الجمعة، 9 أكتوبر 2009

أوديرنو خادعا ومخدوعا

جاسم الرصيف

في كلمته أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي وثق الجنرال راي أوديرنو خديعة جديدة للشعب الأمريكي من خلال ممثليه ، عكست خداعه لنفسه أولا ، وإصراره واهما أو موهوما ، بأن ( العنف ) ــ ويعني به أعمال المقاومة العراقية ــ قد تراجع بنسبة ( 85 % ) في السنتين الماضيتين ، 2007 و2008 ، وتناقص من ( 4064 ) عملية شهريا الى ( 594 ) !! .

وجه الخديعة المباشر : أنه عدّ للشعب الأمريكي وممثليه ( العنف ) ــ عميات المقاومة ــ الموجّه نحو قواته الأمريكية فقط ، دون أن يذكر عدد عمليات المقاومة التي وجّهت الى القوات المحلية المؤازرة للإحتلال ، والتي يسمّونها عراقية ، والقائمة بأعمال مصدّات ضرب مبرح لمؤخرات الجيش الأمريكي ،

والوجه غير المباشر لهذه الخديعة من أوديرنو يأتي على حقيقتين :

ألأولى : أن قوات أوديرنو قللت من نشاطاتها العسكرية خلال السنتين المذكورتين الى حدّ كبير ، وماعادت تشن غير غارات إستخبارية عاجلة ضد أشخاص وأوكار للمقاومة الوطنية ، بل أنها قللت من كل نشاطاتها خاصة في الأشهر الأخيرة التي سبقت إنتخابات الرئاسة في أميركا تعزيزا لأكذوبة ( تحسن الوضع الأمني ) التي تشدق بها المرشح الجمهوري ( مكين ) الذي كان يحلم بإحتلال العراق لمدة ( 100 ) عام وحتى ينفد آخر بئر نفط فيه .

الثانية : أن قوات أوديرنو وضعت قوات ملا ّ فسيفس المالكي مصدّا محليا لضربات المقاومة الوطنية خلال تلكما السنتين بحجة بلوغها سن الفطام من مرضعتها الأمريكية ، ثم لجأت الى قواعدها على خيار إقامة إجبارية فرضتها المقاومة عليها ، وتحوّل زخم المقاومة نحو ضرب مرتزقة أميركا المحليين الذين إستبقتهم قوات أوديرنو في ساحة المعركة لتقليل خسائرها أمام الشعب الأمريكي تعزيزا لأكذوبة التحسن الأمني في العراق و( نجاح ) أوديرنو في مهمته .

وفي هذا الإطار يكشف اللفتنانت جنرال فرانك هيلمك ، القائد السابق لبعثة الناتو في العراق عن نكبة حقيقية لقوات الإحتلال تمثلها حالة ( نقص الأموال ) لتمويل الجيش ( العراقي ) ، مما يبقيه تابعا ذليلا للقوات الأمريكية من حيث العدّة والعدد ، في وقت تستعد فيه قوات أوديرنو للإقلاع عن العراق وورطته بالتقسيط المريح وغير المريح ، كما واضح من كل الأنباء والتصريحات .

ولعل أظرف ما أفاد به هيلمك هو أن القوة البحرية ( العراقية ) : ( غير قادرة على ضمان أمن المنصات النفطية ومياهها الأقليمية ) ، أما القوة الجوية فهي عاجزة عن حماية مجالها الجوي ، وهذا يوثق ، وبإتجاه معاكس لخديعة أوديرنو ، أن لا القوات الأمريكية ولاذيلها المحلي ( العراقي ) المرتزق قادران على حماية العراق والشعب العراقي .

إذا !! .

أجبرت المقاومة الوطنية العراقية أوديرنو على الإعتراف ، وأمام الشعب الأمريكي وممثليه ، أن قواته عاجزة عن إعلان ( النصر ) في العراق ، وبموجز القول يفيد هذا أن حتى ال ( 594 ) عملية التي تشنها المقاومة شهريا ضد قواته على وجه التحديد كافية لشل قدرات جيش الإحتلال عن إعلان ( النصر ) ،كما يعني هذا وبكل بساطة أن عمر الإحتلال يقصر يوما بعد يوم مهما قلّت عمليات المقاومة الموجهة ضد قوات أوديرنو .

والعجيب أن لاأحد من ممثلي الشعب الأمريكي قد وقف عند ضميره الإنساني وتساءل : النصر ضد من ؟! . لأن الإجابة معروفة سلفا : ضد الشعب العراقي الذي إحتلته أكاذيب بوش ومجرمي الحرب من أعوانه ، وهذا مايوقع السائل الأمريكي في مستنقع الأكاذيب وأرخبيلات الخديعة الموجهة ضد الشعب الأمريكي وضد شعوب العالم وأولها الشعب العراقي .

واذا كان ممثلو الشعب الأمريكي قد لحسوا إعلان بوش أنه ( إنتصر ) في العراق ، نجد أوديرنو يعلّق فشله الأكيد على شمّاعة أيران ، التي تدرّب حقا جيشها الذي دخل العراق باسم ( المجلس الإسلامي الأعلى ومنظمته بدر ) وحزب الدعوة وفصائل أخرى من جماعة مقتدى الصدر ، وهذا ( حق ) لها بوصفها دولة إحتلال ، حالها حال أميركا وبيش مركة جلال الطالباني ومسعود البرزاني ، ولكن أوديرنو لم يجرؤ على الإعتراف بأن عدم قدرته على إعلان ( النصر ) هو المقاومة الوطنية العراقية في ( 7 ) محافظات فقط من مجموع ( 18 ) : بغداد ، بابل ، ديالى ، الأنبار ، صلاح الدين ، كركوك ، والموصل ، ووضع سبب الفشل على (طليان أيران ) لإبعاد الشبهة عن فشلة في العراق.

وأعلن المسكين أوديرنو أنه غير قادر على رؤية نصر في الأفق العراقي قبل مرور ( خمس أو عشر سنوات ) ، فوثق إعترافه هذا أنه يخدع نفسه عن قصر نظر أكيد ، إذ أثبت التأريخ أن المقاومة العربية ، ومنها العراقية ، تورّث رؤاها لأجيال وأجيال ضد كل إحتلال أجنبي ، على معنى ومبنى أن أوديرنو ، وغيره من القادة الأمريكان ، ورغم دخول الإحتلال سنته السابعة لم يفهموا طبيعة المستنقع الذي تورطوا فيه :

المقاومة الوطنية العراقية ستورث مقاومتها لأجيال حتى رحيل قوات الإحتلال، وأيران تجهز عملائها في العراق لضرب الجيش الأمريكي اذا تورطت أميركا أو اسرائيل بضرب منشآتها النووية .

فهل تساءل عباقرة أميركا كيف سيعلنون ( نصرا ) في العراق وقد وقعوا في فخ قاس مزودج ؟!

عزيزي أوديرنو :

صدقني أنت في ورطة حقيقية لاحل مثالي لها غير الحل الذي إتبعتموه في فيتنام ، فلا قوات ملاّ فسيفس قادرة على حمايتكم ، ولا الصحوات ، ولا كل الغفوات من أوجار المضبعة الخضراء ، قادرة على وقف المقاومة الوطنية العراقية ، فأسلم بصلعتك البهية وأرحل قبل فوات الأوان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق