الخميس، 18 فبراير 2010

نُباح مُـــدَوْزَن على الدولار... !


بلال الشريف – فلسطين

ثمة بشر يمرون على قضيتنا الفلسطينية مثل غبارٍ كأنه لم يكن، يعيش عمره طفيلياً حتى أرذله، يطفو في المنعطفات والانحسارات يشيع التعاسة والكذب والخراب ... والألم والعذاب، طفيلياً مثلما "شويعر"، يتطفل على قامات لها حضورها "هاجياً" كي يسمع رداً، ينال مجداً باعتباره موقعة كما "أُم المعارك"، قامات كبيرة تاريخي لها حضورها المدوي الصارخ في حياتنا، عملت على تغيير مصائرنا المرسومة بعناية لنرسمها بأنفسنا، وهؤلاء هم صنّاع الثورة الفلسطينية، مؤسسوا حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ورواد "قوات العاصفة شعلة الكفاح المسلح الفلسطيني".
أسماء كبيرة في التاريخ الفلسطيني لصنّاع الثورة وأمجادها؛ هُمْ من أشاعوا الفرح والسعادة في أقدار الشعب الفلسطيني، بناءً وإبداعاً وعلماً لأجيال ينتفعون به. هذا الإرث اليوم يتعرض للتشويه، في نباح مُدَوْزَن على الدولار، يشيّع الخراب في معايير تأثير الأفراد في محيطهم، نباح لقابليات ذهنية متدنية في خبراتها ومداركها، في رسم توجهاتها وقيمها الأخلاقية، نوازع الخير أم الشر، بعد إدخال التشويه في نفوسهم وبما ينطوي عليهم، وهؤلاء انتظرنا طويلاً كي تتحرك ضمائرهم إن بقي بها حياة ... ليراجعوا أنفسهم ويعيدوا تقويم "ما كسبت أيديهم" من مال، وفي سياق ما اقترفت من أفعال.
في "النباح المُدوزن على الدولار"؛ تقول فتح للمدعو شاكر الجوهري "اتّقِ شرَّ من أحسنت إليه"، وهي تعرفه جيداً كنموذج للإنسان المتهاوي، وتم طرده من فتح في الكويت، وعملت على تأديبه في مراتبه الهابطة ... إلى حيوانيته وتوحشه، وللمفارقة ... في تشظيه وخيبته التي يعممها في موقع منحول يسميه "المستقبل العربي" بعجاجه وجفافه وغباره، مصدر رزقه المأجور للنباح على كل ما هو جميل في إرث حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
شاكر الجوهري نموذجاً لعلل وعاهات المرتزق، في سيرة حياته في حركة "فتح"؛ والتي تفضح أسباب سلوكه وعدائه، وهي التي أحسنت إليه، لدرجة أنه وصل إلى تخيّل ذاته "بابا صكوك للطهارة"، فقد سبق له أن خوّن القائد المؤسس الحيّ الخالد أبو عمار، وعاد من جديد ليتاجر باسمه بعد استشهاده، لينتقد نفسه ويسحب تخوينه إلى نقده وملامته، هزلت كثيراً ولسان حاله لسان أسياده بدلاً من الهتاف مع الشعب:
                   أخي جـاوز الظالمـون المـدى             فحقّ الجهاد وحق الفـدا
ليقول:
                   أخي هيأ الطابخون (أسياده) الغدا                  فهات الثريد ومد اليـدا

خسئت وأسيادك الذين نعرفهم وتعرفهم، سلوك الأنفاس المحمومة التي تكشف عن خسة عقل "مهرقل" مهرول، سلوك أخرق.
نتذكر تاريخك في مطلع السبعينيات؛ متنقلاً بين بغداد حيث "بندقية للإيجار"؛ وبيروت في أوج مرحلة زخم الثورة وتألقها ومركزها ... تدفعنا لفتح أرشيفك في مدونات القائد الخالد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد)، وبه الكثير عن التجربة الأساس، حين التقطك الأمن الموحد؛ وأشفق عليك الأخ أبو إياد، باعتبارك صبياً مضللاً في مشروع "بندقية للإيجار"، وبالمناسبة استشهد الأخ أبو إياد على يد حالة مشابهة، أشفق عليها وخانته وخانت إنسانيته التي أحاطها بها ...
ارتبك الصبي الجوهري أمام الحقيقة العارية، ارتبك بلا خجل أو خزيّ، لكنه أشفق عليه و"كرّ، قصته، وحلَبةُ "الأمن الموحد"، وحدها المؤسسة التي يعود لها الفضل في تلطيف سنوات من حياته، نقلته من الصعلكة ... من مرتزق؛ إلى عميل مزدوج بين بغداد وبيروت، ومحاولاة بيروت بناء قيّم وطنية وإنسانية قوامها التسامح ... وعفا الله عما مضى ... ولنبدأ من جديد.
أفاض كرماً؛ فلم يكتفِ فقط بمهمته الإجرامية، بل أحال تورطه إلى مُثليته الجنسية السلبية ودركاتها المنحطة، فازداد الإشفاق عليه، دون إدراك أنه متساوق مع نفسه ومع رثاثته الأخلاقية ... ومع مفاهيمه، تعبيراً عن أعمق انفعالات المكبوت والرغبات لديّه، وقد أخطأ "الأمن الموحد" وخرق القاعدة "فمن شبَّ على شيءٍ شاب عليه"..
تمويل مفتوح ... من الكاتم إلى النباح ... والهدف واحد
صمتنا طويلاً حين اخترع حكايات "نضاله" ... في السنوات الماضية في صفوف "فتح" ... جاعلاً منها ملحمة، فالجواري مناضلاً "شرساً" في زمن البدايات، تشدق كثيراً في "العنف والإرهاب الثوري"، و"الأمني والتنظيم الحديدي"، وقد لعب على الوهم حتى صدق أوهامه ... وهو اليوم أقل شجاعةً من دون كيشوت الذي خرج من بيته لِـ "يقيم العدالة" ولو بمحاربة طواحين الهواء، يحارب الفساد بالارتزاق والفساد، والكوارث بالإمعان بالكوارث وإقصاءاتها، و"داوها بالتي كانت هي الداءُ" ... متسللاً متطفلاً إلينا بدرع "الفضيلة" ...
وأنت يا جوهري مَنْ يتذكر في منتصف التسعينيات ... بل لن تنسى ذلك ... في اجتماع لكادر "فتح" في عمان، حين شاهدك الأخ القائد الشهيد أبو عمار، كيف  طردك من بين الجموع، حين قال لك: "شو قاعد دبتسوي هون" ... "روح عند أسيادك" ...
لم تدرك معنى كلماته، ولرجل يحفل بكل إنسان، لدرجة أن اجتماعات "فتح" هي مهرجان مفتوح لكل مَنْ يحضر، لكن كلمات أبو عمار الثلاثة الأخيرة لها ما لها من يقينية ... وبالدور المرسوم لك، ولها من عمق وإدراك لترهلات شخصيتك ورقصها على الحبال، وصولاً إلى النباح على القائد أبو عمار، وها أنت اليوم تعتذر له، فمن سيصدقك! وأنت تتطاول مأجوراً على قيادات "فتح" التاريخية، بما فيها الأخ الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ! مَنْ سيصدقك؟ تتطاول على كل ما هو خيّر وناصع ومتألق من رموز شعبنا.
أخطأ الأخ أبو إياد رحمه الله، حين احتسب أنه يقوم برحلة تحرير هذه الذات من أدرانها وأوساخها ... من ارتزاقها ووحشيتها، بمشاعر راقية تقطع وتر الهاوية المنزلقة لها، لكن "الفيض" الارتزاقي خان مرآة المستفيض، حتى قضى الإرهاب "أمراً كان مفعولاً" على يد صُناع التعاسة والارتزاق والآلام، مشيعيو الحزن والخراب من أصحاب الضمير الميت، وهؤلاء هم صناع التعاسة، خاصةً أولئك الذين يمتلكون "جيناً" خاصاً بالخيانة وهذا ما تقوله تجربتك ...
في قصص العرب، وقصص الثورة الفلسطينية وفلسطين أن ثمة ودياناً في هذه البلاد المباركة، تمتلئ أحياناً بكلاب نافقة ... نفقت لوحدها وذرّر الهواء آثار أقدامها، وليتعظ مَنْ يتعظ ... ففيما ورد غيضٌ من فيض .. "لمن يعرف كوعه من بوعه" ... فقط.
ونقول لأهل "فتح" أهل الثورة ... أهل الورع؛ جباههم علاماتهم ... وكلماتهم خصالهم ... هم لا يباعون ولا يشترون، لأنهم لا يمتلكون إلا محبة فلسطين ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق