الخميس، 15 أبريل 2010

مسؤوليّة حكومة فيّاض عن سياسة التطهير العرقيّ ضدّ الفلسطينيّين


يبدو أنّ القرار الصهيونيّ بطرد سبعين ألف فلسطينيّ من الضفّة الغربيّة ليس سوى حلقة جديدة من مسلسل "الحلّ النهائيّ" الذي تتمسّك به حكومة رام الله وتفاوض عليه.
لا شكّ أنّ الحلقات السابقة كان محورها القدس أرضا وبناء وتراثا ومقدّسات وعربا فلسطينيّين. وها هي الحكومة الصهيونيّة تمضي خطوة أخرى على طريق إنهاء القضيّة وفرض أمر واقع تريده أبديّا. ولن يكون بوسعنا بعد ذلك أن نكتفي بمطالبة أهلنا الصامدين الصابرين في القدس وفي الضفّة الغربيّة بمواصلة الصمود والتمسّك بالأرض والبيوت ورفض الاستجابة لأوامر الإخلاء الصادرة عن الصهاينة. وكيف لنا أن نطالبهم إذا كنّا نحن عاجزين؟ وأنّى لهم أن يواصلوا صمودهم إذا كان الأخ والشقيق والقريب قد تخلّوا عنهم وتركوهم لوحدهم يواجهون آلة حربيّة عنصريّة حاقدة؟
 
ويواجهون "مجتمعا دوليّا" يكتفي بالتعاطف مع الفلسطينيّين أصحاب الحقّ أحيانا، لكنّه سرعان ما ينحني أمام الضغوط الأمريكيّة والتضليل الإعلاميّ الذي يستهدف دائما تقديم "الإسرائيليّ" باعتباره ضحيّة التخلّف العربيّ والبربريّة الإسلاميّة والإرهاب الفلسطينيّ؟
من المفارقات أنّ الصهاينة الذين سرقوا أرض فلسطين كلّها واغتصبوها وشرّدوا أهلها قد برئت أياديهم من كلّ إثم، فلا هم قتلة، ولا هم لصوص. أمّا الفلسطينيّون أصحاب الأرض فإنّ انتقال بعضهم من جزء من وطنه إلى جزء آخر يُعتبر في عرف الصهاينة "تسلّلا" تنبغي مواجهته بالحزم المطلوب. ولذلك وجب على هؤلاء "المتسلّلين" أن يعودوا من حيث أتوا.. أي إلى قطاع غزّة.
وفق الأمر العسكري الجديد رقم 1650 والذي تمت المصادقة عليه من قبل قيادة جيش الاحتلال العليا في 13/10/2009 فإنّ كل فلسطينيّ مقيم في الضفّة الغربيّة بشكل "غير قانونيّ" أو دون تصريح ساري المفعول، يُعتبر مرتكبا لجنحة جنائيّة، وسيعرض نفسه للطرد و/أو للسجن لمدة 7 سنوات وغرامة ماليّة تصل إلى 7500 شيكل. إذن فإنّ كلّ فلسطينيّ من مواليد غزّة ليس من حقّه "التسلّل" داخل الضفّة الغربيّة. وكلّ فلسطينيّ تعود أصوله إلى منطقة أخرى غير الضفّة لن يكون من حقّه البقاء فيها. بل لن يكون التعامل مع هؤلاء "المتسلّلين إلاّ وفق الأنظمة العسكرية فقط.
ما هي محصّلة كلّ هذا؟ هل يجد المحلّل أيّة تسمية مناسبة غير كون هذا الذي يحصل تهجيرا قسريّا وتطهيرا عرقيّا؟
غزّة ذات المليون ونصف المليون ساكن تئنّ منذ سنوات تحت وطأة حصار جائر وقاتل، وتتحوّل بالتدريج إلى أكبر سجن في التاريخ البشريّ. والصهاينة يسعون إلى مزيد تكديس الفلسطينيّين فوق هذه الرقعة الصغيرة من الأرض ومزيد خنقهم ومنعهم من ممارسة حقوقهم الطبيعيّة، وأوّلها حقّهم في الحياة.
أمّا عن الضفّة الغربيّة فإنّ الصهاينة يهدفون إلى إفراغها من أهلها تمهيدا لفرض وقائع صهيونيّة على الأرض والسيطرة عليها، ثمّ توقيع اتّفاق نهائيّ مع سلطة أوسلو يشرّع لهذا الواقع الجديد ويمنع لاحقا المطالبة بإعادة النظر فيما تمّ الاتّفاق عليه.
كلّ هذا ليس غريبا، إنّما هو مألوف تماما لا سيّما أنّ حكومة رام الله لم تنفكّ وعلى لسان رئيس وزرائها سلام فيّاض تقدّم لحكومة نتنياهو فروض الطاعة وقرابين الولاء حتّى تسارع إلى توقيع اتّفاق نهائيّ. ففي مؤتمر "هرتسيليا" الصهيونيّ أعلن هذا الـ"سلام" دعمه ليهوديّة الكيان الصهيونيّ، ودعا إلى إيجاد حلّ وسط فيما يتعلّق بالقدس المحتلّة، أي اعترف بشرعيّة سرقة القدس وتهويدها.. كان هذا قبل أيّام قليلة من صدور الأمر العسكريّ الصهيونيّ الأخير.
طبعا، لم ينس الدكتور فيّاض -الذي فرضته حكومة العدوّ والإدارة الأمريكيّة ورهنتا تقديم الأموال والمساعدات والتسهيلات للسلطة بتعيينه رئيسا للحكومة- أن يهنّئ أصدقاءه الصهاينة بعيد الفصح، ويفاجئهم بهديّة جديدة تمثّلت في وعده لهم بأن تستوعب الدولة الفلسطينيّة القادمة مشكلة اللاجئين بعد قيامها على أراضي الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
عندما يكون للفلسطينيّين أشقّاء عرب وما هم بعرب.. وعندما يرأس حكومتهم رجل كسلام فيّاض، فلا عجب أن يصدر الصهاينة ذلك الأمر العسكريّ.. لا.. لا عجب..
عبد الكريم بن حميدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق