الأحد، 4 أبريل 2010

أمة عربية من اللاجئين ؟


سعد محيو
 
مأساة اللاجئين العراقيين تتوالى فصولاً: مليون ونصف المليون أو أكثر في سوريا بدأوا يفتقدون إلى الموارد الأساسية للعيش من مسكن وعمل وطبابة، مما قد يضعهم قريباً على جدول أعمال وكالات الإغاثة الدولية. 750 ألف عراقي في الأردن كان معظمهم ينتمي إلى الطبقة الوسطى المتعلمة والمثقفة، وإذ بهم الآن بعد نفاد المدخرات يترنحون على حافة الفقر وقد ينضمون هم أيضاً إلى لوائح وكالات الغوث.
وفي هذه الأثناء، ما يزال مئات آلاف العراقيين ينتظرون أذون الهجرة إلى اميركا وأوستراليا وأوروبا، لكن من دون جدوى. فهذه الدول أغلقت تقريباً باب الهجرة في وجوههم. وإذا ما فتحته فهي تفعل ذلك بالقطارة: بضع مئات كل سنة.

يجب ألا يغيب عن ذهننا أننا نتحدث هنا عن مواطني دولة عربية تمتلك ثاني أكبر إحتياطي نفطي في العالم، وكانت تتمتع حتى السنوات القليلة الماضية بأعلى الدخول ومستويات المعيشة. فإذا بها الآن في أسفل القاع.
لكن هذه المأساة ليست خصوصية عراقية. إنها باتت في الواقع سمة من سمات أمة عربية برمتها. فأينما يممنا وجهنا هذه الأيام، نصطدم فوراً بصور اللاجئين، أو المهاجرين، أو الهاربين العرب المبعثرين في أربع رياح الأرض.
العرب أمة لاجئين
فلسطين عام 1948 دشنت الأفواج الأولى من النازحين. لكن سرعان ما تبيّن ان هؤلاء لم يكونوا ظاهرة منعزلة، بل تحولوا سريعاً إلى نمط أو انموذج انطبق على باقي الشعوب العربية: مليون لبناني هاجروا منذ عام 1975 ولم يعودوا. ملايين المصريين غادروا بلادهم إما إلى المنافي أو إلى الدول الخليجية في هجرة نهائية غير رسمية. ملايين أخرى من الجزائريين والمغاربة اجتاحوا، أو يحاولون اجتياح، أوروبا الغربية، رغم الظروف العنصرية اللاهبة هناك. ثلاثة او أربعة ملايين لاجىء سوداني داخل بلادهم أو على حدود الدول الأفريقية المجاورة. لا بل ثمة أحاديث حتى عن هجرة مواطنين خليجيين إلى كندا وأوستراليا والولايات المتحدة. وهؤلاء ليسوا فقراء يبحثون عن فرص عمل، بل أثرياء يريدون على ما يبدو نمط حياة مختلف.
لماذا بات العرب أمة لاجئين او مهاجرين على هذا النحو؟
لاجئون أم مهاجرون؟
الحروب سبب رئيس بالطبع. الفقر سبب رئيسي آخر. الإكتئاب والقنوط واليأس عنصر لا يجب استبعاده كدافع. وعلى الرغم من أن كل هذه العوامل كانت وراء الهجرات الكبرى في التاريخ، بدءاً من هجرة العرب أنفسهم من شبه الجزيرة قبل الفتح الإسلامي وبعده إلى الهلال الخصيب ومصر والمغرب، إلى هجرة الأوروبيين الضخمة إلى أميركا في القرنين السابع والثامن عشر، إلا أن الهجرات الحالية لها سماتها الخاصة للغاية.
فالعرب المهاجرون حالياً غير مرغوب بهم في البلاد المستقبلة، سواء لأسباب ايديولوجية أو سياسية. وغالبيتهم باتوا لاجئين وليسوا مهاجرين، بما يتضمنه ذلك من فرق كبير في الحقوق والواجبات. ثم إن معظم الهجرات لا تزال تتم داخل المنطقة العربية، إما لدوافع أمنية (سوريا، الأردن) أو اقتصادية
(دول الخليج).
وهذا ما قد يجعل قضية اللاجئين، وإلى حد ما المهاجرين، مأساة كبرى وقنبلة موقوتة في آن. فمن جهة، تفقد دول عريقة كالعراق ولبنان ومصر طبقتها الوسطى التي تلعب عادة الدور الأكبر في توازن المجتمع وتقدمه. ومن جهة ثانية، تهدد الضغوط الديموغرافية في العديد من الدول المستقبلة بتمزيق النسيج الإجتماعي الهش أصلاً فيها.
ما الحل؟
ثمة حل وحيد: أن يتذكّر العرب مجدداً أنهم.. عرب، أنهم أمة واحدة، وأن يتصرفوا على هذا الأساس، في الإقتصاد كما في الإجتماع كما في السياسة.
هذا بالطبع إذا ما أرادوا ألا يبقوا "أمة لاجئين" أو أمة "شحاذين"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق