الخميس، 22 أكتوبر 2009

إيران وصفعة جندالله القاسية

زكريا النوايسة

موجعة تلك الضربة التي هزّتْ إيران قبل أيام ، فقد جاءت في لحظات نشوة رسمية وأمنية ،بعد أن استطاعت بخبثها المعتاد نقل كل تناقضاتها الداخلية إلى محيطها المجــاور ،وهـي لا تعــدم المتبرعيـن فأذرعهـا رهـن الإشارة حين تقرر ذلك ، كما أن هذه النشوة ممتدة أيضا من مراوغتها ربما المتفق عليها مع الغرب فيما يخص برنامجها النووي ، بالرغم من الكشف الخطير عن الموقع النووي الجديد بالقرب من مدينة قم المقدسة عند الشيعة.

ولعل أهم ما يمكن استخلاصه من هذه الحادثة ،أنها تشير إلى ضعف الطوق الآمن الذي يحيط بالحالة الإيرانية التي توهم الكثيرون على متانتها، فضلا عن أن الحدث حين يكون منطلقا من الداخل فإنه يدحض فرضيات بعض الساسة بأن التغيير المنشود في إيران يجب أن يكون محمولا على جهد استخباراتي إقليمي ودولي.

ويرجح مراقبون أن ضرب الحرس الثوري في مقتل وهو أحد أهم معاقل الأمن الإيرانية ، يعني أن الجهات المنفذة أصبحت تتحسس جيدا منافذ الألم والوجع في الجسد الإيراني ، وقد تُفسر نشوة القيادة الإيرانية المبالغ فيها وغطرستها إحدى نقاط الضعف ،التي ربما ستجعل هذه القيادة تقفز في الهواء قفزات غير محسوبة تؤدي في النهاية إلى نتائج كارثية، فالعديد من المهتمين في الشأن الإيراني يرون في حالة الانتشاء التي تبرز على السطح هذه الآونة ، أنها سترفع من منسوب الهوس في نظرة الزعامات الإيرانية لما يجري حولها ، وربما ستصل الأمور إلى حدِ أن القيادة الإيرانية ستتوهم أن العالم بات رهن إشارتها ، وستزداد إمعانا في هوسها لترى أنها مؤهلـة لإعادة صياغة الإقليـم على نحو يتوافق مع مصالحها فقط ، ولعلها ستبتعد كثيرا في هوسها لتنصب نفسها واحدة من صنّاع حركة العالم وتوجيهه نحو مصيره.

وأكثر ما يثير السخرية أن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني لم يتريث قليلا قبل أن يربط هذه الواقعة بجهات أجنبية وهو هنا يشيـر إلى بريطانيا وأمريكا بالذات ، فجاءت تصريحاته وكأنها معدة سلفا ، وهذا يدعونا إلى التساؤل عن شرعية ارتباط تنظيم ما بدولة أخرى لتحقيق هدفه ، وهل إيران في حقيقتها ترفض مثل هذه الارتباطات التي جمعت وما زالت تجمع بين أذرعها في المنطقة وبين العديد من أجهزة المخابرات الأجنبية وعلى الأخص منها وكالة المخابرات الأمريكية وصقور البنتاجون ؟ .

وعلى الرغم من تهتك ستر تقيّة دولة إيران وانكشاف خبث أهدافها ، إلا أنها ما زالت مصرة على استغفال واستغباء العرب والمسلمين ، من خلال حديثها الممجوج عن الموقع الذي أستهدف ، ففي الوقت الذي تعلن فيه وسائل الإعلام الإيرانية الرسميـة أن اللقـاء كان يجمع عـددا من المهتمين بشأن التقريب بين السنة والشيعة ، تأتي النتائج مناقضة للإعلان الرسمي ،فالقتلى هم من المؤسسة العسكرية ومن جناحها صاحب السطوة المعروفة ( الحرس الثوري) ، ولعل هذا الأمر سيعطي بعض الدلائل الواضحة للعرب والمسلمين ممن سحرهم الزيف الإيرانـي ، بأن ليس كل ما تقولـه إيران واجب التصديق ، فطهران كذبت في السابق ، وهي تكذب الآن ، ولن تكف عن كذبها مستقبلا حتى تُحقق كل أهدافها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق