الجمعة، 9 أكتوبر 2009

تونس: صحف تصف قرار إلغاء الحج بالخطأ غير المسبوق

تونس - محمد الحمروني

بدأت تتوضّح في تونس شيئا فشيئا ردود الأفعال على القرار الذي اتخذته الحكومة التونسية والقاضي بإلغاء الحج هذا العام تخوفا من إصابة الحجاج التونسيين بإنفلونزا الخنازير.

وفي افتتاحية عددها الأخير وصفت صحيفة «الموقف» التونسية المعارضة الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي، القرار بـ «المتسرع وغير المبرر» خاصة أنه يتعلق «بمسألة على غاية من الأهمية والحساسية بالنسبة لشعب مسلم».

واعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها التي عنونتها بـ «خطأ غير مسبوق» أن الإعلان عن إلغاء الحج هذا العام خطوة غير مسبوقة في تاريخ تونس مما كان يستدعي مزيد التروي والتشاور مع الهيئات الدينية والسياسية المعنية قبل الإقدام على قرار بمثل هذه الدرجة من الخطر والخطورة.

فالذريعة التي قدمها الحكم لهذا القرار والمتمثلة في رغبتها في حماية الحجاج التونسيين لا يمكن أن تقنع أحدا، وذلك لأن الإحصاءات التي وزعتها منظمة الصحة العالمية تثبت أن تونس سجلت نحو 73 حالة ثابتة بالمرض في مقابل 26 حالة فقط مسجلة في السعودية، فهل «نحن المرشحون لنقل العدوى إلى السعودية أم العكس»؟ كما تساءلت الصحيفة.

وإلى جانب صحيفة «الموقف» طرحت عديد الأوساط والوجوه السياسية استفسارات عدة حول هذا القرار، واعتبرت بعض الأوساط أنه كان أجدر بالحكومة التونسية منع السياح الأجانب من دخول تونس حماية للبلاد من الإنفلونزا، إذا كانت ترغب فعلا في حماية مواطنيها، على اعتبار أن الـ 40 حالة الأولى التي سجلت بتونس كانت ناتجة عن إصابة تونسيين في أوروبا أو بسبب الاتصال بقادمين من هذه القارة.

وإذا كانت التجمعات الكبيرة هي ما تريد السلطة تجنبه حماية لمواطنيها من الإصابة بهذا الداء فقد كان الأجدى بها منع مقابلات كرة القدم التي يصل عدد المتابعين لها 50 ألفا أو يزيد وفي أحيان كثيرة تجري هذه المباريات في أماكن مغلقة على غرار مقابلات كرة السلة وكرة اليد.

ولكن هذه الردود لم تمنع عددا آخر من المواطنين التونسيين من إبداء بعض التفهم لقرار الحكومة التونسية.

وفي اتصال مع «العرب» أكدت مصادر من النقابة العامة للصحة، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، على تفهمها الكامل لهذا الإجراء، خاصة أنه يأتي كما قالوا ضمن سلسلة من التدابير الوقائية التي اتخذتها الوزارة لمنع انتشار هذا الوباء في تونس من بينها الحملات الإعلانية والتوعوية الضخمة عبر الملصقات العملاقة التي غطت الشوارع والومضات الإعلامية والإشهارية.

أما علي العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة «النهضة» فأكّد في تصريحات خاصة لـ «العرب» أنه لا يمكن الآن للمتابعين إبداء رأي واضح حول مسالة إلغاء الحج وذلك لعدة أسباب ليس أقلها الأهمية الكبرى لمثل هذا القرار باعتباره يمس أحد أركان الدين الإسلامي، ولعدم توضح الملابسات والأسباب التي تم الاستناد عليها لاتخاذ هكذا إجراء.

وأضاف العريض أن هذا قرار لافت للانتباه ولا يجب التسرع في الحكم عليه ويجب النظر في كل الجوانب الإدارية واللوجستية إن شئنا التي دفعت إلى اتخاذه إضافة إلى النظر في النواحي الشرعية المتعلقة به.

من جانبه أوضح الصحبي عتيق، وهو قيادي إسلامي بارز ومختص في الشريعة، أنه بناء على ما أكدته منظمة الصحة العالمية من تطمينات حول عدم تحول إنفلونزا الخنازير إلى وباء، وعدم حصول عدد كبير من الإصابات خلال موسم العمرة الماضية (نحو 25 حالة فقط) فإنه يمكن القول وبكل اطمئنان إن «الحجج التي استندت عليها الحكومة التونسية في منعها للحج هذا العام هي موانع ظنية، ولأن الحج ركن فالأصل أن لا يقع إلغاؤه بناء على مجموعة من العوامل الظنية التي هي تحت السيطرة».

وأوضح أن مفهوم «الإحصار» الذي ورد في الآية الكريمة «فإِن أُحْصِرْتم فما استيسر من الهدي» المقصود به وفق أغلب المذاهب وخاصة الإمام الشافعي هو الإحصار بالعدو لأن الآية التي وردت بعد هذه الآية تقول «فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي» والأمن عادة ما يكون من العدو كما قال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق