الثلاثاء، 30 مارس 2010

في يوم الأرض.. ثمة معادلة واضحة



ا.د. محمد اسحق الريفي
يجسد نهب أرض فلسطين وبناء ما يسمى بالمستوطنات اليهودية عليها حقيقية المشروع الصهيوني، الذي يهدف إلى إنهاء وجود الشعب الفلسطيني وإقامة دولة يهودية على أنقاض فلسطين؛ عبر تهجير الفلسطينيين واستقدام اليهود إلى فلسطين.  وهناك ثمة معادلة مهمة ندركها بوضوح عبر استقراء تاريخ الصراع العربي–الصهيوني، وهي أن الأمن هو روح المشروع الصهيوني، وأن نهب الأرضي الفلسطينية يتصاعد كلما حظي العدو الصهيوني بالأمن، ولذا فإن المساهمة في حفظ أمن الكيان الصهيوني؛ بذريعة السلام أو أية ذرائع أخرى، هو مساهمة في إنجاح المشروع الصهيوني.
 لذلك فإن نهب المزيد من الأراضي الفلسطينية وضمها إلى الكيان الصهيوني يدل على مدى تقدم المشروع الصهيوني؛ بل إن مؤسس الكيان الصهيوني الإرهابي "ديفيد بن غوريون" عرّف الصهيونية بأنها "الاستيطان"، فلا صهيونية بلا نهب للأراضي الفلسطينية وإقامة تجمعات يهودية عسكرية عليها.  وبعبارة أخرى؛ جاءت الكتل الاستيطانية اليهودية لتحل محل الشعب الفلسطيني، وما يجري الآن في القدس من تهويد لها وتهجير لأهلها يؤكد ذلك دون أدنى شك.  والشعار "التعايش السلمي" الذي يطرحه الصهاينة والغربيون الداعمون لهم؛ هو أكذوبة، يهدفون من ورائها إلى كسب الوقت، وتخدير الشعب العربي، وإلهاء الشعب الفلسطيني، وتبرير التطبيع مع الكيان الصهيوني.  فالعدو الصهيوني يرفض التعايش السلمي مع فلسطينيي الداخل الفلسطيني المحتل منذ 1948، ويستمر في نهب الأرض، ولا يزال ينتظر الظروف المناسبة لإنجاز مشروع "الترانسفير".  ويدرك أهلنا في الداخل الفلسطيني حقيقة المخططات الصهيونية، وأهداف المشروع الصهيوني، ولهذا فقد تمسكوا بالأرض، وجعلوا لها يوماً في السنة يحيون فيه ذكرى الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن الأرض في الداخل الفلسطيني، ويذكرون أبناء الأمة العربية والإسلامية بأن المشروع الصهيوني يستهدف فلسطين كلها، وأن فكرة التعايش السلمي هي تضليل كبير للشعب الفلسطيني والعربي.
 فنهب العدو الصهيوني لفلسطين متواصل منذ إقامة كيانه؛ في النقب، والقدس، والضفة، والجليل، وفي كل بقعة فلسطينية، وحتى في غزة؛ بذريعة إقامة حزام أمني، لتوفير الأمن للعدو الصهيوني، ومنع عمليات المقاومة.  ومن هنا ندرك المعادلة جيداً، والتي تتضمن ثلاثة عوامل: الأرض، الأمن، المقاومة.  فالتسوية السياسية تؤدي إلى توفير الأمن للكيان الصهيوني، ما يزيد من شره الصهاينة لنهب مزيد من أرض فلسطين، وطمس هويتها العربية والإسلامية، وتهويدها، وبناء المستوطنات الصهيونية عليها.  لقد عانت أرض فلسطين من نهب كبير وترعرع للمستوطنات خلال عملية أوسلو السلمية، وبلغ نهب الأرض الفلسطينية ذروته في عهد "محمود عباس"، ولا سيما في القدس والضفة، بينما ألهت عملية التسوية الشعب الفلسطيني عن المقاومة، وأدت إلى تعميق انقسامه.
 وفي الحقيقة، فإن المقاومة وحدها هي التي تضعضع أمن الكيان الصهيوني، وتزيد من الهجرة المضادة لليهود من فلسطين إلى خارجها، وتجعل الصهاينة يفرون من المستوطنات، وقد نجحت المقاومة في إجبار المستوطنين اليهود على تفكيك مستوطناتهم والفرار من غزة، راسمة لنا خريطة طريق فلسطينية وعربية وإسلامية لتحرير فلسطين، ومؤكدة على فهمنا للمعادلة التي نحن بصدد الحديث عنها.
 ولا بد من التذكير بأن العدو الصهيوني وحلفاءه الغربيين أقاموا "السلطة الوطنية الفلسطينية"، لحفظ أمن كيانه، فنهب أرضنا، ومزق شعبنا، وبنى الجدار العزل العنصري، وحاصر غزة، وسلّط أجهزة دايتون على الضفة، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى القدس والمسجد الأقصى... الخ.
 ويجب ألا يغرّنا تغوّل العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني وتقلبه في فلسطين، فالعدو الصهيوني سيضطر إلى الخروج من فلسطين غصباً عن أنفه، عاجلاً أم آجلاً، والمقاومة هي الوسيلة الوحيدة، إضافة إلى المقاطعة الشاملة للكيان، فعشرات من المقاومين الفلسطينيين؛ ممن وصفهم القرآن الكريم في الآية 5 من سورة الإسراء: "عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ"، يستطيعون تهجير عشرات آلاف المغتصبين اليهود في غضون سنة أو سنتين، ليس فقط من الضفة المحتلة؛ بل أيضاً من القدس، التي يظن العدو الصهيوني أن تغيير معالمها وتهويدها وخلق واقع يهودي يخدم المشروع الصهيوني في القدس وأكنافها سيمنحه شرعية فلسطينية وعربية ودولية على هذه الأرض، ولكن هذه مجرد أوهام.  ولذلك يحاول العدو الصهيوني التوصل مع الفلسطينيين والعرب إلى اتفاق سلام شامل، لأنه يظن أن شعبنا سيرضخ للواقع ويتنازل له عن فلسطين ويمنحه شرعية على الأرض التي اغتصبها.
 30/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق