الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

السلام المؤقت


هاني العقاد
الصراع العربي الإسرائيلي صراع طويل الأمد , و هو صراع فريد من نوعه إذ أن القوي المحتلة لا تعتبر خططت لهذا الصراع لان يكون طويلا حتى يتسنى لها تحقيق أهدافها بالكامل في الأراضي الفلسطينية  و العربية..! , و لعل هذه فلسفة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية و العربية و إقامة دولة اليهود المزعومة من النيل إلى الفرات . تتداول بعض الأوساط السياسية بالمنطقة اليوم فكرة الحل المؤقت و فكرة تجزيء الصراع الطويل على أساس منح الفلسطينيين دويلة بدون حدود ولا قدس كعاصمة ولا حل لكافة قضايا الثوابت الفلسطينية بل على العكس , يهدف هذا الحل تأجيل بحث كافة
 القضايا النهائية إلى عشرات السنوات بالمستقبل أي عندما تنضج أجيال تدعم فكرة السلام  المنقوص و أجيال تقبل فروض الواقع الدولي والأمر الواقع و تقبل ببحث ما تبقي من هذه القضايا أو إلغائها نهائيا و الاكتفاء بما غنمت أيديهم . لقد جرب الشعب الفلسطيني الحلول المؤقتة و المرحلية وجرب معها الضمانات الزائفة  للعالم المتحضر و جرب معها معاهدات سلام محدودة و شاملة تقود في النهاية إلى سلام شامل حسب تعريفها, قد لا تعني شيء للمحتل ولا يكترث باحترامها ولو لحين لأنها قامت في ظل سلام مؤقت و مرحلي ,و شنت أكثر من حرب في عهد السلام كانت أكثر ضراوة من
 الحروب في عهد الحروب و النزاع المستمر و ارتكبت العديد من الجرائم و المذابح في حضور اتفاقيات السلام بل وحوصرت البلاد و ضرب حائط طويل يمنع العباد من التواصل مع بعضهم و مع أراضيهم التي سلبها الجدار العنصري , في عهد السلام المؤقت اغتيل زعيم و قائد و ثائر و عملاق العمل الفدائي الفلسطيني و عملاق العمل الوطني و صاحب شعار سلام الشجعان بتخطيط ودهاء صهيوني رهيب, وفي عهد السلام المؤقت اشتدت ضراوة حرب التهويد و الاستيطان حتى وصلت إلى طرد الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم بحجة ملكية زائفة لليهود في البيت الفلسطيني...! و في عهد السلام المؤقت
 أقيمت المئات من الحواجز العسكرية الاحتلالية بمدن و قري الضفة الغربية  و استخدمت كمصايد أمنية و فلاتر بشرية تستطيع قوات الاحتلال الإسرائيلي انتقاء من يريد انتقاءه من الفلسطينيين و اعتقاله بسهولة و يسر , و في عهد السلام المؤقت تحولت الأرض الفلسطينية إلى سجون كبيرة تحيط بها الأسلاك الشائكة من  كل جانب .  إن كان الحل المؤقت للصراع  في عهد اوسلو  جاء بكل هذه الجرائم لترتكب من قبل إسرائيل و جيشها النازي العنصري فماذا سيكون حال الحل المؤقت الثاني  ولا أي أهداف جديدة يسوق له و تعقد الاجتماعات السرية في بلدان  لا تظهر فيها الشمس و أي من
 الجرائم سترتكب في كنفه و أي المخططات الصهيونية ستستكمل تحت ستار هذا الحل, ولعل الحل المؤقت يسوق له اليوم بطريقة خبيثة تبني على واقع الحال الفلسطيني  حيث الانقسام الفلسطينيينى هو الأداة الخطرة  التي من خلالها يمكن إيلاج فكرة هذا الحل إلى عقول الساسة و أصحاب الأحزاب الفلسطينية التي يعنيها ذاتها أكثر من ذاتية الوطن و أفراده. إن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وذات حدود معترف بها دوليا يضمن اشتمال القدس العربية في الحل و يضمن حماية مقدسات المسلمين ببيت المقدس ويضمن بقاء و حماية كافة الثوابت الفلسطينية من الزوال و التقادم  هو الحل
 الذي يضمن سلاما أطول و يضمن استمرار حالة السلام الدائم لان الحل كان شاملا و لم يستثني معه أي من القضايا الرئيسية التي تعتبر من ثوابت العمل الوطني الفلسطيني , فقضية اللاجئين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تبقي بلا حل حتى و إن قامت الدولة الفلسطينية و لا يمكن لأي فلسطيني مهما كانت صفته الاعتبارية التنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين و بالتالي فان إيجاد حل عادل لهذه القضية الرئيسية يضمن استمرار حالة السلام بين الشعبين المتجاورين . إن كانت إسرائيل لا تريد السير في طريق السلام  الدائم الذي يضمن تعايش الشعبين  في دولتين  مستقلتين و
 يضمن استقرار المنطقة بالكامل ويوفر أجواء طبيعية تضمن نمو طبيعي لموارد الدولة الفلسطينية الاقتصادية و نمو طبيعي لسكانها دون التأثر بالحروب و كوارثها فان على إسرائيل التيقن أن السلام المؤقت لا ينفع مع الفلسطينيين ولا يوجد فلسطيني واحد يستطيع القبول بهذا الطرح أو حتى التفكير فيه , وان كانت إسرائيل ستبقي على إصرارها ببقاء سياسة الاستيطان كما هي, فان البديل لدي الفلسطينيين  بات في متناول اليد لان العالم الحر واتجاهات من القوي المركزية بدأت لا يعجبها التعنت الإسرائيلي و بقاء السلام و استقرار المنطقة بيد إسرائيل  وحدها ,و بالتالي
 أصبحت تتفهم توجه القيادة الفلسطينية للمجتمع الدولي لإقرار الدولة  المستقلة  على حدود الرابع من حزيران 67 و  استصدار قرار دولي  يدعم إقامتها من قبل مجلس الأمن و الأمم المتحدة   و معترف بحدودها و شرعية وجودها على الأرض الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق