الخميس، 15 أبريل 2010

هيئة علماء المسلمين هل إنتهى دورها فعلاً؟..


جاسم الشمري

منذ أن وطئت أقدام الاحتلال أرض العراق، برزت العشرات من الجمعيات والمنظمات والأحزاب والكيانات العاملة على الساحة العراقية، بعضها ما زال عاملا في الميدان، والبعض الآخر، أكل عليه الدهر وشرب.
 
والجهات التي تعمل في الساحة العراقية انقسمت إلى فريقين، فريق هلل وصفق للاحتلال، وفريق ناهض وعارض الإحتلال وأعوانه.
الطرف الذي وضع يده بيد المحتل الحاقد، استخدم العشرات من السبل الخبيثة والحقيرة الترغيبية والترهيبية؛ لتطويع الطرف الثاني خدمة للمحتل الغريب، وتحقيقاً لمصالح فئوية وحزبية وعرقية ضيقة.
وبعد سبع سنوات مضت من عمر الاحتلال الأمريكي البغيض لأرض العراق العصية على الاحتلال وأعوانه، هنالك بعض المنظمات التي ما زالت - حتى الساعة - تعمل وبتميز في المشهد العراقي، ومنها "هيئة علماء المسلمين"، التي تُعرف نفسها في منشور لها يتعلق بهذا الأمر على أنها "جمع من العلماء الذين اجتمعوا لمعالجة ما حصل بدءاً في العراق بعد الغزوة الأمريكية البريطانية على بلاد المسلمين، وهي كيان علمي نشأ بنشوء فكرة جمع الكلمة ورص الصف بين المسلمين، استجابة لطلب الشارع بالعمل صفاً واحداً، والتعاون على إنجاز الأعمال، واتخذ أعضاؤه طريقة التشاور لمعالجة النوازل، وقضايا الأمة المصيرية معالجة علمية، تقود الأمة إلى الرشد".
 
وفي مثل هذا اليوم، قبل سبع سنوات، وتحديداً يوم 14/4/2003، ولدت هذه الهيئة، والسؤال الذي أحاول الإجابة عنه، وهو في الحقيقة ما يردده البعض، من أن دور هيئة علماء المسلمين في العراق قد انتهى؟!!
هذه العبارة يرددها المبغضون لعمل الهيئة ومواقفها الثابتة، وهي من صنع الإعلام الحكومي، والأبواق المختلفة التي تصم آذانها عن ذكر المواقف الثابتة المناهضة للواقع العراقي البائس المسلوب الإرادة والقرار، سواء أكانت من الهيئة، أم من غيرها؟!!
وأنا هنا سأذكر جملة من المواقف والحقائق - كما هي - ويبقى الحكم للأخيار والمنصفين من العراقيين والعرب وغيرهم.
من المهم القول والتذكير أن الهيئة لا تتعامل مع مفهوم الشعبية- التي يقولون أنها تراجعت- لأنها ليست حزباً سياسياً بحتاً يقاس من خلال الشعبية، هي مرجعية، وهي صمام أمان للقوى المناهضة للاحتلال في العراق والساند لقوى المقاومة، ولذلك تقيس هذه الأمور على وفق الثوابت التي أعلنت عنها.
وقبل أن أتحدث عن مشروع الهيئة في الشارع العراقي، من المهم أن أذكر المعوقات الكثيرة التي طالت عمل الهيئة سواء داخل العراق، أو خارجه، ومنها الاغتيالات التي طالت العشرات من أعلام الهيئة وأعضائها على يد فرق الموت الحكومية، وعلى يد قوات الاحتلال الأمريكية الحاقدة.
وكذلك الاعتقالات الهمجية البربرية الظالمة التي طالت أعضاءها والعاملين في أقسامها المختلفة؛ لمجرد تصريحهم بطروحات وآراء لا تتفق مع سياسات المحتل والحكومات التي نصبها، في وقت يدعون فيه أنهم جاؤوا من أجل نشر الديمقراطية وحرية الفرد؟!
ومن المحاولات السقيمة في هذا المضمار هي اغتصاب مقر الهيئة في بغداد، في جامع أم القرى على يد ميليشيا رئيس ديوان الوقف، وكانت هي محاولة لإرضاء الحكومة والاحتلال، وقد جنى ثمرة مواقفه بحصوله على المقعد رقم "صفر" في الانتخابات الأخيرة.
أما على الصعيد العربي، فبالإضافة إلى التضييق على سفر بعض أعضاء الهيئة إلى الخارج، أو إدراجهم ضمن قوائم من يسمونهم "الإرهابيين"، فإن الحكومة القاطنة في المنطقة الخضراء، ساومت بقوة على إضعاف دور الهيئة في الخارج، وعلى تسليم أعضاءها إليها، إلا أن الموقف العربي كان رائعا في هذا الجانب.
أما مواقف الهيئة، وما كانت تدعو له فهي ذات المواقف التي يحاول البعض اليوم أن يتبرقع بها؛ لتغطية عجزه السابق في استمالة قلوب العراقيين، وإلا فان الهيئة كانت - ومازالت - تنادي بتحرير وخلاص العراق من الاحتلال، وأكدت رفضها لاتفاقية الذل والهوان التي أبرمتها الحكومة مع قوات الاحتلال، وصرحت في أكثر من مناسبة أنها مع وحدة العراق وضد الفيدرالية ومؤامرة التقسيم، وأنها مع عراق واحد لكل العراقيين، وضد نهب وتدمير ثرواته وتراثه.
كل ما طالبت به هيئة علماء المسلمين والقوى المناهضة للاحتلال منذ بدء الاحتلال إلى الآن أصبح مطلباً حتى عالمياً، موضوع الجدولة الذي طالبت به الهيئة أصبح مطلباً للجميع، موضوع العملية السياسية ومضارها على الشعب العراقي أصبح واضحاً الآن، دعوتها للوحدة الوطنية أصبحت ظاهرة وضرورة ملحة للشعب العراقي، ثم الهيئة لم تخرج من العراق كما يروجون، ولا زال لديها إلى الآن  خمسة عشر فرعاً عاملاً في العراق، نعم مع التضييق الأمني، مع الضغوطات، مع الاعتقالات، مع الاغتيالات، ولكنها لا زالت تنشط في الداخل.
أما على الصعيد العربي، والإقليمي، والعالمي، فما زالت الهيئة سباقة في نشاطاتها في الترويج لفكرة الممانعة في العراق والبقاء على ثوابت المشروع العراقي المناهض للاحتلال.
هذه بعض طروحات الهيئة، فهل هذه الطروحات هي طروحات مرفوضة في الشارع العراقي المستيقظ الذي كشف الأساليب الملتوية للسياسيين الذين جاؤوا مع الاحتلال، واضطروا على إثر ذلك لتغيير نغماتهم السابقة، وهم اليوم يتحدثون عن وحدة العراق، وانتمائه العربي والإسلامي، وغيرها من الشعارات التي وقفوا ضدها في بداية الإحتلال؟!
وبغض النظر عن أعداد أتباع الهيئة، فإن الهيئة يكفيها فخراً وعزاً ثباتها على موقفها رغم الإغراءات والتهديدات، وهي مازالت - حتى الساعة - تدفع ضريبة موقفها المشرف، من دماء وحرية وتغريب رجالها.
على العموم هذه هي مواقف الهيئة وأهدافها ومبادئها، وإذا كان البعض يطبل بأن دور الهيئة قد ضعف في الشارع العراقي، وأنها أصبحت خارج اللعبة السياسية العراقية، فهذا أمر يعود لهم، وهم أحرار في تقييماتهم، وكل يعمل بما يملي عليه ضميره ومبادئه التي يدعوا لها، والأيام هي الفيصل بين الناس، وسيقرر شعبنا بعد ذلك من يستحق الذكر والتمجيد ممن يستحق الطرد والذكر السيئ، وهذا ما سيخلده التاريخ للأجيال القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق