السبت، 24 أكتوبر 2009

تجارة التراخيص في سوق الإعلام السورية السوداء.. قرابة 300 طلب ترخيص في الأدراج منذ أربع سنوات..!

خاص نداء سورية

لم يعد مُستغرباً على نظام الأرقام القياسية أن يُنسب له رقم قياسي جديد يُدرج في موسوعة غينيس للأنظمة القمعية.. فأن يصل عدد الصحف المرخَّصَة بعد صدور قانون المطبوعات (سيء الصيت) عام 2001 إلى أكثر من 300 صحيفة، منها صحيفتان سياسيتان فقط (الوطن – أبيض وأسود)، لا يترك للمتابع أي مجال للدهشة عندما يعلم أن مطبوعتين فقط حصلتا على ترخيص خلال العام الحالي، في الوقت الذي ما تزال قرابة 300 صحيفة تنتظر الحصول على ترخيص، منها عشرات الطلبات تعود إلى عام 2005 في طابور الانتظار الذي تنبئ سلوكيات وزير الإعلام محسن بلال أنه سيشهد تقاطر الكثير من طالبي الرخصة.

هذه المعلومة حقيقة وليست ضرباً من الخيال، وهو ما قاد إلى تفشي ظاهرة الاتجار بالتراخيص في سوق الإعلام السورية السوداء، حيث بات من المتعارف عليه أن يلجأ الحالمون بإنشاء صحيفة إلى شراء ترخيص ممن حصل على ترخيص دون أن يصدر مطبوعة..

هذه المعلومات تؤيدها تصريحات وزير الإعلام محسن بلال الذي يتبجح في غير مناسبة أنّ وزارته، وزارته (نسبةً إلى شرعة الميراث البعثي)، منحت قرابة 300 ترخيص منذ إصادر قانون المطبوعات عام 2001.. الأمر الذي يقود للتساؤل عن الثلاثمئة مطبوعة التي يتحدث عنها بلال.. فالمتابع للإعلام السوري يعلم أنّ المطبوعات الصادرة لا تتجاوز نسبة 10% من الرقم الذي يتحدث عنه وزير الإعلام.

إذاً والحال كذلك تحولت تراخيص الصحف إلى سلعة يتاجر فيها ذوو النفوذ ممن حصلوا على ترخيص بحكم درجة انتمائهم إلى مفاصل النظام من مثل القيادة القطرية لحزب البعث والأجهزة الأمنية، ليُصار بعد ذلك إلى بيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية قياساً برسم الترخيص الذي يبلغ 25 ألف ليرة فيما تصل قيمة الترخيص في السوق السوداء إلى أرقام تناهز 5 ملايين ليرة.. في وقت يسيطر فيه حيتان الإعلام –كما غدت تسميتهم- على غالبية هذه التراخيص، وفي طليعة هؤلاء أبناء مسؤولين سابقين يتقدمهم مالك المجموعة المتحدة للنشر والإعلان مجد سليمان نجل رجل النظام بهجت سليمان، إضافة إلى مستثمر الإعلام أكثم دوبا نجل الذراع الأمنية للسلطة علي دوبا..

وتشير معلومات تم تسريبها إلى "نداء سوريا" أنّ هذين الاثنين يملكان ما لا يقل عن 100 ترخيص يتاجران بها في السوق السوداء، مسجلة بأسماء أشخاص يدينون لهما بالولاء، في الوقت الذي تستحوذ مطبوعتاهما الركيكتان على حصة الأسد من سوق الإعلان.. فليس سراً أنّ جريدة "بلدنا" المملوكة من مجد سليمان ومجلة "أبيض وأسود" المملوكة من أكثم دوبا تفرض على المعلنين أتاوات وتدرجان في أي حملة إعلانية يقوم بها المعلنون في سورية.

هذا وفي الوقت الذي تتشدد فيه وزارة الإعلام في منح تراخيص جديدة، علمت "نداء سوريا" أنّ وزير الإعلام أوعز بالترخيص مطلع الشهر الحالي لثلاثة مطبوعات جديدة، دون التقيد بأسبقية الطلبات وتاريخها.. أما أصحاب هذه التراخيص فهم كما علمنا –وكما ستوضح الأيام القادمة- على درجة صلة بأحد أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث وأحد قيادات الاجهزة الأمنية وأحد المسؤولين السابقين.

إلى ذلك وفي ظل التشدد الذي تبديه وزارة الإعلام تجاه الترخيص لمطبوعات جديدة، وتجميد الترخيص لمحطات تلفزيونية، تفيد التسريبات الإعلامية أنّ عدد طلبات الترخيص لمحطات تلفزيونية بلغ رقما قياسياً ناهز الـ 1200 طلب ترخيص، الأمر الذي يدل على حالة عدم الثقة لدى السوريين والتي قادتهم إلى سلوك انتهاز الفرصة قدر الإمكان قبل أن يغيّر النظام رأيه ويعدُل عن منح تراخيص جديدة، في ظل واقع إعلامي ضبابي لم تُمنح فيه سوى ثلاثة تراخيص لمحطات تلفزيونية إحداها سُحب ترخيصها (محطة شام)، فيما تلفظ محطة الرأي أنفاسها الأخيرة، بينما تترنح قناة "الدنيا" وسط العاصفة. وآخر ما حُرّر أن رجل الأعمال رامي مخلوف حصل أخيراً على ترخيص قناة فنية باسم "نينار" من المنتظر إطلاقها مطلع العام القادم، فيما تبقى التراخيص الأخرى تنتظر الإفراج عن قانون الإعلام المزمع إصداره والذي من المتوقع أن يكون أكثر تشدداً تجاه الحريات الصحفية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق