الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

الجبهة الديمقراطية .... جبهة اليسار.... وتحديات الواقع


وسام فتحي


مع احترامي لكل الآراء التي تعمد إلى الانتقاد البناء وليس الانتقاد لمجرد الانتقاد وسلخ الآخرين وإظهار العيوب والنواقض دون إظهار تاريخ المقاومة والنضال لفصائل منظمة التحرير، وفي إطار ردي على مقالة علي دراغمة بعنوان " اليسار الفلسطيني يتحد أم يتلاشى ؟.."، بأن مقاله يحتوي على مغالطات لا أدري من أين مصدرها، فكان من الأولى له قراءة مواقف الجبهة الديمقراطية وجبهة اليسار ويطلع على مبادراتهما، فيبدو انه يجهلهما.

لعبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها عام 1969، دوراً بارزاً في النضال الوطني الفلسطيني، وتبنت الفكر اليساري نهجاً لها، فقد جمعت بين النضال والسياسة وربطت بين سلاح السياسة وسياسة السلاح. حيث أنها قدمت رؤية برنامجية متكاملة تربط بين المسألة الوطنية والاجتماعية. وتعتبر أولى القوى التي حاولت البحث عن حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تقوم على قرارات الشرعية الدولية بطرحها البرنامج المرحلي "برنامج النقاط العشرة" عام 1974، الذي يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان الرابع من حزيران 1967، وحق شعبنا الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، وحقه في تقرير المصير، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها. وقدمت الجبهة آلاف الشهداء والأسرى والجرحى في معركة النضال التحرري، واعتمدت الكفاح المسلح أسلوباً نضالياً أساسياً ونفذت العشرات من العمليات الاستشهادية والتي كان أبرزها عملية معالوت- ترشيحا 1974 في نفس العام التي طرحت به البرنامج المرحلي، كما نفذت أول عملية اقتحام للمستوطنات والتحصينات الإسرائيلية بقطاع غزة في عملية "مرغنيت" البطولية عام 2001 في بداية انتفاضة الأقصى "الانتفاضة الثانية" حيث اعترف الاحتلال بدلالتها.

لم يكن تعاطي الجبهة الديمقراطية مع السلطة الفلسطينية القائمة، من أجل مكاسب ومطامع فئوية أو شخصية كما يدعي البعض، بل من أجل تجاوز اتفاقات أوسلو المجحفة، ومن منظور تحمل المسؤولية المشتركة مع فصائل المقاومة الأخرى المتعلقة بالقضايا المصيرية للشعب الفلسطيني وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

شكلت الجبهة الديمقراطية والقوى اليسارية الأخرى وإياها إطاراً جبهوياً عريضاً يضم القوى الفلسطينية اليسارية الثلاث وهي " الجبهة الديمقراطية + الجبهة الشعبية + حزب الشعب الفلسطيني" وحمل اسم "جبهة اليسار الفلسطيني" كبداية في إطار الجهد لتوسيع هذا الإطار ليضم كافة الأطر الديمقراطية الأخرى والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني. والذي يتبنى في طياته تعزيز الوحدة الوطنية باعتبارها صمام الأمان، والبرنامج الوطني الفلسطيني الموحد، والقرار المستقل عن كافة الأجندات الإقليمية والدولية.

تتبع الجبهة الديمقراطية خلال مؤتمراتها نظام المراجعة النقدية الشاملة كمبدأ أساسي كرسته في سلوكها ونهجها، لتجاوز أخطاء وعقبات كل مرحلة سابقة، ليس في إطارها التنظيمي فحسب بل في إطار جبهة اليسار. فالجبهة الديمقراطية لها سياستها ورأيها المستقل بما يخدم شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية وترفض التدخلات الخارجية بشؤون شعبنا، وتحلل الواقع وبما تتطلبه الحالة الفلسطينية عبر نقاشات داخلية في أطرها التنظيمية ومع القوى والفصائل الأخرى.

تناضل الجبهة الديمقراطية مع القوى الديمقراطية الأخرى من اجل نظام سياسي ديمقراطي قائم على برنامج القواسم المشتركة، يتبنى مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبنسب حسم لا تتجاوز 1.5%، في انتخابات المجلس التشريعي والمجلس الوطني ومؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، للخروج من أزمة النظام السياسي الفلسطيني القائم، والعمل على تطويره باعتماد نظام التمثيل النسبي الكامل بنسبة 100% بما يعزز التعددية السياسية ويضمن مشاركة الكل الفلسطيني في صنع القرار السياسي الفلسطيني بما يتناسب مع حجم نفوذه الجماهيري، باعتبار أن السلطة تحت سلطة الاحتلال، وان الوطن والشعب يمر في مرحلة تحرر وطني وليس في مرحلة ما بعد الاستقلال. فقد جربنا انتخابات السلطة الفلسطينية عام 1996 والتي جرت بقوانين احتكارية أدت إلى تفرد حركة فتح في السلطة، وجربنا أيضاً انتخابات 2006 والتي ولدّت تفرد حركتي فتح وحماس في بناء صفقات المحاصصة، وما نتج عن اتفاق مكة الثنائي 2007 والذي أدى إلى تولد صراع على السلطة وتقاسم النفوذ مما نتج عنه فصلاً وانقساماً بين شطري الوطن وتفرد كلاً من فتح وحماس بشطريه.

لعبت الجبهة الديمقراطية وما زالت تلعب دوراً هاماً في رأب الصدع وإنهاء حالة الانقسام السياسي واستعادة الوحدة الوطنية بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة عبر الحوار الوطني الشامل، على أساس التصالح والتكاتف على قاعدة القواسم الوطنية المشتركة وبالأحرى وثائق الإجماع الوطني، وعليه قامت بالعديد من التحركات الجماهيرية وقدّمت المبادرات المتوالية ومنها مبادرتها في 4/7/2007، ومبادرتها مع الجبهة الشعبية في 27/10/2007، ومبادرتها أيضاً مع الجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي في 6/12/2007، ومبادرة القوى والفصائل والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني بـ 2/4/2008. ودعواتها إلى اعتماد جلسات الحوار الوطني الشامل في القاهرة وما نتج عنها في أعمال اللجان الخمس في شباط / آذار 2009، للخروج من حالة التشرذم والانقسام التي لا يستفيد منها سوى الاحتلال الإسرائيلي. حيث اعتبرت الأساس الوطني المشترك هو وثيقتا إعلان القاهرة في مارس/ آذار 2005، ووثيقة الوفاق الوطني "وثيقة الأسرى" في يونيو/ حزيران 2006، باعتبارهما من أبرز وثائق الإجماع الوطني التي أجمعت عليها الفصائل والقوى كافة، وتنصلت من تطبيقها حركتي فتح وحماس وبما يخدم مصالحهما.

أما حول دخول الجبهة الديمقراطية في حكومة د.سلام فياض "الحكومة الثالثة عشر"، بوزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلة بعضو المكتب السياسي للجبهة ماجدة المصري، فإنها تهدف إلى تعزيز الدور التمثيلي لـ م.ت.ف.، وعدم ترك الجماهير فريسة لسياسات السلطة، فدخولها يأتي في إطار محاولة الجبهة تصويب سياسة السلطة وعوضاً عن المراقبة والانتقاد من الخارج وبدل رهن المصير الوطني ومصالح الناس بحسابات فئوية قد تؤدي إلى استدامة الانقسام، ومن أجل إحراز تغيير جذري في حياة المواطنين ومصالحهم اليومية وتقديم انجازات عديدة لصالحهم ودعم مشاريع تحد من الفقر والبطالة.

20/10/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق