الأحد، 4 أبريل 2010

العراق: استمرار النزوح الجماعي


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
     أين الخطأ في هذه المعضلة؟ ثماني سنوات بعد الاحتلال الأمريكي، واستمرار مرحلة الانسحاب الأمريكي الجارية، والانتهاء من إجراء الانتخابات هذا الشهر (7 مارس)، حيث تأمل إدارة اوباما إلى أن تؤشر إلى إغلاق ملف الاحتلال/ التدخل الأمريكي في العراق.. ومع ذلك ما زال هناك لاجئون أكثر يتركون بلادهم مقارنة بالقادمين من الخارج، وذلك طبقاً لآخر تقرير صدر الأسبوع الماضي عن المفوضية العليا لشئون اللاجئين للأمم المتحدة UNHCR. كان 24 ألف لاجئ عراقي محل توطين في الدول الصناعية العام الماضي (2009).. لكن هذه الإحصاءات لم تتضمن اولئك ممن عبروا باتجاه سوريا أو الأردن، حيث بلغوا أعداداً كبيرة في الماضي دون أن يكونوا محل تغطية استطلاعات الأمم المتحدة.. ووفقاً لمعهد Brookings، هناك حالياً 1.2 مليون لاجئ عراقي في سوريا، وبحدود 450 ألفاً في الأردن.
     لكن عدد العائدين من اللاجئين- على أساس مقياس معياري لمن هم مقتنعون بأن الحياة تعود إلى وضعها الطبيعي في العراق- كان منخفضاً العام الماضي، وبقي كذلك حتى الوقت الحاضر. تقول الأمم المتحدة بأن 20000 (عشرين ألفاً) من اللاجئين العراقيين عادوا السنة الماضية، مضافاً إليهم عودة ألفي لاجئ عراقي من السويد- إحدى الدول المضيفة الرئيسة في الغرب..
     إذن، مَنْ ما زال يشعر بقدر كافٍ من التهديد، ويرغب في ترك البلاد!؟ إنهم المجموعات الثقافية الصغيرة الدينية والإثنية غير المسلمة الذين يمثلون نسبة عالية وغير متكافئة من اللاجئين المسجلين.. منذ العام 2003  بدأت محاولات تحطيم هذه المجموعات الثقافية وإزاحتهم من البلاد: الكدان الكاثوليك، الآشوريين الارثذوكس، اليزيديين، الصابئة المندائيين، والتركمان.. الجالية العراقية المسيحية، على سبيل المثال، واحدة من أقدم الجاليات في العالم، كانوا، بشكل رئيس، هدفاً مباشراً ومستمراً من قبل المتطرفين (الإسلاميين) لطائفة (الأغلبية).. تعرضوا ولا زالوا للقتل، الاختطاف، الضرب، التعذيب، التهديد، وإجبارهم على الهروب من البلاد.. كما أن العديد من كنائسهم قد قُصفت، وملكياتهم قد حُطّمت، عليه فإن أعدادهم قد هبطت من 1.4 مليون قبل الاحتلال إلى أقل من 500 ألف بعد الاحتلال!!
     دافع واحد يظهر على السطح: في ظل النظام العراقي السابق، لم يواجه أو يعاني مسيحيوا العراق من التميز.. تُركوا  في حالهم كمجموعة ثقافية، وعاشوا في ظل المساواة مع بقية الناس بمختلف أفكارهم ومعتقداتهم.. أما الآن فهم يدفعون الثمن.. شُخصوا وفق نفس نظرة الإسلاميين المتطرفين إلى طارق عزيز- وزير خارجية النظام العراقي السابق، والكلدان الكاثوليك- أكبر مجموعة ثقافية غير مسلمة.. لكن العامل الآخر يكشف عن التصميم الواضح لعناصر طائفة (الأغلبية) تحطيم النسيج التقليدي المتعدد المذاهب والأديان للمجتمع العراقي لصالح بناء دولة (إسلامية)..
      لا تملك المجموعات الثقافية الصغيرة المليشيات أو بنية عشائرية للدفاع عن أنفسهم.. كما أن حكومة الاحتلال في بغداد لم توفر لهم حماية كافية حتى في حدودها الدنيا، علاوة على أن المسيحيين في العراق ابتعدوا عن طلب الحماية الأمريكية لتجنب تعزيز الإشاعات بتعاونهم مع المحتل.. وهكذا تم تهميش المجموعات الثقافية العراقية الصغيرة وبشكل كبير من قبل حكومة الاحتلال الحالية الطائفية، رغم  تخصيص ثمانية مقاعد لهم في "البرلمان" البالغ عدد أعضائه 352 في دورته الجديدة المقبلة..
     العديد من اللاجئين يمكن أن يأملوا شيئاً في النجاح المفاجئ الذي حققه أياد علاوي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. وذلك لما يُقال عنه بأنه سياسي بعيد عن الطائفية.. ولكن، سواء فوزه الضئيل سيمكنه من أن يتولى رئاسة الوزراء، أو ما يستطيع أن يفعله.. سيفعله.. فهما مسألتان محل مراهنة بالعلاقة مع ضمان أمن الناس (المهجرين) سواء في استوكهلم أو دمشق..
ممممممممممممممممممممـ

Iraq: The Exodus Continues,Roland Flamini,uruknet.info, March 29, 2010.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق