الأحد، 15 نوفمبر 2009

اغتيال الديمقراطية بسيف اللاانتخابات

عبد الناصر النجار – فلسطين المحتلة

في العام 1996 حذرنا من إجراء الانتخابات بالطريقة التي أجريت بها على اعتبار أن الانتخابات هي مظهر أو أحد تجليات الديمقراطية وليست أساساً لها، ولأن الأسس تتمثل في الدستور والثقافة الديمقراطية والاقتصاد والتعددية، وبالتالي فإن الخطر بعينه أن تصبح الانتخابات أداة تستخدم فقط لتحقيق المصالح.

كنا نقول: إن الثقافة الديمقراطية والايمان بالتعددية يجب أن يسبقا الانتخابات، خوفاً من استخدام الاخيرة سيفاً لقطع الرقاب، وللأسف هذا ما حصل.

في العالم، الانتخابات تجري وفق استحقاقات دستورية وفي فترات محددة، والعودة الى الصناديق تكون في ظل الأزمات التي تتعرض لها الدول، أو بعد الوصول الى مأزق سياسي، وليس فقط في ظل الانفراج.

عندنا نطبق العكس تماماً، فلا انتخابات في ظل خلافات سياسية، ولا انتخابات لا تكون على مقاس الاحزاب، ولا انتخابات لا يضمن فيها تحقيق الاغلبية، ولا انتخابات لا نضمن فيها قبول العالم بنا؟ الأخطر من ذلك! لا لانتخابات يتم من خلالها تغيير أمر واقع فرض على الارض بالسيف والدم، لأن في ذلك تغييراً للشرع ووو .....

الناطق بلسان حماس لا يعترف بشرعية لجنة الانتخابات ولا شرعية الرئيس، ولا شرعية حكومة فياض، ويعلنها صراحة، لا انتخابات إلا ضمن شروط الحركة أو بمفهوم العامة "من لا يعجبه فليضرب رأسه..." والسؤال الى "حماس": لجنة الانتخابات الموجودة اليوم هي التي أشرفت على الانتخابات التي استخدمتها "حماس" لذبح الديمقراطية... أو ليس الدكتور حنا ناصر هو الذي أعلن نتائج الانتخابات التي اعتبرتها الحركة أكثر من نزيهة وأشادت بها؟ ما الذي تغير في الدكتور حنا ناصر حتى يصبح عند الحركة شخصاً فاقد الشرعية؟؟!! وهل الشرعية صكوك غفران توزع حسب الاهواء؟

وما يثير الحزن والاستغراب، وليس المفاجئ، أن الاحتلال الاسرائيلي و"حماس" يرفضان الانتخابات على اعتبار انها تضر بمصالحهما.

والغريب أنهم في حماس يدّعون أن نظامهم السياسي "الثيوقراطي" في القطاع يحقق الاهداف التي اقيم من اجلها، وأن الشعب الفلسطيني الرازح تحت حكم الحركة هو الدافع والرافع للنظام، بمعنى ان الشعب معها، وإذا كان هذا صحيحاً، فلماذا ترفض السماح لهذا الشعب أن يعبر عن توجهاته من خلال صناديق الاقتراع؟

في الانتخابات السابقة قالوا: لو أن الانتخابات لم تجرِ، أو لو تم منع حماس من دخولها على أساس أنها ليست جزءاً من النظام الديمقراطي فإنها كانت ستلجأ للانقلاب الدموي.. ولكن
ما الذي حصل، تم الانقلاب ولكن في إطار ما يدعونه الشرعية، وحصل الانقسام المدمر.

واستغلت اسرائيل الوضع الجديد لمواصلة الاستيطان والتهويد في كل الضفة الغربية وخاصة القدس.
والمحزن ما نسمعه اليوم من بعض المحللين والكتاب الذين يحاولون ربط اجراء الانتخابات بالمصالحة، ما يعني أن الانتخابات لن ترى النور، فماذا لو لم تتم المصالحة لثلاث او خمس سنوات مقبلة.. هل سيبقى الشعب الفلسطيني رهينة بيد المسيطرين بقوة السلاح، وأيضاً كيف يفسرون تصريحات الدكتور عزيز الدويك بأنه سيجري الانتخابات في موعدها بعد 60 يوماً إذا ما استقال الرئيس محمود عباس وتولى هو المهام، يعني أن هناك امكانية لاجرائها ولكن حسب اجندة وقرارات حماس وهذا هو الخطر بعينه.

الانتخابات إن لم تكن رافعة للديمقراطية تكون وبالاً وخراباً على الشعوب، ونحن ندعو الله ألا تكون الانتخابات كعود الثقاب الذي يستخدم لمرة واحدة؟! وقد استخدمته حماس مستغلة ديمقراطيتنا الزائدة!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق