الجمعة، 13 نوفمبر 2009

أبو عمار أب الوطنية الفلسطينية

صالح عوض

ليس مهما في حسابات التاريخ أن تحب أو أن تكره ..المهم في حسابات التاريخ أن ترى الأمور كما هي لتبني على واقع وحقائق لا على أوهام وأحلام أو على أحقاد وضغائن ولذلك قال ربنا عز وجل: (لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى) ..أبدأ الحديث بهذه المقدمة لأننا ابتلينا للأسف بأناس لا يروا الشمس ألآ اذا خرجت من حجرهم ولا يذكروا فضلا لسواهم ويحقرون كل خير من غيرهم..

ابو عمار اب الوطنية الفلسطينية ..أي بوضوح ان ابا عمار صانع المشروع الحقيقي المضاد للكيان الصهيوني ، ليس معنى هذا انه من بدأ الكفاح المسلح الفلسطيني فلقد سبقه بحكم العمر قادة لايزالون رموزا في ضمير الشعب والأمة من فرحان السعدي وأبو إبراهيم الكبير وعز الدين القسام ورفاقهم وحتى عل صعيد العمل السياسي سبقه بحكم العمر الحاج امين الحسيني ورفاقه..الا ان هؤلاء العظام جميعا لم يلتفتوا الى أهمية كيان سياسي فلسطيني مستقل عن الوضع الرسمي العربي وبقي الجهد الفلسطيني رهينا بالموقف الرسمي العربي..

أدرك أبو عمار ومعه المؤسسون في حركة فتح ان النظام العربي منهمك في أجندات خاصة فكرية وسياسية ولقد كان الأثر بالغا في بلورة قناعات رواد حركة فتح بسبب كلام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لوفد من وجهاء غزة عند زيارتهم له :(من يقول لكم ان لديه خطة لتحرير فلسطين يكون يضحك عليكم)

ولقد اتضحت معالم شخصية صانع المشروع لدى ياسر عرفات منذ الأيام الأولى لانطلاق حركة فتح حيث كان الهدف واضحا لا لبس فيه انه فلسطين وكذلك كان العدو واضحا لابديل عنه انه الكيان الصهيوني وعلى هذه الأرضية انطلقت الدعوة لتجميع كل من يريد تحرير فلسطين وعودة لاجئيها وتنظيمهم وتدريبهم والدفع بهم في معركة الوجود بغض النظر عن اجتهاداتهم الشخصية ..لقد التقطت حركة فتح كلمة السر التاريخية فتفجرت البراكين في المنطقة وأصبحت الأمة كلها خلف فتح بمشاعرها وبخيرة أبنائها وقد انتشلت منظمة التحرير الفلسطينية من مكاتب النظام العربي إلى ساحات المعركة والى خنادق الشرف...وبروح مسئولية رائدة لم يتوقف قادة فتح عند شعارهم بان حركتهم إطارا وطنيا لكل من له مصلحة لتحرير فلسطين.. لم يقفوا عند ذلك بل دعوا الجميع من القوى السياسية الفدائية على الانخراط في صفوف م ت ف على اعتبار أن المرحلة هي مرحلة تحرير وطني وبعد انجاز عودة الأرض وعودة اللاجئين يختار الشعب النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الذي يناسبه بخيار حر.

المشروع الوطني لم يكن ثقافة وشعارات ومادة للتثقيف الحزبي تتبخر بمجرد ان ترى الشمس وتحديات الواقع..لقد كان المشروع الوطني الفلسطيني واقعا عمليا ينطق بمنجزات على الأرض..فكان تجميع الفصائل الفلسطينية في إطار واحد وبمؤسسة تشريعية واحدة انجازا استراتيجيا ثم أي كلام يكون مناسبا عن أي مشروع للشعب الفلسطيني إذا لم ينخرط في قضايا الشعب كل الشعب ليس فقط الضفة وغزة بل والشعب الفلسطيني في المنافي في لبنان وسوريا والبلدان العربية وأمريكا اللاتينية وفي كل مكان فيه فلسطينيون. فكان شعار الوحدة الوطنية واقعا بمؤسسات ومنشات.

لقد كان أبو عمار متجددا مع تطور حالة الوعي السياسي والثقافي للشعب ومتناغما معها كما كان مستوعبا شروط التحولات في المنطقة وغير مستسلم لها بل عاملا بكل دأب على تغييرها لصالح مشروعه .

لقد كانت الآفاق مفتوحة لتفكيره الذي لا يعرف تيبسا من اجل الأفضل لشعبه. ولأنه أب المشروع الوطني كان عقله وقلبه ويده ممدودة للجميع يتقدمهم بإيمان راسخ بان شعبه خرج من طور الوصاية عليه ليصبح رقما صعبا بل جبلا لا تهزه الريح.

أبو عمار في ذكرى استشهاده هو المشروع الوطني الكبير الذي لم ينجح احد بعد في تجاوزه وسيستمر هذا المشروع بجدارة في الحضور حتى تحرير فلسطين وعودة اللاجئين وحينها يمكن أن يصار إلى مشروع نهضوي آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق