الأحد، 21 فبراير 2010

المصالحة الفلسطينية باتت وشيكة


 المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
كافة المؤشرات الناتجة عن التحركات السياسية على الصعيدين الدولي والوطني تدل على أن المصالحة الفلسطينية باتت وشيكة ، وأن الحركتين العظمتين المتنازعتين على النفوذ السياسي والاداري على الساحة الفلسطينية قد اقتربتا من المراحل الاخيرة للتوصل إلى اتفاق مصالحة بإقتطاعهما خطوات كبيرة بإتجاه تحقيقها ، وإن كانت التصريحات الاعلامية بين الطرفين ما زالت مشككة ومنافية للاقتراب من موعدها ، ولكننا نرى على عكس ذلك بأن المصالحة الفلسطينية باتت وشيكة جدا اكثر من أي وقت مضى ، وخاصة في ظل تدخل روسيا الاتحادية التي وجهت دعوة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل لتدارس العديد من المواضيع السياسية في اطار الحوار السياسي الذي تجريه روسيا مع القوى السياسية المؤثرة في المجتمع الفلسطيني ، وذلك لايجاد حل من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية على اساس المباديء المعترف بها دوليا بهدف انجاح مؤتمر موسكو للسلام في حال انعقاده ، حيث كان موضوع المصالحة الفلسطينية على جدول الاعمال وكان واحدا من اهم المواضيع التي نوقشت مع السيد مشعل بهدف التغلب على حالة الانقسام والتشرذم الفلسطيني ، نظرا لكون المصالحة الفلسطينية عنصر اساسي لضمان إنجاح مساعي موسكو في استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وانجاح مساعي السلام في ظل تطابق وجهات النظر الرسمية الروسية والفلسطينية لاجتياز الازمة في عملية التسوية السلمية في منطقة الشرق الاوسط .
إن جاهزية حركة حماس للتوقيع على الورقة المصرية للمصالحة بعد إدخال التعديلات التي تطالب بها قبل التوقيع غير مبررة ولم ارى بها عائق نحو تحقيق المصالحة في ظل تشديد القيادة السياسية لحركة حماس على اهمية الدور المصري ، ووقوفها إلى جانب كل جهد عربي ومصري وفلسطيني, ينهي حالة الإنقسام السياسي ، وترحيبها بأي دور روسي أو دولي لإنهاء حالة الانقسام والتشرذم الفلسطيني الداخلي في ظل تأكيد الخارجية الروسية على تأيدها الكامل للجهود الجارية لتحقيق المصالحة ، وخصوصا جهود الشقيق الاكبر مصر القائمة على اساس الالتزام بالتسوية السياسية وميثاق منظمة التحرير الفلسطينية ومبادرة السلام العربية ، على اعتبار ان المصالحة هي المفتاح لتنفيذ الحق الذي لا جدال بشأنه للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة والتي ستكون عامل ضمان للأمن والسلام في المنطقة ، وخاصة وان الموقف السياسي الرسمي لحركة حماس والمتداول في المحافل الدولية الرسمية من خلال الوفود الرسمية التي يقودها رئيس المكتب السياسي للحركة فيما يتعلق بعملية السلام يقترب اكثر فأكثر من الموقف الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية بإقرار رئيس المكتب السياسي لحماس بأن حركته لن تكون عقبة في إحلال السلام في المنطقة ، وإن كان هنالك بعضا من التشدد البسيط بعدم رؤية حركة حماس أفقا في أي مسار من مسارات التسوية في الشرق الاوسط ، ولكن تأكيدها بأن السياسية الاسرائيلية هي سياسة عدوان واستيطان ما هو إلا توافق مع موقف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ولموقف الرئيس محمود عباس ، وخاصة وأن اختلاف المواقف السياسية كان أحد أهم نقاط الاختلاف التي أدت إلى حالة الانقسام الفلسطيني .
إن حرص الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس على تحقيق المصالحة وتوقيع حركته على الورقة المصرية كمدخل وطني لتوقيع حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى عليها لانهاء الانقسام لهو مؤشر قوي لامكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية التي دفعت الرئيس لاجراء جولة دولية وعربية لدعم الجهود المصرية في تحقيق المصالحة وخاصة وان الرئاسة الفلسطينية تعول كثيرا على الدور الروسي لاقناع حركة حماس بالتوقيع على الورقة المصرية دون فتحها او التعديل عليها ، حيث ترجم هذا التعويل إلى طلب رسمي من قبل الرئيس محمود عباس لوزير الخارجية الروسي الذي التقى به  قبيل لقاء الاخير مع السيد خالد مشعل ، تأكيدا على حرص الرئيس على المضي قدما نحو تحقيق المصالحة ، في ظل وجود ضمانات مصرية بالتعاطي مع ملاحظات حماس بعد التوقيع وتطبيقها عند البدء في تنفيذ الورقة على الارض .
إن ادراك فصائل العمل الوطني والاسلامي في الاجتماع الذي ضم ثلاثة عشر فصيلا متضمنا حركتي فتح وحماس لاهمية التوقيع على الورقة المصرية لهو مؤشر قوي على ارتقاء كافة الفصائل إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تواجه قضيتنا العادلة ومشروعنا الوطني، مؤكدين من خلاله أن لا تكون حالة الانقسام سبباً في تراجع مركزية القضية الفلسطينية .
إننا نرى بإبلاغ السيد الرئيس محمود عباس الجماهيرية الليبية ومصر والسعودية والاردن بعدم حضوره القمة العربية المقررة في 27 من شهر مارس المقبل في ليبيا إذا ما حضرها السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، وتأكيد الجماهيرية المصرية لرفضها ، كون هذا الحضور سيكون له انعكاسات سلبية على المصالحة الفلسطينية ، وتخوفها من استغلال حركة حماس له في رفع سقف طموحاتها وعرقلة اتمام المصالحة ، لهو تأكيد على حرص السيد الرئيس والشقيقة مصر على حماية ما تم التوصل إليه في جولات الحوار المتعددة  ، وكضمانة لعدم اجهاض مساعي الجماهيرية الليبية في تحقيق المصالحة العربية ، في ظل تحفظ العديد من الدول العربية وتلويحها بتقليص حضورها في حالة حضور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فعاليات القمة العربية التي تحرص عليها ليبيا وخاصة وأنها تمثل حدثا غير مسبوق للزعيم الليبي كونها المرة الاولى التي ستعقد فيها القمة في بلاده منذ اربعين عاما .
وفقا لكافة المؤشرات التي ذكرتها ، وما لم اذكره كثير ، أؤكد قناعتي بأن الوحدة الفلسطينية بإنهاء حالة الانقسام والتشرذم باتت قريبة جدا ، في ظل تسريب المعلومات المشجعة لوسائل الاعلام المختلفة ، حول أليات التوصل إلى سبل التغلب على حالة الانقسام ، بأن تقوم الجماهيرية الليبية بتوجيه دعوات الى الحركتين عقب الانتهاء من عقد القمة العربية ، لوضع التصورات الليبية في ملف المصالحة الفلسطينية ، دعما للجهد المصري لتحقيق المصالحة وليس بديلا عنه ، وأن ليبيا بصفتها رئيسا للقمة العربية ستعمل جاهدة على الزام الطرفين بتطيبق قرارا هاما سيصدر عن القمة العربية المقبلة فيما يخص المصالحة الفلسطينية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق