الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

حيِ على العمل ... يا عرب




حسن راضي


كتبت و مازال تكتب الآلاف من المقالات في الجرائد و الصحف المطبوعة و الإلكترونية عن إيران و سياسته التوسعية و خطورته و تدخلاته و تخريبه في الدول العربية, اضافة على الأصوات الحرة التي تكشف و تفضح إيران و جرائمه في الفضائيات العربية و غيرها, حتى وصل الحديث بهذا الشأن إلى تكرار المكرر. و أضحى شبه إجماع عند معظم أبناء الشعب في الوطن العربي بان إيران بلد عدو متلبس و مختفي وراء شعاراته الفارغة التي اصبحت مكشوفه و مفضوحة لدى القاصي و الداني و له مشروع توسعي يستهدف الأمة العربية و ثرواتها و أمنها و استقرارها من خلال أدواته التي هي أيضا أصبحت مكشوفة, كانت تلك الأدوات طائفية أو عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو دعائية.
الكل يشكو من تلك السياسة الإيرانية و تدخلاتها في الوطن العربي دون أن يفكر برادع أو يعمل للدفاع عن النفس تجاه ما يجري عليه من ويلات جراء السياسة الإيرانية. يا ترى هل جهاز المناعة في جسم الامة العربية قد اصيب بجرثومة و فقد فاعليته؟ أو كثرة الضربات على جسمها من كل صوب لم يعطيها الفرصة للدفاع عن النفس و أفقدها توازنها في الرد السريع و المناسب؟ و هل العرب أضعف من إيران من حيث الامكانيات المادية و المعنوية و أدوات الردع و التصدي؟ و هل إيران دولة عظمى بحجمها و قدراتها الاقتصادية و العسكرية, مقارنة مع العرب كـ امة و دول متعددة؟ لا أريد الخوض في التحليل و التكهن وراء الأسباب و الدوافع التي جعلت الامة العربية غير فاعلة الى حد التفرج بما يجري من ويلات و مصائب و عدوان و تعدي وصل إلى حد كسر العظم. لكن التفكير و التمعن في الأسئلة المطروحة و في بعض القضايا العربية من جهة و إيران من جهة اخرى و النظرة الدقيقة و الموضوعية لإيران و إمكانياته الحقيقية, بدل التهويل و التضخيم و الإنبهار بإيران و بسياساته و قدراته المزعومة قد تغير الموازين معنويا على اقل التقدير لصالح العرب التي تصب عليهم الدعاية الإيرانية و خرافاتها من كل حدب و صوب.
إذا ما قارنا إمكانيات العرب من جهة و إيران من جهة أخرى, و ما يمتلكون من أدوات و أوراق ضغط, نرى أن العرب لديهم من المقومات و الأدوات الهائلة للدفاع عن النفس و ردع الخطر الإيراني, منها القوى البشرية و الإقتصادية و الأدوات السياسية و يتفوق العرب عشرات المرات من حيث الإمكانيات المادية و المعنوية على إيران بكل المقاييس. و بالمقابل تعاني إيران داخليا من ضعف وتشتت بنيوي و عرقي و طائفي و ديني و سياسي خطير للغاية, ناهيك عن صراعها مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي و سياستها التوسعية التي تريد أن تفرض نفسها كقوة إقليمية على حساب مصالح دول المنطقة لتقاسم الدول الكبرى مصالحهم السياسية و الاقتصادية و نفوذهم في الشرق الأوسط.
إيران الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتشكل خارطتها السياسية من تسعة قوميات عرقية مختلفة و متصارعة تتطلع معظم تلك القوميات أو الشعوب إلى التحرر و التخلص من إيران و هم: العرب الأحوازيون, البلوش, الترك الاذربايجان, التركمان, الكرد, الارمن, اللور او البختياريين, الكيلك و الفرس, التي تحكم الأخيرة بقوة القمع و البطش و الديكتاتورية و هم يشكلون الأقلية مقارنة مع مجموع تلك الشعوب. و كما تتشكل خارطة إيران السياسية من أديان و طوائف شتى مثل المسلمين( شيعة و سنة) و الصائبة و المسيحيين و اليهود و الزرادشتيين و البهايين. و من يحكم إيران من بين تلك القوميات و الاديان المتعددة هي قومية واحدة من طائفة واحدة و هي الفرس الصفويين ( التشيع الإيراني) و حكمهم لا يستند الى اي شرعية قانوية كدولة و نظام و حكومات. كما توجد هنالك الخلافات الكثيرة و الصراع السياسي الحاد على السلطة في إيران منذ ثلاثين عاما الذي خلف الملايين من المشردين من الفرس فقط و العشرات من الأحزاب المعارضة في خارج إيران و داخله, ناهيك عن الشعوب الغير فارسية و التي ترزح للاحتلال الفارسي و هي لها ايضا عشرات الحركات و المنظمات التحررية و يجمعها وحدة العدو و الهدف و الاضطهاد, هذا ما جعلها تتحالف فيما بينها و تتطلع الى مستقبل و نظام خاص بها قوميا و وطنيا و هذا الأمر سيتحقق بعملها و ايمانها و تقترب منه و يصبح بين قوسين أو أدنها اذا ما وجدت من يساندها سياسيا أو إعلاميا حتى تطيح بهذه السلطة التي بنيت على جماجم مئات الآلاف من تلك الشعوب المذكورة. و دعم الشعوب التي تزرح للاحتلال من أجل تحررها هو واجب قانوني و شرعي و أخلاقي على جميع الدول من منظور الأمم المتحدة و ميثاقها و ليس تدخلا بشأن الدولة المهيمنة. الاقتصاد الإيراني هو الآخر يعاني من مشاكل جمة تقنيا و نموءا حيث مبني على تصدير البترول (الأحوازي) فقط و يشكل البترول ما يقارب 80% من الدخل الإيراني و اذا ما توقف ضخ النفط باي سبب, سيتدهور الاقتصاد الإيراني و يتهاوى بسرعة فائقة, ناهيك عن الفساد الاداري و السياسي المتفشي في كل صغيرة و كبيرة من المؤسسات الإيرانية.
إذن إيران هي ضعيفة من حيث البنية الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية. و فسيفساتها العرقية و الدينية و الطائفية المتناقضة و المتصارعة تشكل نقطة ضعفها القاتلة. و نظامها هش بسبب لا شرعيته و عدم قبوله من قبل الأكثرية الساحقة في جغرافية إيران. و فلهذا تحاول إيران باستمرار أن تفرض سيطرتها على وضعها الداخلي من خلال عرض عضلاتها على الدول الجوار و المنطقة و تصدر أزماتها و مشاكلها الداخلية إلى الدول الأخرى.

و الدول العربية لديها الامكانية و القدرات لمواجهة الشر الإيراني و التخلص منه إلى الأبد و ذلك من خلال مقابلة المشروع الإيراني بالمثل و مقارعته في قعر داره. و هذا يعتبر دفاع عن النفس و أهم إستراتيجيات الحروب و المواجهات تؤكد على إن أهم وسائل الدفاع هو الهجوم مما له من فوائد عديدة. و أهم فوائده هو نقل المعركة و المواجهة إلى ارض الخصم و إنشغاله بذلك الامر حتى لا يحصل على اي فرصة للتمدد و التخريب في العمق العربي. و هنا لا اعني بان المشروع يجب أن يكون مشروعا عربيا موحدا - ولو هذا يبقى طموحنا و أملنا-, لكن كل دولة عربية بمفردها أو بتعاون مع الأخرى تستطيع أن تكبل إيران خسائر فادحة و ترد الصاع الإيراني بصاعين و أكثر و ذلك بدعمها للحركات التحرر في الأحواز مثلا أو في مناطق الشعوب الرازحة للاحتلال الإيراني.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق