الجمعة، 13 نوفمبر 2009

ساسة العراق الجديد والصفقات الثلاث

رأي مركز الأمة للدراسات والتطوير

12/11/2009

بدءً من صفقة تمرير الدستور التقسيمي سيء الصيت ومرورًا بتوقيع اتفاقية الإذعان وأخيرًا وليس آخرًا صفقة بيع كركوك، تلك هي أشهر وأخطر ثلاث صفقات في عراق ما بعد 2003، أبطالها ساسة جدد في ظل الاحتلال، جاءت هذه الصفقات في شكلٍ من أشكال الالتفاف على إرادة الشعب والاستخفاف بمصيره، فها هي الكتل والأحزاب والمجاميع المنضوية في العملية السياسية تحت حراب المحتل حاولت أن تظهر على سطح الأحداث بمسرحية جديدة باتت فصولها المستهلكة معروفة لدى المتابعين عبر تمييع القوانين والتلاعب بالألفاظ والصياغات لنصوص قوانين ظاهرها إقرار وتعديل وباطنها استحواذ واستقواء بمحتل غاصب وإقصاء متعمدٍ لإرادة الشعب العراقي.

تمثلت صفقة بيع كركوك باعتماد سجل الناخبين لعام 2009 وهو ما يصب في مصلحة الطرف الكردي الذي عمل على تغيير ديموغرافية كركوك منذ غزو العراق في 2003 ، ولذلك وصفت كتلة التحالف الكردستاني تمرير قانون الانتخابات بأنه :" انجاز" وعدَّته انتصارًا لمعركتها في قضية كركوك.

ينص هذا القانون على أن تكون عملية تدقيق سجلات الناخبين فيما لو تم تقديم طلب التشكيك من (خمسين نائبًا على الأقل) من المجلس على أن (يحظى بموافقة مجلس النواب بالأغلبية البسيطة)-وهي النصف زائد واحد- وهذا الشرط يعد تعجيزيًا في ظل مجلس نوابٍ قائم على المحاصصة السياسية وخاضعٍ للتوافقات والصفقات الحزبية.

إن خطورة هذه المادة من القانون تكمن في صعوبة تحقق هذا الشرط عمليًا وذلك لأسباب عدة منها ما يتعلق بآلية تقديم طلب التشكيك آنفة الذكر، ومنها ما يتعلق باللجنة التي يشكلها مجلس النواب للنظر بهذا الطلب؛ إذ أن هذه اللجنة تتكون من:

1. ممثلي مكونات محافظة كركوك، وتحصيل حاصل سيكونون من الأكراد لأنهم سيستلمون إدارة كركوك كأغلبية على الأرجح بسبب أن سجل الناخبين لعام 2009 يضمن لهم ذلك، فما فائدة وجدوى تشكيل لجنة تدقق في السجلات المشكوك فيها بعد أن يكون غالبية أعضائها من الأكراد ؟!

2. ممثل من وزارة التخطيط.

3. ممثل من وزارة الداخلية.

4. ممثل من وزارة التجارة.

5. ممثل من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

6. ممثل من الأمم المتحدة.

وهؤلاء أعضاء اللجنة من ممثلي الوزارات والمفوضية بالتأكيد لن يكونوا مستقلين أو بعيدين عن أجندات الأحزاب التي ينتمون إليها، وبالتالي ستعود هذه اللجنة إلى مبدأ التوافقات والصفقات السياسية مرة أخرى.

ثم إن السقف الزمني المحدد لعمل هذه اللجنة -إن تشكلت – سيكون (سنة كاملة من تأريخ عملها) كما ينص القانون للتعرِّف على مواطن الاعتراض، وهذا تمييع لا يصل معه معترض إلى ما يصبو إليه، ولن تتحقق معه الغاية التي من أجلها تشكلت اللجنة في ظل ظروفٍ تعج بالمتغيرات السياسية وتحكمها المصالح الحزبية الخاصة بعيدًا عن مصلحة الجماهير.

إن آلية الاعتراض على أي خرق بعد الانتخابات وضعت بطريقة تضمن تدخلات الأطراف الفاعلة وتأثيرها بحيث لابد أن يسلك هذا الاعتراض المسلك الذي حدده المحتل ويطبقه الطرف المستفيد(الرابح الأكبر) ولن يسمح بتجاوزه فهو بهذا الانجاز يعد نصًا مقدسًا لا يمكن تجاوزه.

إن مسرحية إقرار القانون بصيغته الحالية وفوضى الاعتراضات وتهنئة فؤاد معصوم رئيس كتلة (الرابح الأكبر) وشكره لمن أقر هذا القانون بطريقة السلق المعهودة في مثل قوانين المحتل ليؤكد أن الأمر لم يكن ممارسة فعلية لعملية حقيقية يمارسونها وإنما هي إملاءات محتل أخرجها مسرحيًا مستفيدٌ لا يأبه ببيع العراق كله من أجل مصلحة مرحلية ستعود على البلاد بالويلات، لكن في النهاية إرداة الشعوب هي التي ستنتصر، والتأريخ يسجل، وغدًا يوم الحساب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق