الأحد، 18 أكتوبر 2009

أدعو لخلق جبهة مقاومة مدنية لإنهاء الدكتاتورية في تونس

أجرى الحوار: رضا شنوف

يتحدث المعارض التونسي ورئيس المؤتمر من أجل الجمهورية المحظور منصف المرزوقي في هذا الحوار الذي أجرته معه ''الخبر''، عن الجو العام الذي تجري فيه الانتخابات الرئاسية في تونس؛حيث وصفه ''بمأساة هزلية أو تراجيدية مضحكة يلعب فيها مهرجون أدوارا موضوعة في مسرح فارغ''.

كيف تقيّمون الجو العام الذي ستجرى فيها الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع تنظيمها يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري؟

- الجو في تونس اليوم أثقل من أي يوم مضى، لأننا في نهاية حقبة قد تنذر بما هو أسوأ . القضية ليست هل سينجح بن علي في انتخاباته لكن: هل سيصل إلى نهاية الحقبة المقبلة؟ هل سيغير الدستور مرة أخرى لضمان الترشح في 2014؟ أين وصلت معركة الخلافة بين العصب الحاكمة؟ ومن سيكون المنقذ الجديد؟ هذه هي الإشكاليات الحقيقية. ما يجري الآن مجرّد سحابة دخان للتغطية على الرهان الحقيقي: تواصل نظام العصب الحاكمة في تونس لتواصل السلب والنهب.

هل ترون أنه يوجد هناك جو ملائم لإجراء حملة انتخابية عادلة وإجراء انتخابات شفافة؟

- لو وجد مثل هذا الجوّ لكنت أجوب طول البلاد وعرضها كمرشّح المؤتمر من أجل الجمهورية للانتخابات الرئاسية. ما نحن بصدده مأساة هزلية أو تراجيدية مضحكة يلعب فيها مهرّجون أدوارا موضوعة في مسرح فارغ.

أعلنتم مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة في أي عملية سياسية في ظل السلطة الحالية، ألا ترون أن سياسة المقاطعة هاته تزيد من حظوظ الرئيس الحالي في الحصول على العهدة الخامسة والاستفراد بالسلطة؟

- الرئيس المقبل منتخب بتسعين في المائة قبل الإدلاء بأي بطاقة اقتراع، و''ممثلو'' الشعب الذين يعيّنهم البوليس السياسي باسم الشعب هم أيضا حظوظهم مائة في المائة للجلوس في المقاعد الوثيرة بعد أن تخلوا عن كل شرف. أما الاستفراد بالسلطة فقائم من اليوم الأول ولن ينتهي إلا بزوال الدكتاتورية. من يعتقد بأن المشاركة في لعبة محسومة سلفا ومغشوشة دهاء سياسي وتحريك الطريق خطوة إلى الأمام، لا يخدع إلا نفسه.

هل يوجد مرشح بنظرك قادر على منافسة بن علي؟

- في هذه الانتخابات لا أحد، وفي انتخابات حرة ونزيهة أي أحد.

كيف تقيّمون وضع الحريات في تونس؟

- لما جاء بن علي أوهم الناس أنه وضع تونس على مسار ديمقراطي فصدقه المغفلون أمثالي. ما يشفع لي أن غفلتي لم تدم طويلا، فمنذ بداية التسعينيات وأنا أصرخ ''الرجل وضعنا على مسار استبدادي''. ورغم بداهة تقلص الحريات البسيطة التي كنا ننعم بها في عهد بورفيبة، فإن المغفلين لحقهم الجبناء، ووضعوا كل الخرق على عيونهم لكي لا يروا التدهور المتسارع والمنظم.

لكن من أين لأحد أن ينكر أن المسار الاستبدادي ذهب لأبعد شوط، ووصل اليوم لنقطة النهاية، وقد أصبحنا في مستوى ليبيا وكوريا الشمالية.

نحن اليوم من أكثر البلدان العربية تخلفا في ميدان الحريات وحقوق الإنسان التي كنا روادها في الثمانينيات.. فـ''واحرّ قلباه عليك يا تونس''.

لكن رغم الانتقادات التي توجهونها لنظام بن علي، إلا أنه استطاع أن يوفر شروطا حياتية واقتصادية أحسن للمواطن التونسي بالمقارنة بدول الجوار؟

- لنفرض أن هذا القول صحيح.. هل يبرّر هذا الاستبداد؟ هل الخيار أن نأكل ونسكت على الفساد والتعذيب والإذلال. المأساة أن الأمر غير صحيح.. إنه من جملة الأكاذيب الكبرى لدكتاتورية بوليسية تدعي أنها ديمقراطية.. وإلا كيف نفسّر أن ثلث سكان محتشد لمبدوزا في إيطاليا من التونسيين الهاربين من جنة بن علي. نعم هناك تقدم نسبي في تونس لكنه نتيجة طبيعة المجتمع التونسي الذي يتطور بنسبة 7% منذ السبعينيات. هذا التطور نتيجة جهد شعب متواضع ليس له ثروات معدنية أو بترول وعوّل دوما على نفسه. القيمة التي أوصلتنا لهذا التطور هي الإيمان بالعلم والتعليم والعمل. هذا الإيمان هو الذي دمّره بن علي وهو يعطي للشباب التونسي أسوأ الصور عن ''نجاح'' الفساد والتواكل وبلا حاجة لشهادة علمية.

كيف ترون مستقبل تونس السياسي والديمقراطي وفق المعطيات المطروحة حاليا؟

-إذا تواصل حكم الدكتاتور أو أورثنا لصهره فمآل تونس مزيد من التحلل والتفكك والضعف مع احتمال انفجارات لا يستطيع أحد التنبؤ بزمنها. لذلك أدعو القوى السياسية الشابة لخلق جبهة مقاومة مدنية هدفها إنهاء الدكتاتورية ومنع تجددها وليس إصلاحها والمصالحة معها كما يدعو لذلك المغفلون. إنها مسألة معركة بقاء، إما أن نقضي على الدكتاتورية أو أن هذه الدكتاتورية هي التي ستقضي على تونس.

نقلا عن الخبر الجزائرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق