السبت، 14 نوفمبر 2009

ثلاثية الحُجَجْ بين التَمَلُّــصْ والتَمْــليص

عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

آخر مستجدات الوضع الفلسطيني بشكل عام ، وموضوع إعلان السيد رئيس السلطة الفلسطينية عدم دخول الانتخابات ( الرئاسية والتشريعية ) المقرَّرة يوم الأحد 24 يناير / كانون الثاني 2010 وما صرَّح به الأخ الدكتور حنَّـــا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بأن الوقت غير كاف للتحضير للانتخابات في الموعد الذي حدده المرسوم الخاص بالانتخابات ، مما يضع أكثر من علامة استفهام ويطرح أكثر من تساؤل أمام المعنيين بالشأن الفلسطيني .

فمن الناحية القانونية يدخل السيد رئيس السلطة الفلسطينية مرحلة ترك منصبه ـ لو تغاضينا عن الاستحقاق السابق من أجل خاطر السيد الرئيس ودون مطالبته بالرواتب والامتيازات ونتائج ما اتخذه من قرارات خارج الفترة القانونية ـ سواء أجريت الانتخابات أو تأجلت بإعلان النتائج إذا أجريت الانتخابات ، أو بحلول الموعد القانوني لإجراء الانتخابات ، حيث يصار إلى تكليف رئيس المجلس التشريعي بتولي مهام رئيس السلطة الفلسطينية والإعداد لانتخابات خلال 60 يوما إذا كنا نعمل حسب القانون والدستور والنظام الأساسي الذي يلوح به كل نطَّــاط حيط من شُرّاح القانون وقيادات النفخ الديمقراطي .

السيد رئيس السلطة الفلسطينية أعلن وأكَّد أنه لن يترشح لفترة رئاسية ثانية والذين بيدهم الحل وأوراق اللعبة ، على رأي أصحاب المدرسة الساداتية ، "أي الأمريكان" كانوا الأسرع في الرد على رغبة السيد عباس بأنهم سيتعاملون معه بأي صفة . وعلى رأي المثل " عزومة مراكبية " فجاء رد السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية " شدِّة مراكبية " حتى أنها لم " تتمعذر" ولو بكلمة تمني على المستر عباس أن يستمر في تحمل مسئولياته ، وهو على ما يبدو ما أضاف مزيدا من الإحباط للسيد عباس ، وما دفع المنتفعين والمتسلقين والانتهازيين والمتردية والنطيحة الذين شعروا أن ذهاب عباس يعني ضياعهم ، فبدأوا حملات الزار والزنار والنفيطة والمبايعة وكم من التقارير المزورة التي أرسلت باسم الشعب تطالب السيد عباس بالعدول عن قراره والشعب خارج وادي التأييد والمبايعة ، لأن السيد عباس هو الأدرى بهزيمة مشروعه التفاوضي ، والأدرى بسقوط اتفاقات أوسلو التي خطَّط لها وأخرجها هذا الإخراج السيئ بقيادة المايسترو أحمد قريع ظانين أنهم سيضحكون على الإسرائيليين . وقد كشفت سنوات التفاوض عمق الخديعة التي أوقعوا فيها الشعب الفلسطيني ، لأن مشروعا بهذه الخطورة يحتاج إلى فريق عمل مهني متخصص لا إلى فهلوة سياسية .

وباستثناء تصريح السيد أبو الغيط وزير خارجية مصر الذي اعتبر خطوة السيد عباس ستضر بالقضية الفلسطينية ، ويقول في تصريحه : عدم ترشح أبو مازن للرئاسة الفلسطينية ستكون ضربة لحركة التحرر الفلسطيني ، وستكون عواقبها خطيرة وصعبة على الشعب الفلسطيني الشقيق وأصعب من طرد الفلسطينيين من الأردن ولبنان" .

هذا الكلام في الحقيقة ليس دعماً لعباس بقدر ما هو الغطاء الواقي لاستمرار سياسة إبقاء الحصار على قطاع غزة إرضاءً لعدد من الأطراف وعلى رأسها الجانب الأمريكي والصهيوني لإبقاء الوضع الفلسطيني في حالة الانقسام والتشرذم والضعف .

ولعل ما أشار إليه الرئيس السوري بشار الأسد قبل أيام يلقي مزيدا من الضوء على ما نقول . ففي حوار أداره مع المشاركين في المؤتمر العام الخامس للأحزاب العربية الذي افتتحت أعماله صباح (الأربعاء 11/11/2009) في العاصمة السورية دمشق ، بمشاركة ممثلي 107 أحزاب عربية من أصل 139 حزبا أعضاء في المؤتمر .

وفي حديثه عن المصالحة الوطنية الفلسطينية ، في ضوء الجهود التي بذلها شخصيا بصفته الرئيس السابق للقمة العربية، قال :

" المصالحة هي الأساس ، لكن المصارحة أكثر أهمية ". وبيَّنَ أن " السلطة لم تستجب لما حاولنا فعله على طريق المصالحة . عباس لم يستجب ، ولا يمكن تحقيق أي خطــوة ايجــابية دون مصالحة ".. مؤكدا " المصالحة تبقى هي الأساس بالنسبة لســوريا ".

وأضاف الرئيس السوري " القضية بكل جوانبها تدفع ثمن اتفاق أوسلو". وخطّأ الرئيس الأسد حصر الهدف الفلسطيني والعربي في وقف الاستيطان .

وأشار الرئيس بشار الأسد إلى موضوع الحصار المفروض على قطاع غزة قائلا : أنه اقترح حين كان في زيارة إلى تركيا إرسال ، ولو قوافل مساعدات للمحاصرين من أبناء القطاع . وأعرب عن اعتقاده بأنه " لن يكون هناك قرار جماعي عربي بالخصوص " لأن أحدا من العرب لا يريد إغضاب دولة عربية في هذا الجانب "، وهو ما اعْتُبـِرَ إشارة إلى مصر التي تفرض الحصار على قطاع غزة . ( حسب المصدر ) .

السؤال إلى أين نحن ذاهبون ؟ وإلى متى ستستمر أجندة التسويف والاستمرار في لعبة الطرق الملتوية ؟

قالوا مدريد ومرَّتْ سنوات ..

وقالوا أوسلو و " تأسلونا " سنوات ..

وقالوا شرم الشيخ وانشرمنا سنوات ..

وقالوا أنابوليس وانبلسنا سنوات ..

وقالوا الانفصال وانفصلنا سنوات ..

وقالوا الإعمار وما زال الخراب لسنوات ..

وها نحن على أبواب حارة جديدة هي الانتخابات ..!!

فهل ستستمر اللعبة أيضاً لسنوات ..؟

عقدوا " مؤتمراً للحركة " وانتخبوا لجنة مركزية جديدة ولم يتغير من الحال إلا فعل الحـــال .

ولفقوا ما يسمى بـ " مجلس وطني " واستكملوا اللجنة التنفيذية ولم تنفذ شيئا مما نُفِــخ ســـور الوعود .

والقضية الفلسطينية التي تعتبر الأهم في قضايا العالم السياسية والتحررية والنضالية والإنسانية ، ها هي تختزل في توسعة مستوطنة ورفع حاجز صهيوني في الضفة ، أو التوسط للحصول على تصريح دخول لعضو لجنة مركزية للعودة إلى الضفة الغربية .

فلسطين القضية ، واللاجئون أصحاب الأرض لن تعود بهكذا طواقم عمل ، ولا بهكذا سياسات ..

إننا نقدر خطوة السيد رئيس السلطة الفلسطينية فهو الأقدر على تقدير الموقف ، وهو الأدرى بخفايا الأمور .

دعونا نتفق على النصيب الأكبر في الحق وليس على النصيب الأكبر في الباطل .

ولنسقط ثلاثية الحجج .. ونقفَ بصلابةٍ ومسئوليةٍ في وجه عملية التملص والتمليص .

ما نخشــــاه أن ننساق لما هو أخطر وننجرف لتيار الضياع الذي بدأ ينتشر بين شبابنا ونردِّدْ .. تَــعْ تَـــعْ .. انبــــورد ..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق