الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

البؤساء العراقيون يبيعون أعضاءً من أجسادهم

ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد

رعد بدر المحسن (41 عام) يعمل بستانياً (خدمة الحدائق) gardener لأكثر من عشرين عاماً، وفي أثناء هذه الفترة اعتاد في عمله أن لا يحقق أكثر من أربعة دولارات في اليوم. بعد الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003 وتصاعد العنف، صارت حياته أكثر صعوبة بسبب انخفاض الطلب على خدماته وشعوره بالمهانة واكتشافة أن زوجته مصابة بالسرطان.

وهكذا عندما عُرض عليه مبلغ 12 ألف دولار أمريكي مقابل تخليه عن كلية من كليتيه لم يتردد لحظة واحدة ولم يُفكر سوى بالقبول. "لم يكن في جيبي أبداً أكثر من مائة دولار أمريكي مع نهاية الشهر حتى وإن لم أصرف سنتاً واحداً من دخلي... عشتُ حياتي كلها رجلاً فقيراً، وكنتُ خائفاً على أطفالي من أن يلقوا مصيري وأن تموت زوجتي لعدم وجود المال لدينا لمساعدتها."

قبل خمسة أشهر مضت عندما كان يقوم بتنظيف إحدى الحدائق المنزلية، تحدث المالك مع محسن في موضوع زرع الكلى kidney transplantations وأن صديقاً يستطيع ترتيب الأمر له. "لم أتصور أبداً بأني سأكون في يوم ما متنازلاً عن كليتي، ولكن عندما أخذت حالة زوجتي تزداد سوءً، ذهبت إلى منزله وسألته عن وسيلة للاتصال بصديقه..."

اتّصل محسن بالشخص المعني والذي أخبره بأن عليه الحصول على شهادة اختبار صحية لدمه لمعرفة ما إذا كانت لدية أية مشكلة صحية. "اقترضت مبلغاً من المال وأجريت الفحص في مختبر أهلي. عندما حصلت على نتيجة الاختبار، تحقق الرجل من ذلك وفق قائمة تتضمن مرضاه، ثم أخبرني بأن لديه أربعة مرضى من نفس فصيلة دمي، وسيدفع أحدهم لي مبلغاً جيداً من المال."

يقول الخبراء في هذا المجال بأن التبرع بالكلى ليس عملاً غير مشروع، لكن هذه الظاهرة زادت على نحو ملفت في الأشهر ألـ 18 الماضية. "إنها لمسألة معقدة جداً لا سيما بسبب عدم وجود أي قانون يمنع التبرع بالكلى... بالطبع هناك العديد من حالات التبرع الحرة (دون مقابل مادي)، لكن الأغلبية يبحثون عن المال، بل وحتى أنهم يسافرون إلى الأردن، إذ ترتفع سعر الكلية عند المرضى القادمين من مختلف البلدان مع استعدادهم للدفع للحصول على كلية،" وفقاً لـ عبدالهيثم عبدالكريم- خبير في مجال الصحة وعضو غرفة زراعة الأعضاء transplantation chamber.

لا توجد أرقام رسمية عن عدد مرات زراعة الكلية سنوياً التي تمت في كافة أنحاء العراق، لكن الوكالة المحلية لفرع المنظمات الدولية غير الحكومية NGOs التي تُساعد المرضى للعثور على مانحين، تقول بأن واحداً من كل 500 شخص يقبلون التبرع دون مقابل مالي.

* حياة أفضل

بعد أن تنازل محسن عن كليته، حصل على نقوده وفتح متجراً صغيراً small shop لبيع العلكة، السجاير، الحبوب والبقول. وحسب قوله "إنها فرصة واحدة في الحياة... لا زال عندي كلية واحدة بصحة جيدة، ومع المال الذي أملكه لن أتعرض للإهانة humiliated أبداً مرة أخرى... عاد أولادي إلى المدرسة، وتغيرت حياتنا. لو انتظرت الحكومة لمساعدة عائلتي، كنتُ سأموت قبل أن أحصل على مساعدتها."

سلوى أحمد (اسم مستعار) ضحية أخرى من ضحايا الفقر في العراق. بعد مقتل زوجها في انفجار سيارة مفخخة في محافظة ديالى قبل أربع سنوات مضت، انتقلتْ للعيش في بغداد مع أطفالها الأربعة الصغار، لعلها تعثر على عمل أفضل وظروف معيشة أنسب. قالت: "كنت أصلاً في مخيم المشردين.. أطفالي الأربعة الصغار كانوا جوعى لأني لم استطع أن أوفر لهم سوى وجبة طعام واحدة في اليوم... عندما أخبرتني إمرأة في المخيم بوجود شخص مستعد للدفع ويرغب في زيارتي للتفاوض بشأن التنازل عن كليتي، صرتُ متحمسة ومستعدة لبيع إحدى كليتي حتى أوفر لأولادي ظروف معيشة أفضل... في البداية أراد دفع ثلاثة آلاف دولار فقط، ولكن بعد أسبوعين من المفاوضات وإجرائي الاختبار الطبي، حيث كان ينبغي أن تكون فصيلة دمي من نوع نادر، فقد ارتفع المبلغ إلى ثمانية آلاف دولار، وهو ما يُعادل 15 سنة من العمل الشاق... حالياً أشعر بصحة جيدة. ولدى أطفالي كمية كافية من الطعام والملابس، كما وتمكنتُ من الحصول على عمل بوظيفة بائعة في متجر للملابس... أعرف أن المسألة قد تبدو خاطئة، ولكن عندما ترى الأم أطفالها يتضورون جوعاً، فأنتَ تدرك كل شيء... آمل أن لا أواجه أبداً مشاكل في كليتي، ولكن حتى لو حدث هذا فسأكون سعيدة لأني انقذت حياة أطفالي الأعزاء وحياة الشخص الذي كان بحاجة ماسّة لكليتي..."

* المافيا

قال محمد العاني- موظف إغاثة يعمل مع مرضى بحاجة إلى زراعة الكلى- بأن بعض الناس بحاجة، على نحو يائس desperate، للمال، وإلى درجة أنهم مستعدون لفعل أي شيء للحصول على بعض النقود. "تعرفنا على رجل مستعد للتبرع بإحدى كليتيه، ولكن ظهر بعد الفحص بأنه يُعاني من مشاكل كلوية renal problems، وعندئذ سأل الرجل إن كان هناك مًنْ يشتري قرنية إحدى عينيه corneas!!؟؟... دُهشتُ وحاولتُ مساعدته لئلا يقع فريسة لإحدى العصابات في العراق... صرتُ أبحث عن معلومات بشأنه، وقبل شهرين سمعتُ من زميل بأنه فعلها مقابل مبلغ يقرب من 20 ألف دولار. لم نستطع أن نجد أينً تمّت العملية وكيف، لكننا سنواصل التحقيق لأن هذه المعضلة أكثر خطورة من أن تُهمل... مما يؤسف له أن هناك العشرات من الممرضات الفاسدات corrupted nurses والأطباء الفاسدين، علاوة على مستخدمين رسميين فاسدين ممن يسمحون بحصول مثل هذه الحالات المشمئزة disgustingمقابل النقود."

تقول وزارة صحة حكومة الاحتلال في بغداد بأنها مسألة معقدة للغاية مهمة معرفة مَنْ يتبرع دون مقابل، ومَنْ يبيع أعضاء من جسده.. ولكن في بعض الحالات، سواء المجانية أو المدفوعة، فإنها لن تتحقق طواعية voluntarily. كثرة من الأطفال والشباب الصغار youngsters تم اختطافهم من قبل عصابات الجريمة التي تبيع أعضاء الجسم مقابل مبالغ طائلة.

ذكر شاب (17 عام) من ضحايا إحدى العصابات- طلب إخفاء هويته- بأنه تعرض للخطف والتخدير. استيقظ بعد يومين ليجد نفسه في غرفة قذرة تكثر فيها علامات إجراء عملية جراحية. أعطوه 20 دولاراً واقتادوه إلى مشارف بغداد. وفي وقت لاحق بدأ يُعاني من مشاكل صحية نتيجة إصابته بالعدوى أثنا عملية سرقة إحدى كليتيه. صرخ وهو يبكي: " إنه لظلم.. ربما أموت بسبب فعل المجرمين الذين أرادوا كسب المال من بيع عضو في جسدي... لستُ من عائلة غنية.. يُحاول والدي بيع المنزل لجمع المال اللازم والعثور على شخص مستعد لبيع إحدى كليتيه من أجل إنقاذ حياتي.. كنتُ شخصاً سليماً امتلك كليتين، لكني الآن ضحية مَنْ اشترى كلية سُرِقتْ مني.. ألا ترتقي هذه المعضلة إلى درجة السخُرية!!؟؟

(وماذا ننتظر في ظل "الديمقراطية" الأمريكية

سوى الفساد، السرقات، العصابات، وحكومات الاحتلال الخيانية!!؟؟)

ممممممممممممممممممممممممـ

Helpless Iraqis Sell Their Organs,By Afif Sarhan, IOL ,uruknet.info, October 15, 2009.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق