الجمعة، 20 نوفمبر 2009


أبو المثنى الأحوازي
في الوقت الذي تعمل الدول الراقية على تطوير طاقاتها البشرية لبناء مجتمعات راقية و متطورة و تتسابق في ما بينها على تقديم الخدمات التربوية و الترفيهية لمواطنيها على حد سواء، إن كانوا من السكان الأصليين أو من اللاجئين الذين يفرون من بطش حكوماتهم المستبدة، تقوم الحکومات في العالم الثالث بقمع شعوبها و تدميرها بشكل كامل من أجل السيطرة عليها، وهذا بالضبط ما يفعله الاحتلال الفارسي بشتى الطرق الوحشية التي تخالف الأعراف و القوانين السماوية و الدولية. ناهيك عن احتلاله لشعوب عدة، فالاحتلال هو بحد ذاته جريمة تخالف القوانين الدولية و لا يتقبلها أي إنسان حر يمتلك ضميراً حياً.
على سبيل المثال إن النظام الفارسي بدلاً من العمل على زيادة المراكز التربوية و المؤسسات الخدمية و إعطاء الفرص المناسبة للطاقات الفكرية المستقلة للعمل باستقلالية تامة، يعمل عكس ذلك تماما فتتدخل مؤسساته الأمنية و الاستخباراتية في شؤون الناس و المؤسسات المدنية و تضع الكل تحت الرقابة و تضيق الخناق عليهم. و لو أخذنا بعين الاعتبار الأسرى الأحوازيين و حالهم في سجون الاحتلال الفارسي بغض النظر عن التهم الموجهة اليهم لعرفنا ما مدى وحشية هذا النظام الشوفيني.
فالمجتمعات المختلفة في إيران بسبب بطش السلطة الحاكمة في طهران متفككة و منهارة من الداخل و لا تدخل ضمن المجتمعات الراقية بل يمكن تصنيفها ضمن المجتمعات المتخلفة و الرجعية و ذلك يرجع لانعدام الخدمات المعيشية و التنمية الاجتماعية و لعدم وجود مؤسسات تربوية و اجتماعية تعمل اتحسين الوضع دون تدخل السلطة الحاكمة. إن المعاناة التي تعانيها هذه الشعوب التي يحكمها الاحتلال الفارسي يمكن للانسان المتابع للشأن الايراني أن يلمسها بوضوح.
من المعلوم إذا أراد الانسان معرفة لماذا تحدث الجرائم المختلفة، فعليه بالدرجة الاولى البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ارتكابها و من ثم عليه ايجاد الطرق الملائمة لمكافحتها كي يستطيع الحد من حدوثها بالمستقبل، لهذا ينبغي على السلطة المستبدة في طهران او الحكومات المشابهة لها في العالم الثالث أن تسمح ببناء مؤسسات تربوية و ثقافية و اجتماعية وذلك من أجل بناء مجتمع صحي خال من الأمراض المزمنة و ليس بناء المزيد من السجون و الدوائر الأمنية وهذا جل ما تعمله سلطات الاحتلال الفارسي هذه الأيام.
في الوقت الراهن تقوم الدول الراقية ببناء المزيد من الموسسات الخدمية لصالح شعوبها بل ذهبت هذه الدول الى المساهمة في بناء موسسات خدمية في بعض من الدول الفقيرة من أجل مساعدتها على بناء مجتمعاتها و تثقيف شعوبها. لكن النظام الفارسي رغم امتلاكه للكثير من الثروات التي ينهبها من أرض الأحواز المحتلة، يسير على اتجاه مخالف لسير الدول المتقدمة و ذلك من خلال بناء المزيد من السجون و المعتقلات و الدوائر الامنية و الاستخباراتية لقمع الاصوات المنادية بالحرية و التعددية الثقافية و السياسية. و قد ذهب الاحتلال الفارسي إلى أبعد من هذا من خلال مشاركته في تدمير الشعوب المجاورة و غير المجاورة و المساهمة في بث الفتن و القلاقل و نشر الإرهاب في دولها. و باتت المساعدات التي يقدمها النظام الفارسي للارهابيين مكشوفة للعيان إلا الذين يريدون ان يتستروا على جرائمه مقابل حصولهم على تومانات فارسية او إرضاء لغريزتهم الطائفية.
كثيراً ما نسمع عبر الاخبار الفارسية عن اعتقال مدمنين او تجار مخدرات في الدولة الفارسية و لكن مازالت مشكلة المخدرات قائمة بل انتشار المخدرات يزيد يوما بعد يوم. ذلك يرجع لسياسات هذا النظام الثيوقراطي الذي بات همه الوحيد الحفاظ على سدة الحكم و نشر ايدلوجيته الطائفية عند الدول المجاورة. فهذا النظام لم يكافح تجار المخدرات بطريقة جذرية بل فتح الحدود و الطرق امامهم لممارسة نشاطهم التخريبي في بث و نشر سموم المخدرات دون اي رادع امني او قضائي. كما إن هذا النظام لم يول اي اهتمام لبناء مراكز و مؤسسات تكافح المخدرات و الادمان عليها او ان تقوم بتقديم مساعدات خدمية للمدمنين للاقلاع عن المخدرات و دمجهم في مجتمعاتهم. و ان ترك بعض المدمنين تعاطي المخدرات من تلقاء انفسهم لا يستطيعون الاندماج في مجتمعاتهم و لا يتمنكون من الحصول على فرص عمل كي يستطيعوا من خلالها اعالة اطفالهم و اهلهم. بل الكثير منهم يعيشون مشردين و منبوذين في مجتمعاتهم و ينجرون مرة أخرى إلى الإدمان بسبب سهولة الحصول عليه. إذن الواجب ليس فقط اعتقال بعض صغار تجار المخدرات و الافراج عنهم بعد فترة وجيزة و إنما المطلوب هو تغيير سياسة هذا النظام الفاشلة و انتهاج سياسة غيرها أكثر أكثر جدية.
ولكن بما إننا لا نرجو الخير من هذا الاحتلال بسبب تاريخه المليء بالكراهية و الحقد على الاخرين و عدم إنسانيته، لابد لنا إلا أن نفعل كما يفعل الأخرون ممن يعيشون في ظروف تشبه ظروفنا. فنحن نعلم إن الحركات و التنظيمات المعارضة في الخارج تقدم الكثير من الشكاوى لدى المحاكم الدولية ضد انظمتها و رؤسائها بحجج متفاوتة، لذلك علينا نحن كشعب عربي أحوازي أن نتقدم بشكاوى ضد هذا الاحتلال الفارسي و قادته الذين دمروا شعبنا بطرق إجرامية مختلفة منها نشر المخدرات في مجتمعنا و منها التهجير القسري لآلاف المواطنين الأحوازيين من أراضيهم و منها سرقة ثروات الشعب العربي الأحوازي و نهب خيراتة ( النفط و الغاز و المياه ) و منها قمع الاحتجاجات الشعبية و تصفية و اعدام الكثير من المواطنين الأحوازيين منذ احتلال الأحواز عام 1925 إلى يومنا هذا و منها العمل على طمس الهوية العربية الأحوازية و سرقة التراث العربي الأحوازي (حضارة عيلام) وهذه كلها جرائم خطيرة سنجد بالتأكيد في المجتمع الدولي من سيقف إلى جانبنا بسببها لو تابعناها بجدية و مهنية أكثر مما نفعله اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق