الجمعة، 20 نوفمبر 2009

اعادة النظر في كرة القدم العربية


بقلم / سميح خلف  
من المؤلم أن نشاهد ونستمع إلى سيل من التصعيد والتصريحات المتبادلة والاتهامات بين دولتين عربيتين كبريين لهم باع طويل في الحفاظ على الأمة وعلى فكرة القومية العربية وعلى تاريخ من النضال والكفاح من أجل رفعة هذه الأمة .
 من المؤلم أن تنحدر الأوضاع لتنعكس على الجمهور والقوى الشعبية المختلفة في البلدين وربما زادت الأمور تعقيدا ً أكثر أن ردود الفعل بين مشجع وشاجب لهذا البلد أو ذاك من الدول العربية الأخرى على الصعيد الشعبي أيضا ً .
 ربما العالم زويل ندم على مشوار حياته العلمي وعلى ابتكاراته العلمية في خدمة البشرية وربما كثير من العلماء العرب والأكاديميين ينظرون بحصرة وألم على تاريخ قد قضوه في خدمة مجتمعاتهم ، ربما هؤلاء ندموا ولأن مجتمعاتهم لم تقيمهم كما تقيم الدول لاعبي كرة القدم ، ولا أدري ماهو السر في أقدام هؤلاء اللاعبين لكي يحوزوا على ملايين وملايين وملايين وتكليفات لكرة القدم ربما تتعدى المليار دولار في العالم العربي ، في حين أن تلك الأموال هي أموال المستضعفين والفقراء في تلك المجتمعات وهم بحاجة ماسة إليها .
 ان تلك الأموال التي تصرف على لاعبي كرة القدم يمكن ان تمثل 5% أو أدنى فهي لا تلبي أي ناحية خدماتية وحضارية لمجتمعاتهم ، وعلى سبيل المثال كم تصرف تلك الدول على البحث العلمي ؟ وكم تصرف تلك الدول على تنمية القدرات الاقتصادية لدولهم ؟ وكم تصرف لك الدول على تنمية الوسط الاجتماعي والاقتصادي للفقراء؟
 ان كرة القدم أصبحت فكرة اقطاعية يخدمها العمال والفلاحين بمجهودين ووقتهم وعرقهم ،ليس إلا ليزيد هؤلاء من اقطاعياتهم ومن احتكاراتهم .
 كرة القدم ربما تكون مثلها مثل الألعاب الرياضية الأخرى وعندما تتحول كرة القدم إلى فرق للمضاربات والمنافسات على قائمة شباك التذاكر والايرادات بدء من المباريات المحلية إلى المباريات الاقليمية والدولية فإن هذه لغة من لغات رأس المال والاحتكار ، في حين ان جميع الألعاب يجب أن تكون ألعاب رياضية شعبية تمارس من جميع الأوساط ولا يجب أن تكون لفئة وفئة اخرى تحقن من أجل متابعتها ومشاهدتها فهي رياضات شعبية ولكل أبناء الشعوب بدون تعصب او شحن أو اثارة البغضاء بين الفرق على المستوى الاقليمي والمحلي .
 ما يحدث الآن هو تغيير للثقافة العربية قد بدأ من أكثر من  ثلاث عقود المواطن العربي يعاني من الجهل وانخفاض في مستوى الشعور القومي وتنمية على مستوى الشعور الاقليمي والقطري وهذا في طريقه إلى انهاء ما يجمع العرب من لغة الضاد والعادات والتقاليد المشتركة والتاريخ .
 ما يحدث اليوم هو من ضمن السيناريوهات لتشتيت قدرات الأمة العربية وتفريقها وبمنتهى السذاجة تقاد الجماهير إلى هذه الخنادق وهذه الخنادق ليست في صالحها وليست في صالح أي مواطن من الخليج إلى المحيط .
 لا نستغرب أن تغذى مثل هذه التحريضات من الدوائر المعادية للأمة العربية وعلى رأسها الصهيونية العالمية .
 ومن هنا يجب اعادة النظر في لعبة كرة القدم ، ماذا يستفيد العالم العربي من خلال المنظور للمشاكل التي يتعرض لها على المستوى الداخلي والاقليمي وعلى مستوى تهويد القدس الذي أصبح على مرمى حجر من انجاز عملية التهويد ، فلو زحفت تلك الجماهير العربية بردود فعل واعلام مؤثر يوازي الاعلام الذي حشد لمباراة مصر والجزائر ماذا سيحدث اذا ً ؟ بالتأكيد ان تلك المظاهرات ستكون حافزا ً وعاملا ً مؤثرا ودافعا ً لحكامها من أجل اخذ خطوات أكثر فعالية لحماية القدس والمقدسات الاسلامية في القدس وفلسطين وربما تكون ردود الفعل تلك هي طوابير من الرعب للكيان الصهيوني والقوى الغربية وربما تكون تلك الحشود هي سدود شامخة وموحدة في الأمة العربية ترعب برامج الغرب وبرمجياته على الأمة العربية .
 أيها العقلاء العرب اعيدوا الثقافة القومية لشعوبكم فهي الواقي من كل أنواع انفلونزا الخنازير وما تنتجه أجهزة الاستخبارات الغربية ، ايها العقلاء اعيدوا النظر في جدوى لعبة كرة القدم على المستوى المحلي والاقليمي واعيدوا النظر في تلك الأموال التي تصرف على لاعبي كرة القدم و60% من الشعوب العربية تعاني من الفقر والمرض في مشرق الأرض ومغربها .
 واخيرا ً هل يكرم الدكتور البارع والمبتكر كما يكرم لاعب كرة القدم ؟ !!
هل يكرم المدرس على خدماته وابتكاراته التربوية كما يكرم لاعب كرة القم؟؟!
هل يكرم العامل في مكان عمله لما يقوم به من مجهود تقني وعضلي كما يكرم لاعب كرة القدم ؟ !!
هل يكرم العالم وهو الذي يقضي ساعات طوال في معمله كما يكرم لاعب كرة القدم ؟؟!!
انها مفارقات عجيبة تستدعي الانتباه ووضع خطوط من المعالجة .
 ان هذا درس يجب ان تخرج منه الأمة أكثر وعيا ً وليس مزيد من الانحطاط نحو التشرذم والانغلاق والاقليمية .
  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق