الأحد، 15 نوفمبر 2009

أعاجيب في بلاد الأعاريب !(1)

عبدالله خليل شبيب

لسنا متشائمين .. ولكننا – ككل إنسان – نطمح إلى الأفضل .. ونود لعالمنا ولإنساننا كل خير .. ..وعلى الأقل ..مثل سائر خلق الله وبلاد الله ..: أوضاعا طبيعية عادلة معتدلة ينال كلٌ فيها حقه دون عناء أوتعقيد ويؤدي واجبه بإتقان وأمانة .. ويتمتع بحريته بحيث لا يؤذي الآخرين ويتعاون مع مجتمعه في الخير والمعروف ومواجهة الصعوبات والطواريء.

ولكن لأن الإنسان مفطور على الطموح .. الذي يؤدي ويدفع إلى الطمع في ما في أيدي الآخرين ... وعلى حب الاستئثار ..وأكثر الناس لا يعلمون .. ولا يحسبون حساب آخرة ولا غيرها .. ولذا إذا تمكنوا – وأمنوا من العقاب والمحاسبة ؛ أو ظنوا كذلك - اعتدواعلى حقوق غيرهم بأية وسيلة ولم تقف مطامعهم عند حد ..إلا أن تجد من يوقفها ..ويحدها ..ويردها !

من هنا وجدنا أكثر الناس يستخدمون السلطة والقوة والنفوذ للتعدي على أموال وحقوق الآخرين – وخصوصا على المال العام الذي هو حق الجميع .. مما يؤدي إلى الخلل والنقص في كثير من مرافق الحياة ..وأوضاع المجتمع !

.. ولذا .." ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس .. ليذيقهم بعض الذي عملوا "!

والناظر في أحوال العالم العربي والإسلامي عموما ..- وخصوصا الذي يقيسها على المطلوب والمأمول..او على الماضي المجيد – أو على أحوال الأمم الأخرى ..؛ نادرا ما يجد ما يسره ! بل يجد تراجعا مستمرا .. وإذا تفرس في الأمور .. يكاد يجزم أن ذلك التراجع ..والجمود يكاد يكون متعمدا !

في كثير من مرافق الحياة ونواحيها ..على سبيل المثال ..( الاكتفاء الذاتي ..والاقتصاد الإنتاجي والتصنيع الحقيقي لا التجميعي أو الهامشي – والاستغلال الأمثل للموارد والطاقات – دون تبديد أوإهدار ..– والمديونيات - والحريات ..والأسعار والأحوال المعيشية والصحية والتعليمية والأخلاقية وتفاقم الجريمة .. والتلوث..والتضخم ..والأزمات المختلفة ..والسيطرة والتدخلات الأجنبية والوحدة ومقوماتها والقوة والعدل في توزيع الثروات والدخول .. إلخ ) .. كثير من ذلك وغيره .. قلما يحصل فيه تقدم أو تطور إلى الأحسن .. فإذا تقدمنا خطوة رجعنا خطوات !

.. وإلا فهذا العالم العربي [ دويلاته ] مستقلة منذ عشرات السنين .. ومع ذلك أكثرها يراوح في مكانه .. وتزداد أوضاعه سوءا [ بغض النظر بالطبع عن زيادة [ البهرج ] المستورد معظمه – وهو ما أسماه مالك بن نبي ( التكديس ) ؛ والمظاهر البراقة الكاذبة !] ..! مع أننا بشر كسائر البشر ...لنا نفس خلقتهم ..ومواهبهم وتكوينهم البيولوجي والعقلي .. كما أن لنا مثل إمكاناتهم المادية والطبيعية والنفسية والفكرية ونحوها ..بل ربما أكثر بكثير – أحيانا .. ومع ذلك ..الفوارق بيننا وبين الآخرين شاسعة ..في نواح كثيرة !

دولة [ الباطل X باطل ] الصهيونية : تحَدٍ ّسافر وكبير!:

.. ولا نريد أن نقارن بدولة العدو الصهيوني التي تكونت – حديثا – من أخلاط من البشر لا يكاد يجمعهم جامع .. إلا التوحد على العدوان واغتصاب حقوق الآخرين ..وبناء دولتهم على أنقاض جزء عزيز من وطننا الكبير ..بل في( سويداء قلبه) .. ونشأت دولتهم في ظروف تبدو غير طبيعية ..ويحيط بها من يريد هدمها وابتلاعها – كما يصورون - ! وإن ألَّبوا العالم الطامع معهم ..بل كان متحمسا لباطلهم مناصرا لهم ..يطمح لتحقيق مآرب ومطامع شتى من زرع هذه البؤرة الموبوءة الوابئة ! المخربة العدوة في قلب العالم العربي والإسلامي ..ولا يتسع المقام لشرح تلك المطامع .. فأكثرها معروف .. ولذلك يحتار الإنسان حينما يسمع دعاواهم بالتحضر والديمقراطية وحقوق الإنسان ..إلخ .. ثم يجدهم يناقضون ذلك كله ..خصوصا إذا ارتبط بالكيان الصهيوني وتعارض مع عدوانه ..وأباطيله .. حيث أنه قائم على باطل واضح وعدوان على الآخرين..وامتهان لكل الأخلاق وحقوق الإنسان ..بل هو متحَدٍّ لما يسمونه [ الشرعية الدولية ] ... فلماذا لا يوقفونه عند حده ..ولا يطبقون عليه [ مبادءهم المزعومة ]؟! ..ولماذا [ تتساقط كل حضارتهم ومبادئهم ] أمام الباطل الصهيوني الواضح بطلانه ؟!

.. ولا يتسع المجال كذلك ..إذا أردنا أن نضرب الأمثال على تحيزهم و[ عَوَر حضارتهم ].. وخلل مقاييسهم المزدوجة ..إلخ

.. باختصار .. :العدو الصهيوني .. لأن حكامه غالبا يعملون لمصلحتهم العامة [ وليسوا دكتاتوريين ينجحون بالتسعات المكررة في انتخابات مزورة !!]..ولا حاكمين بأمرهم الذي لا راد له ولا معقب عليه!! بل يخضعون للرقابة والمحاسبة الشعبية..ونادرا ما يستطيع أحدهم السرقة ..وبقدر قليل نسبيا ..ثم يحاسب ..!ولأن الموارد مستغلة في موضعها افضل استغلال .. ولأن الأموال لا تهرب للخارج ..وتكدس عند الأخرين .. بل يعمل الصهاينة على ابتزاز الآخرين .. واستدراج كثير من أموالهم وإمكاناتهم – بمختلف الوسائل !

[ واسألوهم .. كم تكدس عندهم من أموال العالم نتيجة أكبر مؤامرة – في التاريخ -على الاقتصاد العالمي في ما سُمِّي بالأزمة المالية العالمية الأخيرة التي أفقرت كثيرا من البلاد والشعوب وهزت اقتصادها ..وكان المستفيد الأوحد والأكبر هم اليهود ودولتهم اللصة .. وسيظهر – من بعد – ما يشدَهُ المراقبين ويقف له شعر الرؤوس – كما ظهر في سرقتهم لأعضاء الشهداء والقتلى ومتاجرتهم بها !- فهم جنس خسيس من البشر .. ليس دونه خساسة ولا دون سفالته وانحطاط أخلاقياته..درْك.. حتى الشياطين لا تستطيع بلوغ درجتهم الدنيئة !!!]

..من هنا – وبسبب تلك الأمور والعوامل ..وغيرها -استطاع العدو أن يبني دولة تضارع الدول الأوروبية في تقدمها وتصنيعها ..ورفاهية إنسانها وعلاقاتها وقوتها ..إلخ

إنساننا كفء .. لكنه مُضَّيَع ، ومواردنا ضخمة ولكنها مبددة:

.. لسنا أقل من اليهود ولا من اليابانيين ولا من الأوروبيين .ولا من الأمريكان ..ولا حتى من الكوريين والصينيين ..وغيرهم.... بل إن الكثيرين من أبناء هذه الأمة يسهم في بناء الحضارات الأمريكية والأوروبية ..حين يجد الحرية والإمكانات والعدل والتشجيع والأجواء المناسبة ..

.. فلماذا إذن إنساننا مضيع متخلف ؟ وأكثرنا فقراء ومرضى وضاحون ( لا سكن لهم )؟ وعاطلون عن العمل المُجدي ، والأكثرية الساحقة لا تكاد تجد ما يسد رمقها .. مع أن أموالنا وخيرات بلادنا ومواردنا ليست شحيحة في الغالب ... ولا ضئيلة – خصوصا إذا نظرنا نظرة أشمل ..ولكنها تصب في جيوب الآخرين ..وتعمر بلادهم ..وغالبا ما تُدَوَّر حتى لصالح الأعداء !.. ويكاد ينطبق علينا البيت المشهور :

كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول !

إذن – وبالرغم من كل تلك المعطيات ..: لماذا كل هذا التراجع والتخلف والتمزق والضياع ..على مدى عشرات السنين ؟؟!!

هل هذا هو السر ؟! فأين المفكرون والعقلاء؟!:

.. لماذا لا يفكر المفكرون ؟ ولا يحاسب المحاسبون ؟ ولا يحذر الحكماء والعقلاء..من هذه التدهورات المتسارعة في منزلقات خطيرة ..إلى المجهول ؟!

أمأنهم إذا نصحوا وتكلموا بإخلاص وصدق .. كان مصيرهم ما هو معروف ..من تكميم وإِلجام وتصفية أونفي أو سجن – أخف منه الحِمام - وتسليمهم [ للقطاء التعذيب ] ..؟!

.. لقد تكلم الكثيرون و حذروا وأنذروا .. لكن أين هم ؟! ..إلا من رحم الله وأنقذهم من براثن مرضى السادية ولقطاء النظم المخابراتية !!

.. الأمر الطبيعي ..أن يقال للمقصر والفاشل : قف عند حدك ؛ ! إن كنت لا تستطيع قيادة الدفة ..فدع غيرك يجرب !

.. لكن ..كيف يكون ذلك ..وكل حاكم يعتبر نفسه [ نصف إله ] وملهما لا يخطيء ..بل وكل البلاد والعباد ملك له وتبع ..والويل لمن يرفض أو يخالف ..فكلنا يعلم ما مصيره ؟..

..بل والأخطر من ذلك والأنكر .. أن معظم تصرفاتهم .. ليست من بنات أفكارهم ..وأنهم أحيانا يؤمرون وينفذون..وربما كثيرا ما لا يدرون ماذا يفعلون ؟؟!..ولماذا يفعلون ما يفعلون ؟!!

.. وبالطبع [ وللزوم الشغل وإتقان الدور والتعمية ورد (العين) والانتقادات ] يسمح لهم بالتصرف والتصريح كأنهم يتحرقون إخلاصا للوطن والمواطن ..ويسمح لهم بسب الصهيونية والاستعمار وتهديد العدو أو مهاجمته بالخطب النارية والتصريحات العدائية ..إلخ بل والدعوة إلى الوحدة والتضامن و[ حتى ] إلى الاستقامة والأمانة! ..بل ولبس مسوح المصلحين والأئمة المجتهدين..وربما أيضا ( عباءة صلاح الدين ) !!..والتلويح بسيف خالد بن الوليد ..إلخ!!!

هذه هي [ الأعجوبة الكبرى في بلاد العجائب العربية ] والتي لو ذهبنا نعدد أنماط الخطأ ومواطن الخلل فيها .. وميادين التخريب والإفساد .. لما وسع لكل بلد مجلد ..ولكننا قد نكتفي – في مرة قادمة – إن شاء الله- بذكر نماذج عفوية ..كأمثلة ..قد تتشابه في بلدان الأعاجيب – حيث غالبا أن [المعلم واحد] ..وقد تختلف أحيانا حسب خصوصية كل بلد ونظام ..ودوره وظروفه!

... قد نتحدث عن ديمقراطيات الهراوات ! .. ونظم [ القبائل الحزبية والطائفية ] وفلول العسكر والبوليس الفاشلين الحاقدين ..ونظم القمع الإنساني وأقبية التعذيب الحيواني الديمقراطي والتجويع الوطني والترويع القومي وتكميم المثقفين والأحرار وتزوير الانتخابات واحتلال الجامعات والتدخل في الخصوصيات ..إلخ .. وتزوير الإعلام وملاحقة أحراره ..وخدمة الأعداء وحراستهم والترويج لهم وللتطبيع معهم والتوق إلى [ وصلهم] ورضاهم ..وانتشار الرشوة والمحسوبية والفساد المستشري ..الذي أصبح ديدنا وقانونا لا يكاد يغلبه غالب أو يقضي عليه قاض !!..

[ والملهمين] الذين ما جاد الزمان بأمثالهم..ولذلك هم يجثمون على صدور شعوبهم .. عشرات السنين – قسرا وقهرا - ..ثم يريدون [ توريث تركتهم = البلاد وأهلها ] لعقبهم الفاشلين الفاسدين ..– [لزوم] استمرار الفساد والتراجع والدمار ..حتى يرث الصهاينة عالما خاليا ممن يستطيع أن يقاوم باطلهم ..أو أن يرفع يدا في وجه عدوانهم .. بل يدوسوا رقابا [ ممهدة ] تعودت على الخضوع والخنوع لتلامذتهم ..وموظفيهم الذين أحسنوا التمهيد لهم ..وكانوا جندهم المطيعين وشر سلف لشر خلف..بل وربما كانوا– أو بعضهم – أبناءهم البررة الذين أدوا لهم خدمات تاريخية تخولهم أن يكونوا في صدر موسوعتهم[الصهيونية اليهودية] !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق