الجمعة، 13 نوفمبر 2009

رحيلك أوجعنا


صادق لخضور

في انطلاقة لا زالت تعتمل ، اقترنت ورفاقك بواحدين ، ليكون الفاتح من الفاتح تعبيرا عن اقترانك وصحبك بمسيرة نضال لا زالت شواهدها ماثلة.

وفي مناسبة اقترن تاريخها بأربعة واحدات ، ليكون الحادي عشر من الحادي عشر كان علينا أن نطوي صفحة حضور الجسد ، ليرحل المشهد وتبقى الروح فأي مصادفة تلك التي حوتها الأرقام ؟

في لحظة من لحظات الترقب، كان علينا أن نتجرع مرارة الخبر، فالعزيز قد رحل، وشعبه لمّا يزل في متاهات النفي مرتحل، ترجّل الفارس، وتركنا في لحظة من لحظات تجهمت فيها الأمكنة والنفوس.

يومها ، لا أنسى مشاهد اعتملت وعبّرت عن وجوم شعبي ، فمن شيخ أغرورقت عيناه بدمع عزيز ، إلى ثاكلة لطمت وجنتيها ، وصولا إلى طفل مشدوه يراقب المشهد ، ومرورا بشبان اختلط عليهم المشهد ، فلم يصدقوا أن التاريخ قد يرحل فجأة.

غادرت الأماكن لكنها ظلت مكتنزة كبرياء تواجدك فيها ، فهل تنساك بيروت ؟ وأنّى لها أن تنساك وقد سطرّت فوق ثراها أروع الأمثلة في الصمود .

وكيف لرام الله أن تتجاوز ذكرياتها معك ؟ حصارك فيها لم يكن مجرد ركون في مكان، لم يكن مجرد صمود فقط، بل كان تأكيدا على أنك صانع موقف، ذاكرة أمة، عنفوان شعب.

هي محطات ليست تنسى أيها الراحل ، وتأتي الذكرى ليعاود الأوفياء البوح بما يعتمل في الصدر ، يخرج الأطفال بمعية الشيوخ ليؤكدون أنك قاسم مشترك بين الجميع ، وظاهرة تفردّت بكثير من التميز ، ويزداد الوجع حين نطل على قبرك ، فأنت لم ولن تكون مجرد عابر ، ونحن: وهذا مما يثلج الصدر: ما زلنا على عهدك ، نستحضرك في كل مواقفك ، ونعلن أنك ما فارقتنا .

رحلت في خريف، وهو إن كان شهرا لتساقط الأوراق فقد كوانا بناره وأسقط من بيننا رمزا، ولهذا أثار شجوننا ولطم خواطرنا، وأدمانا.

في ذكرى رحيلك وإذ نسلّم بمشيئة الله نعاود الإطلالة على ذكراك من جديد ، تشع الروح بقبس كل موقف من مواقفك ، نراك معادلا موضوعيا لعديد المعاني ، ورمزا لكل المآثر

نراك في كل علم يرفرف، في كل كوفية ترتمي على كتف الفتيان والشبان، في كل موقف يستدعي موقفا.

في لحظات الفرح وكذا في الأحزان، نستحضرك ونتذكرك أبا حانيا، فارسا معطاء، قائدا تاريخيا.

في ذكراك، نقول رحيلك أوجعنا، وفراقك أفجعنا، لكنك علمتنا أن المسيرة متواصلة وأن الحياة يجب أن تتواصل.

نم قرير العين أيها الراحل قبل اكتمال دورة الحدث، فقد رحلت وطموحك لمّا يزل غضا طريا، سنون تتابعت، محطات توالت، وبقيت خلالها صامدا وفيّا.

رحيلك أوجعنا وبث فينا غصّة ومرارة، ولن ننساك يا من أطلقت الشرارة.

في الحادي عشر من الشهر الحادي عشر من كل عام

لنا وقفة

نترحم ونتأمل

ثم نعاود الإطلالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق