الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

إخوان مصر والمرأة: تلوّن.. للخلف


محمد طعيمة

حينما قُبض على الكاتب الراحل عادل حسين وظهرت صورة زوجته وابنته بالزميلة (الشعب) في فترتها "الإخوانية"، إنهالت إنتقادات "قواعد" الجماعة على الجريدة: لماذا تنشرون صور قديمة لعائلة الإستاذ؟!
لم تكن الصور قديمة.. فهما لم تكونا محجبتان.
لم يكن عادل، رحمه الله، استثناء بين نشطاء جماعة البنا في إحترام حرية اختيار "نسائهم" لملابسهن.. ليغيب الحجاب عن "أدمغة" زوجات وبنات وأخوات مرشدين وأعضاء بمكتب إرشاد الجماعة التي حولت "عورة المرأة" و"نقصانها" و"قرارها بمنزلها" إلى هدف رئيسي في مباراة توظيفها للإسلام.
تغييب إخوان البنا للمرأة يعود إلى جذور نشأة الجماعة وتأثرها "المباشر" بـ"تخريجات" محمد بن عبد الوهاب حليف آل سعود في صفقة التحالف مع الغرب لترسيخ "توظيفات" محددة للدين تقود المسلمين إلى مزيد من التخلف، وهو موقف إن لم يصل إلى درجة "الدونية" التي تتفاقم في نظرة الوهابيين للمرأة إلا انها تخرج "عموم" النساء من الحياة الإجتماعية بينما تسمح لعدد من "القريبات/ الأخوات"، بحياة مُنفتحة نسبياً إجتماعياً.
تساهل/ تناقض تجاه "إلزامية" حجاب قريبات "بعض" قيادات الجماعة يتناقض بدوره مع موقف "إخوان مصر" من مشاركة المرأة السياسية الذي يتشابه مع موقف الوهابيين وإخوان الخليج، ويتناقض، ثالثاً، مع موقف "إخوانيات" المغرب العربي وسوريا ولبنان والعراق.
يرفع كل الإخوان شعار: الإسلام هو الحل. إسلام، مع الجماعة الأم، يرفض ما يسميه "قوامة" المرأة على الرجل سياسياً ووظيفياً، لا لرئاستها للدولة ولا لتوليها القضاء. إسلام، أو إسلامات، مع "إخوانيات" الشام والمغرب العربي.. يسمح لإمرأة، ابنة مراقب إخوان المغرب، بالقوامة السياسية وبقيادة الجماعة حتى الصدام مع الملك.. بسلطته الدينية وفقا للدستور الذي شاركوا "هم" في صياغته، ليصبح لقبه الرسمي أمير المؤمنيين. إسلام يسمح لـ "أخوات" بالترشح والفوز بعضوية مجلس شورى الجماعة المغربية.. وبالمشاركة في صناعة قرارها السياسي. تماماً كما يسمح لإمرأة موريتانية بقيادة أول حزب إخواني، هناك، في مرحلة تأسيسه، وألا يجد إخوان موريتانيا غضاضة في مناداتها: "حضرة الرئيسة".. في حضور إخوان مصريون وعرب ومهاجرون.
ثلاثة نماذج من "إخوانيات" مختلفة.. فأيها هو الحل؟
حيرتك ستتفاقم إذا رصدت موقف "إخوان رابعة" من الحقوق الإجتماعية للمرأة، بما فيها المواطنة الكاملة مثلها مثل الرجل.
من قبل فهمت تصريحات لرأس إخوان تونس، راشد الغنوشي، عن إحترام "جماعته" للحريات الإجتماعية للمواطنين على انها مُصدرة للغرب.. و"تقية". لكن الموقف الأخير لحركة النهضة التي يقودها الغنوشي كان فارقاً، ولو طرح على "قواعدهم" بمصر والخليج لأحدث صدمة "ثقافية/ عقيدية". فالحركة، التي تمثل مكوناً رئيسياً من التنظيم الدولي للإخوان، عبرت رسمياً عن "إعتزازها" بـ"مكاسب" مجلة/ قانون الأحوال الشخصية.. و"وجوب" الحفاظ عليها و"تطويرها". "مكاسب" المجلة/ القانون تنص على مساواة المرأة بالرجل والزواج المدني وحق المرأة في طلب الطلاق.. و"تجريم" تعدد الزوجات. ونتوقف بشكل خاص عند الزواج المدني، لأنه يشمل ببساطة، تقنين زواج مُختلفي الدين.
قبل أيام، لوكالة الانباء الفرنسية أكد (نور الدين البحيري) احد مؤسسي (النهضة) التاريخيين: "انه لا يوجد إسلامي يدعي رفض مجلة الاحوال الشخصية". مشدداً على: "ان موقف الإسلاميين شهد تطوراً نوعياً، فلا حديث الآن عن المكاسب التي تحققت، خاصة مجلة الاحوال الشخصية".
"تطور" أو "تلوّن"، النتيجة ان شعار (الإسلام هو الحل).. مطاط بدرجة مذهلة لنا، مربكة لـ"القواعد"، ولدرجة تكشف عن تعدد "الحلول".. و"الإسلامات". لكن السؤال الذي يجب ان يوجه لإخوان مصر: لماذا "تلوّنكم" دائماً هو الأكثر تحجراً ورجعية.. عربياً.

15 نوفمبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق