الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

المعدان هم أصل الحضارة

ردا على مقالة المدعو (سالم حسون) المنشورة في موقع كتابات بعنوان نهر العشار, وصمة عار في جبين أعضاء مجلس محافظة البصرة ..

كاظم فنجان الحمامي

يقول جان جاك روسو: (أنا لا أتفق معك في كلمة واحدة مما قلته, لكني سأدافع عن حقك في الكلام وحرية التعبير عن أفكارك حتى الموت),

أنت يا حسون أفرغت ما في جعبتك من أحقاد وأدران, وأنهلت على الناس بالسب والشتم متسترا باسمك المزيف, اما أنا فما زلت اكتب باسمي الصريح وأتحدى أعداء العراق في الداخل والخارج من مكاني في قلب البصرة الزاهرة دوما بأهلها, وأواجه أرباب الفساد بأعلى صوتي, ولم اخش في قول الحق لومة لائم, أواجههم صلت الجبين, مرفوع الهامة, ثابت الجنان, وشتان بين الجبن والشجاعة, وشتان بين من يتستر باسمه المستعار وبين من يتقدم إلى الموت من اجل ان يقول كلمة الحق في الخندق الأمامي ليس سوى القميص يستر جسده العاري, وهكذا تحملتك على مضض وأنت تصب جام غضبك علينا نحن أبناء العراق المساكين, ومنحتك الحرية لكي تطلق العنان لأفكارك الاستعلائية المتبطرة المسمومة, المعبرة عن نظرتك الفوقية التي تعاليت فيها على خلق الله جل شأنه, ولست هنا بصدد الدفاع عن أعضاء مجلس محافظة البصرة, وتشهد لي بذلك كتاباتي في الصحف العراقية والعربية التي انتقد فيها انحراف أصحاب النفوذ والسلطة جهارا نهارا وحيثما كانوا, ومن دون خوف أو تردد, وبصرف النظر عن مواقعهم ومناصبهم وأحزابهم التي ينتمون إليها, لكنني وجدت إن كلامك الممجوج كان محض افتراء على أبناء الجنس البشري عامة, إن لم يكن استفزازا وتطاولا صارخا على أخوانك في الانتساب إلى مهد الحضارات, والى معدان الحضارة السومرية الذين علموا الناس أصول الكتابة والتدوين, قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون). سبحان الله العظيم, الذي يرى حالنا لا يكاد يصدق أن هذه آية في قرآننا, نزلت علينا نحن المسلمين بكل ما تحمل من تحذير ونهي شديد عن هذه السلوكيات الذميمة, ولا يكاد يصدق أننا نتلوها فلا نتأملها, وتطرق أسماعنا, ولكن لا نعيها بكل أسف. ولا أكاد اصدق ما أنت فيه يا حسون من مخالفة صريحة لهذا النهي الإلهي, فها أنت تسخر من أبناء وطنك, وتنتقص من فقرهم, وتشمت بهم, وترى نفسك أفضل من أبناء العمارة وأبناء القبائل العربية الأصيلة من بيضان وسودان وسواعد وفريجات وبني مالك وتميم والبو محمد وخفاجة وبني ركاب وعبوده وبني زيد وبني حجيم, فجاءت مقالتك ممتلئة بكلمات الهمز واللمز, والنكت والتعليقات الجارحة, تطلقها على سكان الاهوار, وتعد نفسك أفضل منهم حسبا ونسبا, ثم تتهمهم بالتسبب بدمار البصرة وخرابها.

ونظراً لأن هذا الأمر خطير, وعاقبته سيئة, فقد حذرك الله تعالى يا حسون, وناداك بنداء الإيمان (يا أيها الذين آمنوا), وهو نداء تلطف ورحمة, أي يا من اتصفتم بهذه الصفة العظيمة, التي اجتمعتم عليها, وانضويتم تحت لواء الإيمان, لا الحسب, ولا النسب, ولا المال, ولا الجاه, ولا اللون, ولا غيرها. فالناس يا حسون كنفس واحدة, وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان, أي بئس أن يسمى الإنسان فاسقاً بعد أن صار مؤمناً. فما بالك وأنت تكيل الشتائم للناس الذين تعرضوا ومازالوا يتعرضون للظلم والتعسف, فلا ماء لديهم ولا كهرباء, ولا دواء, وكانوا هم الذين يساقون إلى جبهات القتال ليدافعوا عن العراق وأهله. ويذودون بالدفاع عنك وعني.

إلا ترى يا حسون ان المستشرق البريطاني (ولفريد ثيسغر) كان أفضل مني ومنك ؟, فقد أفنى زهرة شبابه بين سكان اهوار جنوب العراق, وكتب عنهم كتابه الشهير (قصبة في مهب الريح), ثم توسع في كتاباته, فألف مجلدات زاخرة بالمعلومات الحضارية, وكانت تحمل عنوان (المعدان), أولم تعلم يا حسون إن معظم أنبياء الله كانوا من أبناء الحضارة السومرية ؟, ويمكن تصنيفهم حسب منطق علماء السلالات البشرية (من المعدان), فلا فرق بين المعيدي والسومري, لأن كلاهما يمثل الآخر, ألا تعلم يا حسون إن سيدنا إبراهيم كان من أبناء (أور), وان سيدنا العزير كان من أبناء (ميسان), وان سيدنا نوح كان هو الرجل الذي سار على الماء في ملحمة جلجامش. أولم تدري يا حسون ان جلجامش نفسه كان من المعدان. وانك أنت يا حسون مازلت وعلى الرغم من تعجرفك تتكلم السومرية من دون أن تدري ؟.

إذا لم تصدقني اقرأ بحثي المنشور على الشبكة الدولية بعنوان (مفردات سومرية شائعة). أتعلم يا حسون إن الجاموسة (الدوابة) التي يعتاش من لبنها المعدان كانت شعارا للدولة العراقية ؟. ألم تر الثور المجنح, فإذا رايته تمعن في شكله الخارجي, واحسب أرجله فانك ستكتشف لأول مرة في حياتك يا حسون انه يمتلك خمسة أرجل. انظر إليه جيدا فقد رسمه المعدان في العصور الغابرة من دون أن يدعوك تحس بوجود الرجل الخامسة. الم تسمع يا حسون بالكاتب البريطاني (كيفن يونغ) صاحب كتاب (عودة إلى أهوار العراق), والذي يتفاخر فيه كبريطاني بانتسابه وانتساب الكون كله إلى معدان العراق, ألا تعلم إن عبارة (مهد الحضارات) تعني المهد الذي ولدت فيه أولى السلالات البشرية ويقصد به هنا هور العمارة والناصرية, وان سيدنا آدم هبط في هذه البقعة المباركة, وأطلق عليها اسم (جنات عدن). ألا تخشى الله يا حسون وتكف عن قذف الناس, وتمتنع من التعالي عليهم. فنحن يا حسون لا نتذمر في العراق من أهلنا في الهور أو في البادية أو في الجبل, ولا نتكبر عليهم, لكننا نتذمر ومازلنا نتذمر من قطعان الأغبياء والأميين وأنصاف المتعلمين والمجانين والمتغطرسين الذين لا يعرفون ألف باء الحضارة العراقية التي تسيدت العالم في العصور السومرية والبابلية والكلدانية والآشورية والأكدية, أنت يا حسون وأمثالك من حكام العراق الجدد هم الذين فرطوا بتاريخنا, وأضاعوا حقوقنا, واستباحوا تراثنا, واستخفوا بنا, وتهكموا علينا, وسرقوا ثرواتنا, وسفكوا دمائنا, ونهبوا أموالنا, اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا يا رب.

واعلم يا حسون إن أفضل ما قاله جان جاك روسو, هي كلمته التي قال فيها : (ما ابلغ الفاجرة حينما تحاضر في العفة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق