الثلاثاء، 30 مارس 2010

من الأخرس محمد حيان ..إلى الأخرس سامي


محمد حيان الأخرس
فلنكن يا سامي الأخرس كما نريد أن نكون، أبناء هذه الأرض التي أنجبتنا جميعاً، أبناءً أوفياء خارجين من بوتقة الماضي السحيق، نحو حداثة الحياة،
هذه الحداثة التي تسمى القضاء و القدر، وكيف لا.. وكيف لا تكون هذه الحداثة هي ذاتها القدر، هذا القدر الذي حدثتنا عنه أدبياتنا الدينية مسيحيين ومحمديين، وحدثتنا عنه العلوم التي تقول، أنه لا سبيل للرجوع إلى الوراء، هذا الوراء الذي ابتدأ من إنسان يبحث عن لقمة العيش، وعن مكان يختبئ فيه خوفاً من حيوانات الدغل والصحراء والجبال، إلى إنسان يرى العالم في كل لحظة أمامه منتجاً بحركته الإنسانية آلات وتكنولوجيا..وسيصل بنا القضاء والقدر أنه "..من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.." هذا القدر الذي يقول أن من يسير على هذه الأرض الآن ويحلق في فضاءات الكون بأدواته و.. هو ليس ذاته الذي عاش منذ 1431عاماً أو منذ 2010سنة، بأحلامه التي لا تمتد خارج إطار المرأة والسيف والإيمان، هذا الإطار الذي اختلف.. أجل اختلف في كون المرأة التي كانت هناك، غير تلك المرأة التي هنا، والتي ستكون غداً، وهذا السيف الذي لم يعد ينفع الآن سوى لتفاحة نأكلها، وهذا الإيمان الذي تحول من شكله الحسي، إلى حياة تضج بكل مقولة نتكلمها...فكيف تكون الحياة الدنيا تلك، هي ذاتها الآن ..فحدثهم أيها الأخرس سامي عن الذي اختلف..!!
قل لهم أن الفلسفة تسّاقط تباعاً عارية أمام العلم.. وأن العلم هو المادة الصادرة عن حركة الإنسان، والتي تتكلم وتتحدث وتقنع من خلاله هو على أرض الواقع المادي، وأن التساؤلات الفلسفية لم تعد موجودة عند هذا الإنسان الذي أظهر أنه الذي يوحد الكون بحركته التي لا تطور الأرض فقط، بل تطور الكون.. وأنه"أي الإنسان"التجلي والمظهر الوحيد لوحدة الكون، هذا الكون يا سامي الذي كاد يضيع بين المادة التي لا يمكن أن تبرهن من تلقاء نفسها عما بداخلها، ولا يمكن أن تنتج سوى نفسها، وهذا الإنسان الذي يضج بالتساؤلات الفلسفية، والتنقلات الدينية المتضاربة شكلاً، المتفقة مضموناً على وحدة الكون، والتي لا يمكن أن تأخذ شكلها الخارجي كمادة مقنعة بقوانين على أرض الواقع، فكان هذا الإنسان الذي وحد الكون من خلال حركته المنبثقة من داخله نحو الخارج المادي، وأنتج ليس لغة فقط، بل إنتاجا حياً يتحرك بالتكنولوجيا التي رسمت لنفسها وجوداً حياً يختلف عن حركة المادة غير المنتجة، وقال يا سامي للذين يدلون على الله من خلال المادة التي لا تتكلم سوى نفسها من خلال القوانيين، أن المادة لا تنتج هذا الوجود ولا تقدمه، بل أنا من يقدمه.. أنا الإنسان الذي توحد الكون من خلالي حركة وسكوناً، وأنا من يقول أن الله موجود، فمن هو الذي يستطيع نقض ما أقول..
فبئساً لمن يقفون ضد الحداثة..ضد القضاء والقدر، هؤلاء أتباع الإيديولوجية التي ترفض الدين، وأيضاً هؤلاء الذين يتبعون شكلاً دينياً منذ1431عاماً، أو منذ2010عاماً، الذين لم يستطيعوا جميعاً الخروج من دائرة الفردية نحو حداثة الإنسان المجتمع، هذا الإنسان المجتمع الذي لا يرى ذاته إلا من خلال الجماعة، هذه الجماعة التي تربطها الأرض أولاً وثانياً وثالثاً.. هذا الإنسان المجتمع الذي يعتز ويؤمن، أن هذه الأرض التي هي أرضه، أنتجت بتفاعلها معه كل ما يؤمن به من عقائد وشرائع، وكل ما يطمح  إليه من مستقبل .....وأن القدر الذي أراده الله الحي، هو ذاته من يقول أن الحداثة لا مفر منها، وأن البشرية مصيرها الوحدة في آخر طور لها من الحداثة...
نعم يا صديقي ويا ابن أرضي سامي الأخرس..
نعم أيها الأخرس الذي يتكلم ألماً عن الجميع..
كن كما أنت..
تحدث..
قل لهم أن البشرية كلها تسير نحو وحدتها المحتومة مادة ونظام، واسألهم عن حقوق الإنسان التي ظهرت كإعلان.. ومن ثم بدأت تحاسب الدول عن انتهاك حقوق أبنائها، وحدثهم.. حدثهم أيها الأخرس..قل لهم أن الشعوب جميعاً وفي نهايتها تنشد المحبة والوحدة، وأن من ينادي بالعنصرية، ويدعي أن الرب له، وأنه خلقه فقط إنساناً، وخلق الباقي"غوييم" سيزول.. وأن من يدعي امتلاك الحقيقة وحده سيزول.. وأنه لا وجود في قرآن المسلمين لكلمة تؤيد المعرفة، بل يضج القرآن بالعلم.. هذه المفردة التي لا تعني سوى القانون والنظام المنبثق عنها، وأن الله الذي خلق الإنسان من التراب تكلم علماً، ولم يتكلم أدباً وخيالاً قاصراً..
فما الذي يحدث الآن في فلسطين يا سامي بعد الذي قلناه سوياً..؟؟
من حماس والجهاد..؟؟؟
من فتح وغيرها..؟؟
من هؤلاء جميعاً يا سامي..أمام الفلسطيني الذي نريد..؟؟؟
ومن هؤلاء اليهود الذين وضعوا لبنة انتهائهم في التاريخ حين أعلنوا دولتهم اليهودية..بينما العالم كله يسير باتجاه الوحدة ..؟؟
انظر.. الآن في العالم.. في كل دولة .. في كل مجتمع تراه..وأجب: هل هذا هو الدعم الذي كان اليهود يتلقونه من قبل كمادة ومعنويات.. ؟؟
حتى في أمريكا.. التي إلى الآن ما تزال تدعمهم..هل مازال هذا الدعم الإنساني هناك كما كان...
حدثهم  يا صديقي سامي عما يدور في ذهنينا..
حدثهم عما نراه أنا وأنت..واهمس في آذانهم:
كنا أفراداً.. وشاء القضاء والقدر أن نكون قبائل وشعوب، ومن ثم شاء أن نكون وإمبراطوريات.. وممالك.. وشاء القدر ذاته أن نكون دولاً.. وشاء أن نكون بعد ذلك كله اتحادات " كالاتحاد الأوروبي" ومن سيأتي بعده.. والمستقبل قادم.. وشاء القضاء والقدر أن تكون الأمم المتحدة بشكلها الذي عرفناه، ولكن ستكون في القضاء والقدر القادمين ليس كما الآن.. عندما تحل مصالح الاتحادات محل مصالح الدول العنصرية، التي ترى في نفسها سيدة على العالم، حدثهم أيها الأخرس سامي وقل لهم كيف يتجمع العالم خلية خلية، و أنه لن يبقى خارج تطور الكون والحداثة، أو ما نسميه الآن القضاء والقدر، إلا من يتغنى بامتلاكه للحق والخير والجمال وحيداً، ومن يرى أن الإنسانية حيوانات وأنه الوحيد المخلوق على شاكلة يهوه، أو من يرون أن الإنسانية في ضلال وأنهم هم وحدهم أهل الجنة، أو من يدعون المعرفة ويقولون بتوحد الإنسانية قبل توحد مجتمعاتهم تحت شعار الطبقات والصراع، ولم يدركوا إلى الآن أن الصراع لا وجود له في قضاء الله وقدره، بل أن رجل وامرأة أحبا بعضهما فأنتجا ولداً، وأن الإنسان الذي أحب الله أنتج ديناً ومعرفة، وأن الإنسان الذي أحب الأرض الآن ينتج تكنولوجيا وآلات.. فكيف لهذا المحب أن يكون في صراع الموت منتجاً، وكيف يمكن أن نقف في وجه الحداثة والتطور، أي في وجه القضاء والقدر..وندعي امتلاكنا للحقيقة، ونتكلم باسم الله أو باسم الإنسانية، ونحن لم نستطع على أقل تقدير أن نحل مشكلة واحدة في مجتمعاتنا، أليس هذا نوع من الجهل، ونوع من الكفر بالله الذي قضى و قدر للإنسانية أن تتطور لتعبر من خلال توحدها عنه..
قل لهم يا سامي ما يجول بنفسك.. عن أن صراع الحضارات، ليس صراع القنابل والسيف والقبيلة والطبقات الكادحة..وأن صراع الحضارات هو قضاء الله وقدره في مسيرتنا باتجاه الحداثة..
وأن الدم المراق على قارعة الطريق هو ناتج الوقوف في وجه الحداثة والتطور نحو الوحدة الكونية أخيراً.. كما هو فيروس اليهود في فلسطيننا المحتلة الآن، وأنه أي هذا الفيروس لا يمكن أن يستمر في حال استطعنا أن نوجد البديل للعنصرية والجمود الإنساني والمجتمعي، وذلك من خلال مفهوم الوحدة الوطنية، التي هي قضاؤنا وقدرنا.. هذه الوحدة التي تطوّع الدين والطائفة والإيديولوجية والعرق، لصالح الأرض التي ننتمي إليها...لنتماسك جميعاً بالمعرفة، ونتحرك بالعلم.. ونكون كلمة الله الحي...
يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق