الخميس، 15 أبريل 2010

رجال كبار يخالفون القانون


وليد السبول    13/4/10 م ....

 *  لمن لا يعرف وعذره معه أما لمن يعرف ولكنه يتجاهل فلا عذر معه.
لن أكتب في الجرائم التي حدثت مؤخرا وتكررت كثيرا وأعطيت الصبغة العشائرية ولم تخل منها منطقة في شمال وجنوب والآن في وسط الأردن. فقد كتبنا وحللنا حتى أتهمنا تارة بالعمالة وتارة بالعنصرية وقيل فينا أكثر مما قال مالك لكنني سأكتب الآن فيما أصبح شرطا من شروط العائلات والعشائر الكبيرة والمهمة حين تتوجه إلى مضارب عشيرة المغدور وتستمع وتوافق وتوقع على عدة شروط من أبرزها أنه لا يحق توكيل محام للدفاع عن الجاني والمعروف حتى تلك اللحظة أمام القانون بالمتهم.
تنص المادة رقم 208 من ( قانون أصول المحاكمات الجزائية لسنة 1961 ) والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/1/1961 على ما يلي:
3.         بعد أن يودع المدعي العام اضبارة الدعوى الى المحكمة ، على رئيس المحكمة أو من ينيبه من قضاة المحكمة في الجرائم التي يعاقب عليها بالاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أن يحضر المتهم ويسأل منه هل اختار محاميا للدفاع عنه فان لم يكن قد فعل وكانت حالته المادية لا تساعده على اقامة محام عين له الرئيس أو نائبه محاميا.
4.         يدفع من خزينة الحكومة للمحامي الذي عين بمقتضى الفقرة السابقة مبلغ عشرة دنانير عن كل جلسة يحضرها على أن لا تقل هذه الأجور عن مائتي دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار
من نص المادة أعلاه يتبين بوضوح أن محاكمة الجاني تكون باطلة وغير قانونية في غياب محام يدافع عن المتهم. بل إنه في حال عدم قدرة المتهم المادية بتوكيل محام فعلى الخزينة العامة أن تتحمل تكلفة و أتعاب المحامي الذي يعتبر وجوده أساسيا وشرطا من شروط المحاكمة.
ثم يأتي الشرط الثاني بإعدام المتهم وليس بمحاكمته وفق القانون الأردني بمعنى اشتراط العقوبة قبل المحاكمة وهذا شرط لا يقل غرابة عن سابقه. فعلى فرض أن القانون كان سيبريء المتهم أو على الأقل أن يعاقبه بتهمة أخرى فإن طرفي الجاهة يتفقان على مخالفة القانون ويشترطان عدم تطبيق نصوصه بإعدام المتهم دون محام ودون محاكمة. خلاصة الأمر بالعودة إلى شريعة الغاب حيث القانون هو قانون الأقوى والتنفيذ من حق المنتصر.
الغريب أن وفود الجاهات سواء المتوجهة أو المستقبلة يكون فيها رجال قانون بل ومن أعلى درجات القانون وجهابذته وفيها من رجال الدولة بسلطاتها الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية وفيها رؤساء حكومات ووزراء ونواب وأعيان وفيهم من يجمع أكثر من صفة من كل ذلك ومع ذلك كلهم يتفقون ويعلنون ويجاهرون بمخالفة القانون الذي درسوه وحفظوه بل وأقسموا على المحافظة عليه وصونه بأقسى الأيمان. قد يجيب أحدهم فيقول أن ذلك من باب المجاملة أو من باب تهدئة النفوس وإخماد الفتن إنما الصحيح أنه قد يكون شكلا من أشكال الإتفاق على مخالفة القانون بما يجعل مخالفيه عرضة للمسائلة القانونية مهما اختلفت ألقابهم وأوزانهم ومناصبهم.
في غياب كبار حقيقيون يمكن أن يحدث أي شيء، وفي غياب القادة الحقيقيون يقوم الغوغاء بأكثر من ذلك. أما في وجود قادة للرأي والفكر وأصحاب الجاه والوجاهة فعليهم أن يقودوا لا أن ينقادوا. القائد الفذ هو من يقف في وجه جموع تنساق بشكل همجي وأهوج وغوغائي نحو اتجاه ما فيحولها عما هي ذاهبة إليه ويرشدها إلى ما فيه صلاح لها. هكذا يظهر القادة العظماء، ليس بالمناسف والنفخات واستعراض الأموال. ولا بالسيجار والمرسيدس. ولا في القدرة على حبس هذا أو ضرب ذاك.
أما إن استمر ذلك فأولى بنا كشعب أن نقيم حفل زار نخلع فيه ملابسنا ونلفها على وسطنا ونقيم نارا في الوسط وقودها قوانيننا ونجعل من دستورنا لفائف تبغ ندخنها ونطلق صيحات الإنتصار لأننا نكون عندها قد انتصرنا على آخر مظاهر الإنسانية والحضارة وأكملنا الدورة بعودتنا إلى ما بدأ عليه الإنسان بالعصر الحجري.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق