الخميس، 22 أكتوبر 2009

الليبي الذي أنصفَ اللعيبي

كاظم فنجان الحمامي

الليبي هو العقيد البحري (بشير بن رجب السفساف), الذي كان يشغل منصب رئيس أكاديمية الدراسات البحرية في الجماهيرية العربية الليبية, اما اللعيبي فهو ابن شط العرب, الربان العراقي (حسين محمد عبد الله اللعيبي ), الذي كان يشغل منصب المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق, وكانت تربطهما علاقة أكاديمية مباشرة دامت ثلاثة أعوام, للمدة من 1997 إلى 2000, وهي المدة التي عمل فيها اللعيبي في الهيئة التدريسية, التي يديرها ويشرف عليها الليبي بشير بن رجب. الذي كان منصفا في تعامله مع اللعيبي, وكريما في مبادرته التي صاغها ووثقها في خطاب رسمي يحمل الرقم 1014 في 11/10/2000, عنونه وقتذاك إلى الذين يهمهم الأمر, أثنى فيه على جهود اللعيبي, وأكد على نجاحه في تدريس مادة الملاحة البحرية بدرجة (أستاذ مساعد), وما أن دارت الأهلة دورتها حتى ارتقى اللعيبي إلى أعلى درجات السلم الوظيفي, وصار بعد عقد من الزمان مديرا عاما للموانئ العراقية, وكانت مبادرة الليبي بشير السفساف خير عون لصاحبنا في حياته الإدارية والمهنية.

كان الليبي بشير معروفا بفطنته وحذاقته, التي استمدها من معين الأصالة العربية التي جبلت عليها القبائل الليبية العريقة. وأدرك ببصيرته البدوية الثاقبة إن اللعيبي هذا من خبراء الفنون البحرية الحديثة, ويمتلك قدرات واعدة يمكن الاستفادة منها, وتسخيرها في تدريب الأجيال الليبية, وتأهيلها للعمل في النشاطات البحرية في البحر الأبيض المتوسط. فاللعيبي من خريجي جامعة لندن عام 1965, وأكمل دراسته البحرية في جامعة (كاردف) في (ويلز), ثم تلقى علومه التخصصية في كلية (ادوارد السابع), وواصل دراسته العليا في جامعة (ساوثهامتون), التي تفوق فيها على أقرانه من أبناء البلدان الأوربية, وعاد بعد تخرجه إلى العراق, ليعمل في أسطول الحفر البحري العراقي, حتى صار ربانا للحفارات الكبيرة, ثم اكتسب خبرات ميدانية غزيرة, واتسعت آفاقه المعرفية في مضمار المسح الهيدروغرافي للممرات الملاحية في شط العرب وخور عبد الله, وصار مديرا لقسم الحفر والمسح البحري, ومديرا لقسم الملاحة, لكنه اضطر لمغادرة العراق, ليلتحق بأكاديمية الدراسات البحرية الليبية, فتعرف عليه العقيد بشير بن رجب, وتوطدت علاقتهما التدريسية بمرور الوقت, ثم عاد اللعيبي إلى العراق ليتبوأ مركزا مرموقا في دائرة الشؤون البحرية.

واختارته الحكومة العراقية بعد ذلك ليشغل منصب المدير العام للموانئ العراقية, لكنها عدلت عن رأيها بعد عامين فمنحته منصبا أدنى, فصار معاونا للمدير العام, ثم عدلت عن رأيها للمرة الثالثة فأعفته من منصب المعاون, وأناطت به وظيفة إدارية اقل شأنا من سابقاتها, بذريعة عدم حصوله على التعادل العلمي الذي يؤهله لدرجة البكالوريوس, فلم تسعفه وثائق (كاردف), ولم تعنه شهادات (ساوثهامتون), ولا المراحل الدراسية في جامعة (ادوارد السابع), ولا جامعة لندن, ولم يفده بشيء سجله الوظيفي الحافل بالمواقف والانجازات الإدارية والعلمية الرائعة, وما أحوجه اليوم إلى دعم وإسناد ذلك الليبي الشهم الذي تعرف عليه قبل عشرة أعوام على ضفاف البحر المتوسط, وكم كان ذلك الرجل منصفا معه عندما أهدى إليه الوثيقة الفخرية التي اثنت على كفاءته التدريسية, وأشادت بموهبته العلمية الفذة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق