الحرب الدموغرافية باستخدام جرثومة الاحرتاب الطائفي والعرقي والذي سيفضي لا سمح الله إلى تقسيم الوطن العربي إلى 56دويلة حادة العرق بدلا من 22 قطر عربي موحد ونجد أن مشروع إعادة هيكلة الشرق الأوسط يقسم العراق وسوريا والسعودية واليمن وكذلك إيران إلى دويلات صغيرة وحكومات عميلة تابعة لها تلك المخططات ملامحها ظاهرة للعيان فهل هناك عاقل في العالمين العربي والإسلامي يوقف مهزلة الاحتراب وتفكيك الدول العربية والإسلامية ومتى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق