الأحد، 15 نوفمبر 2009

"الاستقواء بالأجنبي مرفوض وحزبنا متمسك بالممانعة السياسية والحضارية"


أدلى الأمين العام للحزب الأخ أحمد اينوبلي بحديث صحفي لصحيفة الصريح التونسية نشر اليوم الأحد 15 نوفمبر 2009.

فيما يلي نصه كاملا:

أحمد الاينوبلي لـ"الصريح"

"الاستقواء بالأجنبي مرفوض وحبنا متمسك بالممانعة السياسية والحضارية"

تونس/الصريح

أكد السيد احمد الاينوبلي أمين العام الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن مشاركة هذا الحزب في الانتخابات الرئاسية والتشريعية موقعته في الساحة الوطنية باعتباره حزبا حاملا لمشروع يرتكز على السيادة الوطنية والتمسك بخط الممانعة السياسية ، مبرزا أن برنامجه الانتخابي تضمن المبادرة بمطالبة فرنسا بالتعويض المادي والمعنوي عما ألحقه من أضرار بالوطن، ومذكرا أن هذه المبادرة تعتبر الاستقواء بالأجنبي مسألة مرفوضة كما أنها "كشفت البعض وأخرجتهم من مخابئهم" وذلك في اجابة عن أسئلة طرحناها عنه بالأمس كما يلي:

أجرى الحوار : لطفي بن صالح

بادئ ذي بدء كيف تقيمون مشاركتكم في الانتخابات الأخيرة سواء الرئاسية والتشريعية؟ وهل تعتبرونها ذات انعكاسات ايجابية على تموقع حزبكم؟

إن مشاركة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في الاستحقاق الرئاسي والتشريع قد خضعت لتقييم المكتب السياسي للحزب واعتبرها مشاركة جد ايجابية ارتباطا بالرهانات المعلنة من الحزب وهي رهانات سياسية وحضارية بالدرجة الأولى وقد تمكن الحزب من طرح برامجه موضحا منطلقاته وأهدافه وابرز خلال الحملة الانتخابية خطه السياسي وهو ما وقع الحزب في الساحة الوطنية على انه حزب وطني له طروحاته التي تناولت كل القضايا الوطنية والعربية والدولية وأكد مرة أخرى انه يحمل مشروعا مجتمعيا مرتكزه الأساسي السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والتمسك بخط الممانعة السياسية والحضارية في مواجهة الاملاءات ومحاولات الإلحاق والانبتات كما انه حزب مناصر معلن للمقاومة العربية في مواجهة الاستيطان الصهيوني والاستعمار والهيمنة كل هذه المضامين صارت معروفة لدى شعبنا وهي عنوان حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي فضلا عن خياراته الاقتصادية والاجتماعية الداعية إلى التكافؤ بين الجهات والتضامن بين الفئات ودعوته إلى مراكمة البناء الوطني مراكمة فاعلة ومسؤولة لا مجال فيها للتوقف أو الاستكانة ولا مجال فيها للقفز على الواقع نحو المجهول غير محسوب النتائج.

وعليه فإنني استطيع القول بان انعكاسات الانتخابات على تموقع الحزب كانت جد ايجابية سياسيا.

استاثرت مطالبتكم لفرنسا الاعتذار والتعويض للشعب التونسي باهتمامات، فيما تتمثل تفاصيل هذه المطالبة؟

إن مبادرة حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي التي أطلقها بمناسبة الحملة الانتخابية والتي تضمّنها برنامجه الانتخابي وأعلن عنها في افتتاح الحملة الانتخابية يوم 14 أكتوبر 2009 هي مبادرة نابعة من عمق خياراتنا الوطنية ومبادئ الحزب الذي اختار لنفسه نهج الممانعة. وهي تتأصل أيضا في كون الاستعمار الحق أضرارا فادحة في النسيج الوطني ثقافيا وماديا ومعنويا، فـ75 سنة من الاحتلال عطلت مسيرة التقدم والبناء لتونس سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحضاريا لذلك نحن دعونا فرنسا إلى الاعتذار لشعبنا وتعويضه عن سنوات البطش والنهب الممنهج تحت قوة السلاح – ونعتقد أن الاعتذار الرسمي سيعيد لشعبنا اعتباره المعنوي وتوازن ذاكرته كما أن التعويض قد يساهم في تجاوز سنوات التعطيل التي عرفها المجتمع وكبلته عن بناء مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية اقتصاديا واجتماعيا لمدة 75 سنة خاصة والجميع يعلم أن تونس عرفت قبل بداية الاحتلال بقليل موجة إصلاح دشنته بعد الأمان ودستور 1861، فماذا يمكن أن يكون موقع الدولة التونسية السياسي والمؤسساتي والتنموي والاجتماعي لولا ذلك الاحتلال البغيض.

لماذا جاءت في هذا الوقت أو الظرف بالذات؟

لم تأت هذه المبادرة اليوم بل تمّ الإعلان عنها في افتتاح الحملة الانتخابية للحزب يوم 14 أكتوبر 2009 واخترنا ذلك الوقت حتى يكون لها صدى أوسع وتجد ظروفا ملائمة لانتشارها عبر وصولها إلى أكثر ما يمكن من أبناء شعبنا والقوى السياسية ووسائل الإعلام ولأنه في ظروف الانتخابات يهتم المواطن ببرامج الأحزاب أكثر من أي وقت آخر.

ما هي أوجه العلاقة بين مطالبتكم فرنسا بالاعتذار والتعويض وبين من تتهمونهم بالتعامل مع الخارج والاستقواء بالأجنبي الفرنسي خاصة؟

لا اعتقد أن هناك علاقة تذكر بين مطالبتنا لفرنسا بالاعتذار والتعويض وبين من اختاروا لأنفسهم موقع المولاة لفرنسا أو التعامل مع الأجنبي ،بل إن مبادرتنا كشفت البعض منهم وأخرجتهم من مخابئهم لشن هجومهم على شخصي وعلى المبادرة دفاعا عن فرنسا وهناك منهم من اعتبر أن مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض يعد "وقاحة" – واعتقد أن مسألة الاستقواء بالأجنبي لغاية النهوض بالداخل هي مرفوضة مطلقا من طرف حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كنا قد نبهنا إلى ذلك حين دعونا إلى حوار وطني يرتكز على رفض الاستقواء بالأجنبي وينطلق من الحفاظ على الاستقلال الوطني ومكتسباته.

مطالبتكم هذه هل هي لمجرد المطالبة ذات الصبغة الرمزية أم أنها اعتراف منكم بان كان هناك احتلال فرنسي لتونس وبالتالي كيف ترون تفعيلها مجريات تنفيذها خاصة في ظل حكومة فرنسية يمينية يرأسها ساركوزي؟

إن مطالبتنا فرنسا بالاعتذار والتعويض يأخذ منحى رمزي وحضاري وثقافي ونفسي ومنحى سياسي واقتصادي إذ أن الاستعمار عطل مسيرة تونس كما ذكرت على درب التقدم والبناء أمام النهب الممنهج لخيراتها خلال حقبة الاستعمار أما مسالة تفعيلها فإننا كحزب طرح المبادرة على الشعب وقواه السياسية والمدنية وستأخذ مجراها باتجاه بلورتها أما تنفيذها فهو مرتبط بمدى تفهم الدولة الفرنسية لمشروعية الحق في المطالبة بالاعتذار وهو حق لا يسقطك بالتقادم وسيظل مطروحا إلى أن يأتي اليوم الذي تستجيب فيه فرنسا للاعتذار عن حقبة الاستعمار ولا يعنينا من يحكم فرنسا اليمين أو اليسار بل أن ما يعنينا هو شرعية الطلب.

في ظل صمت مكونات المجتمع السياسي والمدني تجاه مطالبتكم هذه؟ أية تفاعلات أو آفاق تحملونا لمستقبل هذا المسعى؟

مبادرتنا وجدت تجاوبا من عديد النخب السياسية والثقافية أما مكونات المجتمع السياسي والمدني فإننا ننتظر موقفها واعتقد أن ذلك سيأخذ وقت لدراسة المبادرة والوقوف عند أبعادها وتداعياتها ولكن ما أقوله لكل مكونات المنتظم السياسي والمدني إن هذه المبادرة ليست دعوة منّا لقطع العلاقات مع الدولة الفرنسية وشعب فرنسا ولا البحث عن خصومة سياسية مع الدولة الفرنسية بل هي دعوة للحق ومطالبة مشروعة به انتصارا لحق الوطن والشعب في الحصول على اعتذار وتعويض عادل عن سنوات الاحتلال دفعت خلالها أجيال من الآباء والأجداد الأرواح والكرامة ودفع الوطن بمختلف أجياله ضريبة تعطل مسيرته لمدة 75 سنة وأقول إن تضحيات الشهداء والمناضلين الشرفاء تستحق من الجميع لفتة تعيد لهم وللوطن الاعتبار الذي انتهك خلال سنوات الجمر الاستعماري وان المطالبة بهذا الحق المشروع ليست تهمة أو تجنيا بل يدخل في مجال الاعتراف بتضحيات الأجيال السابقة وإكبارها والتمسك بمرجعيتها النضالية كما أنها تمثل بالنسبة للدولة الفرنسية فرصة لتبرهن على أنها دولة الحقوق والحريات من خلال الاعتذار لشعبنا وليست دعوة لأي شيء آخر لأننا لسنا دعاة هدم بل نحن دعاة بناء وطني له مرجعيته نستمده من تضحيات الأجداد ونضالات الأجيال التي قارعت الاستعمار.

*المصدر: الصريح/ الأحد 15 نوفمبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق