الأحد، 4 أبريل 2010

الجبهة الديمقراطية ..... بمواقفها انقلب السحر على الساحر


د. عبد القادر إبراهيم حماد
كاتب وأكاديمي واستاذ جامعي فلسطيني
فشلت المحاولات التي قام بها صديقي الصحافي للتأكد من إلغاء الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لحفلها السنوي لتكريم الصحافيين والكتاب والمثقفين في ذكرى انطلاقة الجبهة من كل عام، حيث أن الإجابة من ذات الرقم المرسل أنه لا يستقبل مكالمات، فلم يجد بدا من التوجه بنفسه ليفاجئ بالحشد الهائل من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام والكتاب والمثقفين الذين تلقى معظمهم ذات الرسالة المشبوهة.
إن هذه المحاولة والتي انقلب فيها " السحر على الساحر " تؤكد بما  لا يدع مجالاً للشك أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والتي يتغنى دوما بديمقراطيتها ومواقفها الحكيمة التي لم تتبدل ولم تتغير منذ أن طرحت مواقفها المعلنة لحل عادل مشرف لقضيتنا الوطنية وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية والقراءة الصحيحة المتأنية للمواقف الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية أصبحت هي العنوان الذي يمكن من خلاله أن نحافظ على وحدة شعبنا ووحدة ممثله الوحيد ممثلاً في منظمة التحرير الفلسطينية.
إن الالتفاف الجماهيري حول الجبهة الديمقراطية يحمل دلالة سياسية على قدر كبير من الأهمية، تؤكد مدى النفوذ السياسي للجبهة الديمقراطية في صفوف الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، ومقاومته المسلحة، وحقيقة الدور الذي تلعبه في رسم مصير القضية الوطنية الفلسطينية ومستقبلها، ومستقبل حقوق شعبها، القومية والوطنية.
لقد حازت الجبهة الديمقراطية على هذا النفوذ، واحتلت هذا الدور ليس بفضل رسائل مشبوهة عبر هاتف محمول أو بيان في موقع مجهول بل بفضل تضحيات شهدائها، وجرحاها، وأسراها ومناضليها جميعاً، وبفضل سياستها الحكيمة، المنطلقة على الدوام، من مصالح شعبنا وفي خدمة قضيته وحقوقه الوطنية.
لقد أصبح المواطن العادي والبسيط يعاني من مأساة كبرى من كثرة ما يشاهده ويقرأه ويلمسه من مواقف متغيرة لبعض الجهات التي لا تتردد في أن تحول حبة صغيرة في مصانعها الداخلية إلى قبة كبيرة تغلفها بغطاء من الوهم الذي يزيف الحقيقة، وهو الدور الذي نأت الجبهة الديمقراطية  بكافة قياداتها وكوادرها عن ممارسته والقيام به بعد أن خطت لنفسها منهجاً واضحاً منذ البداية أساسه الصدق مع شعبها على اختلاف أطيافه وألوانه، ما أكسبها هذا الزخم الجماهيري، والصلابة في مواقفها الوطنية والقومية  مستعينة بالتفاف الجماهير الفلسطينية حولها.
لقد تناسى اؤلئك الذين أرسلوا رسالة مشبوهة عبر هاتف محمول، أو نشروا إعلانا في موقع بعينه عن مقاطعة الصحافيين لحفل التكريم بشكل مجافي للحقيقة، أن هذا العمل يتنافى مع أخلاقيات مهنة الصحافة ورسالتها السامية والنبيلة، كما أنه يتعارض والعمل الوطني الصحيح بكافة تفاصيله.
يبدو أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي كانت ولازالت جزءاً هاماً من المنظومة السياسية الفلسطينية لكونها من الفصائل الرئيسية في المقاوم ومنظمة التحرير الفلسطينية بكل تاريخها النضالي الطويل باتت مواقفها  التي ساهمت في حماية المشروع الوطني الفلسطيني والقرار الفلسطيني المستقل لا تروق للبعض فلم يتوان عن محاولة فاشلة لتعطيل احتفالية خاصة بنخبة هامة من أبناء شعبنا وهذا إن دلل على شئ فعلى الموقف الصائب للجبهة التي كانت دائماً منحازة للمشروع الوطني وحمايته، وتأكيدها الدائم على وحدانية المرجعية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
لقد حرصت الجبهة الديمقراطية دوماً على تعزيزَ صمودُ شعبنا وتوفيرُ مقوماتُ مواجهته للعدوان الإسرائيلي عليه  ودفاعهُ عن ثوابتهِ الوطنية، انطلاقاً من إدراكها التام بأن الوحدة الوطنية الصادقة هي السياج الذي يكفل لشعبنا انتصاره بل هو أهم شروط تحقيق الانتصار، وليس وضع العصي في الدواليب وفق نظرة ضيقة.
إن الجبهة الديمقراطية بإصرارها على أنه لا أمل في عودة الأمور إلى نصابها الطبيعي إلا بإنهاء الانقسام سيما وان "إسرائيل" هي المستفيد الأول منه في حين أن الفلسطينيين والعرب هم الخاسرون، والعودة إلى حوار شامل وان يتم طرح الورقة المصرية للتوقيع عليها وتنفيذ ما جاء فيها شرط أن تكون المصالحة شاملة وليست ثنائية بين فتح وحماس هي مواقف تحسب للجبهة التي لم تغير من مواقفها الوطنية والقومية قيد أنملة وتحت أية ذريعة من الذرائع.
واليوم وفي ذكرى انطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، فإننا كأبناء شعب واحد نقول للجبهة نتمنى لك مزيداً من التقدم، ونتمنى عليك مواقف أكثر صراحة وجرأة لحماية المشروع الوطني ولإنهاء كل الظواهر السلبية التي تعصف بشعبنا ومجتمعنا وخاصة مظاهر الانقسام السياسي الذي أصبح يمثل مشكلة كبرى لكونه أوصل شعبنا إلى حالة اليأس والتدمير التراكمي والذي سوف تكون نتائجه سلبية على الكُل الفلسطيني .
كل التحية للجبهة التي أثبتت دوماً أنها النواة الصلبة والحصن الحصين للحفاظ على ديمومة ووحدة الشعب والمقاومة ومنظمة التحرير الفلسطينية في وجه الرياح والأعاصير، فبمواقفها انقلب السحر على الساحر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق