السبت، 17 أكتوبر 2009

ما يجري في اليمن سببه غياب الديمقراطية

عبد الحافظ معجب


أرجع الصحفي والناشط الحقوقي اليمني عبد الحافظ معجب الأزمات التي تمر بها اليمن في الوقت الراهن إلى غياب الديمقراطية. واستبعد عبد الحافظ أن يكون للحرب التي تدور رحاها في مدينة صعدة طابعا طائفيا، معتبرا اتهامات السلطة للحوثيين بالسعي لاعادة اليمن إلى عهد ما قبل الثورة "افتراءات ومزاعم كاذبة ومبررات واهية".

وأشار معجب في حوار خاص بموقع "آفاق" إلى وجود الكثير من المستفيدين من استمرار الحرب كتجار الأسلحة من قادة الجيش، متهما "مقربون من الرئيس" بالضلوع في إشعال الحروب.

وطالب معجب كلا من الرئيس علي عبد الله صالح وزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالوقوف في الأمم المتحدة أو الجامعة العربية لشرح أسباب هذه الحرب ومبرراتها وحجم الضحايا من الطرفين. وقال "ان لن يقف الطرفان أمام هذه الطاولة وقوف اختياري بالسلم والتراضي سيقفان قريبا أمام القضاء الدولي وخلف القضبان وسيتحمل الطرفان تبعات كل ما حدث ويحدث".

وأكد معجب تورط المملكة العربية السعودية في حرب صعدة "من خلال دعمها المادي واللوجستي للسلطة بالإضافة إلى دعم وتسليح المقاتلين السلفيين الوهابيين والاعتمادات الشهرية الواضحة التي تصل لمراكز تعليم الأفكار الوهابية في صعدة وذمار وأب والحديدة وتعز ومعبر".

وأضاف "هناك الكثير من الشواهد التي تثبت أن المملكة صاحبة سوابق في التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية ليس أوله ذلك التدخل في اغتيال الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي ولن يكون آخره التدخل الواضح في الحرب على صعدة".

وذكر معجب أنه تعرض للاعتقال والتهديد بالقتل بسبب تغطيته لمظاهرات شعبية ضد قيام الحكومة برفع الأسعار ونشره تقارير رسمية تكشف تورط مدير مديرية عمران باختلاسات مالية وتجاوزات ونهب للمال العام. كما أشار أيضا إلى تعرض مدونته للحجب بسبب نشره بيانا للحوثيين يتهمون فيه السعودية بالتدخل في الشأن اليمني وقصف صعدة بالصواريخ.

وفيما يلي نص الحوار:

آفاق: لعل أول ما يتبادر إلى الذهن هو: الذي يجري في اليمن؟
عبد الحافظ معجب: ما يحدث في اليمن هو هرولة سريعة نحو المجهول نتيجة لحكم فرد، صاحب مشروع عائلي، اعتبر نفسه مالكا للبلد وثرواته، فهو نظام موبوء عاجز جعل القوانين معطلة والدستور قميص يفصّله حسب الهوى من خلال تعديلات تصب لمصلحة بقاءه على الكرسي.

ما يحدث في اليمن هو غياب تام للدولة الديمقراطية والمؤسسات. الحاكم الحقيقي للبلد هو الفساد والظلم ومشايخ القبائل المتنفذين من القادة العسكريين وغيرهم. يعيش اليمن خلال هذه الفترة أسوء مراحلها التاريخية عبر العصور في الجنوب أبناء المحافظات الجنوبية أخرجهم الظلم والفساد وغياب الدولة والعدالة إلى المطالبة بحق تقرير المصير وفك الارتباط مع دولة الشمال لاستعادة دولتهم الجنوبية المستقلة سابقا.

وفي محافظة صعدة في الشمال يتعرض المواطنون لإبادة جماعية تنفذها السلطة الحاكمة على مدى ستة حروب تخوضها منذ العام 2004م وحتى اليوم وقد قتل فيها الآلاف وجرح عشرات الآلاف وشرد مئات الآلاف بعد أن فقدوا كل ما يملكون من أراضي ومساكن وتجارة وكل ذلك بحجة أن السلطة تقود حربا ضد جماعة الحوثيين الذين تصفهم السلطة بالمتمردين.

وفي محافظتي مأرب والجوف تنمو مخالب تنظيم القاعدة وفي محافظة (أبين) تتوسع الميليشيات المسلحة التابعة للتنظيمات الجهادية في جزيرة العرب واغلب ممن تم تهريبهم من سجون الأمن السياسي بالعاصمة صنعاء.

وفي محافظة عمران يعيش المواطنون في خوف ورعب على حياتهم جراء الحروب القبلية الدامية التي تنشب هناك بين لحظة وأخرى وتتهم الحكومة هناك بتغذية وإذكاء الصراع بين رجال القبائل عن مواجهة الدولة، وتنتشر بمحافظة عمران عصابات القتل وقطع الطرق وانتشار أسواق الأسلحة هناك يتسبب بازدياد جرائم القتل العمد حيث جاء في التقارير الرسمية للداخلية اليمنية أن محافظة عمران تحتل المرتبة الأولى على مستوى اليمن في جرائم القتل العمد بمعدل ثلاث جرائم قتل يومية و21 جريمة قتل في الأسبوع و90 جريمة قتل خلال الشهر.

ولو أردنا التحدث بالتفصيل عما يحدث في اليمن من حروب وصراعات وغياب للعدالة وضياع الحقوق نحتاج إلى مجلدات وأسابيع للحديث وسنصل إلى حقيقة مفادها أن اليمن أصبح يشبه كثيرا العراق أو الصومال، فالمواطن اليمني يبحث عن آدميته وإنسانيته وكرامته المسلوبة ومن ثم يبحث عن حقوقه فالكل هنا يحلم بالأمان وتوفير الخدمات كالكهرباء ومياه الشرب مثلا .

آفاق: ثمة من يعطي على الحرب الدائرة الطابع الطائفي، إلى أي حد يمكن القول أن ثمة حرب طائفية في اليمن تحت سقف سياسي أو امني؟
عبد الحافظ معجب: لا استطيع أن اجزم بان الحرب في صعدة تحمل طابعا طائفيا فهناك طوائف وفرق تشكل خطورة كبيرة على الدولة والمنطقة ولم تواجههم السلطة بالرغم من معرفة السلطة بوجود جماعات تربي وتنشئ الشباب على التطرف والغلو والإرهاب ولم ينشا بينهم أي صراع، أما بالنسبة لما يدور في منطقة صعدة فهذه قضية لازال يكتنفها الكثير من الغموض فإذا كانت السلطة قد شنت حربها الأولى على صعدة بحجة ملاحقة السيد حسين بدر الدين الحوثي مؤسس الجماعة فقد قتلته وقضت عليه وإذا كانت الحرب بسبب ترديد الشعار (الموت لأمريكا –الموت لإسرائيل) فقد اتفق الحوثي والسلطة في الحرب الأولى عدم ترديد الشعار في المساجد والاكتفاء بترديده في الجبال والوديان بعيدا عن الناس وإذا كانت الحرب بسبب ما يروج له إعلام السلطة من أن هذه الجماعة تريد العودة بالوطن إلى ما قبل الثورة فهذه افتراءات ومزاعم كاذبة ومبررات واهية.

وإذا كانت الحرب بتهمة الانتماء إلى المذهب الزيدي الشيعي فهناك مناطق كثيرة في اليمن تنتمي إلى ذات المذهب وتقيم ليلة الغدير ويوم النشور وميلاد الحسين ولم تطالها الحرب. ما استطيع أن أقوله عن حرب صعدة أنها حرب عبثية بدأتها السلطة عبارة عن فصل من فصول مسرحية (قيادة البلد بالأزمات) وحققت نتائجها في حينها ولكنها أصبحت اليوم جرحا نازفا في جسد الأمة.

أما بالنسبة للحكومة اليمنية فقد عجزت اليوم عن وقفها نتيجة لما يعيشه القصر الجمهوري من انقسامات وعداءات من خلف الستار بالإضافة إلى وجود الكثير من المستفيدين من استمرار الحرب لعل أبرزهم تجار الأسلحة من قادة الجيش والمقربين من الرئيس الذين لا يروقهم توقف الحرب ومعالجة الجراح وثبت مؤخرا ضلوعهم في إشعال أكثر من فتيل للحرب بعد توقفها .

آفاق: هل لديكم معطيات عن الأوضاع في صعدة في ظل هذه الحرب؟
عبد الحافظ معجب: على مدى الخمسة حروب السابقة والسادسة الحالية تقوم السلطة بعزل مدن وقرى صعدة تماما عن عالمها الخارجي وتفرض حراسة مشددة وتستحدث نقاطا أمنية جديدة لتمنع أي منظمات حقوقية أو جهات إعلامية من الوصول إلى أماكن الصراع بالإضافة إلى أن السلطة في كل حرب تعمد إلى قطع الاتصالات الأرضية والهوائية عن المنطقة لترتكب جرائمها وتسدل الستار الذي لا يفتحه إلا الإعلام الرسمي والموالي ليظهر بالقول أن أتباع الحوثي هم من ارتكبوا الجرائم وقتلوا الأطفال والنساء.

ونتيجة لغياب الشفافية والوضوح لدى طرفي الحرب الذي يتهم كل واحد منهم الأخر لا يستطيع أحد حاليا معرفة حجم الإبادة التي تحدث هناك ولكن المشاهد لحجم الدمار والخراب الذي طال المنطقة يدرك أن ثمة أرقام مهولة لضحايا هذه الحرب.

عقب الحرب الخامسة في العام 2008م تسللت إلى هناك لممارسة عملي في التغطية الصحفية بعد يوم من وقف إطلاق النار وشاهدت الجنود ينتشلون عشرات الجثث لمواطنين أبرياء من سكان المدينة وبأم عيي شاهدت الكلاب وهي تنهش من أجسادهم المتعفنة خلف الركام وجرى نقلهم حينها على متن عربات (نقل النفايات) وبعد ذلك علمت انه جرى دفنهم في مقبرة جماعية خارج المدينة بالقرب من موقع لأتباع الحوثي.

وعقب الحرب الخامسة أيضا كنت أتفقد أحوال النازحين والجرحى الناجين من الحرب وحينها التقيت الكثير من الأبرياء لم انسي صورة احدهم كان شابا في العقد الثاني من عمره فقد إحدى قدميه خلال القصف الجوي الحكومي أكد لي أن الحكومة اليمنية قصفت منازلهم في منطقة حرف سفيان القريبة من صعدة والتابعة لمحافظة عمران دون أي مبررات أو أسباب وأكد لي انه لا توجد أي علاقة تربط بينهم وبين أتباع الحوثي واتهم الحكومة بأنها تقتل الأبرياء وهي تعلم أنهم أبرياء.

وباعتقادي انه من الضروري أن يقف الطرفين علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي على طاولة الأمم المتحدة أو الجامعة العربية ليشرحوا ويوضحوا للجميع أسباب هذه الحرب ومبرراتها وحجم الضحايا من الطرفين والمواطنون سيكشفون حجم الضحايا من الأبرياء. وان لن يقف الطرفان أمام هذه الطاولة وقوف اختياري بالسلم والتراضي سيقفان قريبا أمام القضاء الدولي وخلف القضبان وسيتحمل الطرفان تبعات كل ما حدث ويحدث وانوه أن المجتمع المدني محليا وخارجيا يعد عدته لذلك .

آفاق: ذكرت صحف يمنية معارضة أن السعودية تشارك في الحرب على الحوثيين ما قراءتك لذلك كإعلامي وحقوقي يمني؟
عبد الحافظ معجب: بناء على المنطق والسوابق والشواهد فهناك تورط سعودي في حرب صعدة لأن المملكة كما يصفها الكثير من السياسيين هنا بأنها الجار الذي يأبى أن يكون جارا محترما وتضع نفسها دائما موضع الجار السيئ وعلى مر التاريخ فهناك الكثير من الشواهد التي تثبت أن المملكة صاحبة سوابق في التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية ليس أوله ذلك التدخل في اغتيال الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي ولن يكون آخره التدخل الواضح في الحرب على صعدة من خلال دعمها المادي واللوجستي للسلطة التي تقود الحرب بالوكالة بالإضافة إلى دعم وتسليح المقاتلين السلفيين الوهابيين والاعتمادات الشهرية الواضحة التي تصل لمراكز تعليم الأفكار الوهابية في صعدة وذمار وأب والحديدة وتعز ومعبر.

وان لم تكن الطائرات التي قصفت منطقة الملاحيظ في بلدة صعدة فجر السابع والعشرين من أغسطس الماضي بصواريخ وقذائف سعودية فحتما ستكون طائرات يمنية استخدمت مطارات الشقيقة المملكة. وفي حال استمرت السلطة في حربها على منطقة صعدة فأنا أراهن بأنها لن تستعيد صعدة ولن تسيطر عليها إلا إذا قامت بقتل وتشريد كل أبناء صعدة لان كل طفل وشاب وشائب وفتاة وامرأة وعجوز هناك يعتقدون ويؤمنون بأن الدولة اليمنية والمملكة السعودية هي من تقاتلهم وتزج بأهاليهم في السجون والمعتقلات والكثيرون هناك يعيشون حالة من السخط ضد سلطات الدولتين والغالبية العظمى منهم مواطنون عاديون لا توجد بينهم وبين أتباع الحوثي أي علاقة.

آفاق: طيب ما الذي يجعل السعودية تدخل في الحرب هناك تحديدا؟
عبد الحافظ معجب: محافظة صعدة تقع على الحدود السعودية الجنوبية وهي عاصمة الدولة الزيدية سابقا منذ أسس الإمام الهادي هذا المذهب في القرن الثامن وحاضنتها حاليا والسعودية تشعر أن خطرا يداهما عبر حدود صعدة الهاشمية وأدركت أن نجاح الحوثيين في دعوتهم وأفكارهم وتوسع وانتشار المذهب الزيدي الشيعي على حدودها أمر من شأنه أن يزعزع أركان نظامها الوهابي السلفي. وعمدت السعودية إلى تصدير المذهب الاسماعيلي الوهابي إلى صعدة واليمن عموما تحت مسميات (أهل السنة والجماعة-السلف الصالح) وأوكلت السعودية هذه المهمة إلى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي وهو احد أبناء صعدة وكان من طلاب المذهب الزيدي ولكنه بعد أن تلقى تعليمه في المملكة على يد كبار المشايخ الوهابية وتخرج من جامعة محمد بن سعود وعاد إلى صعدة لنشر الأفكار الوهابية واستقطب ألاف الطلاب إلى مركز دماج الذي أسسه الشيخ في صعدة وكانت السعودية ولازالت متكفلة بكل النفقات لطلاب ذلك المركز من مأكل ومشرب وملبس وزواج وإقامة ومسكن ومعسكرات لتدريب المجاهدين.

وبالرغم من انتشار هذه الجماعة في اغلب مدن اليمن إلا أنها لم تتوسع في صعدة وظلت محصورة على منطقة دماج فقط وذلك كان احد أسباب الفشل السعودي في القضاء على الزيدية وإحلال الإسماعيلية الوهابية بدلا منها في قرى وضواحي مدينة صعدة.

ونظرا للخوف السعودي المتزايد من صعدة وأتباع الحركة الحوثية تكفلت السعودية منذ ما بعد الوحدة اليمنية باعتماد رواتب شهرية للكثير من المشايخ القبليين الموالين لها لكسب المزيد من الولاءات التي تحاول فيها تامين ما استطاعت من أي طارئ دولي أو إقليمي قد يصل إليها عن طريق الحوثية اليمنية سيما وأنها جماعة تحمل السلاح الذي يتوفر في اليمن كما تتوفر علب السجائر.

آفاق: بعض التصريحات الصادرة عن السلطات اليمنية قالت أن الحوثيين يريدون تنصيب حزب الله يمني في المنطقة ما صحة هذا الكلام؟
عبد الحافظ معجب: لا اعتقد أن هذا الكلام صحيح وعلى مدى الفترات السابقة من الصراع والمواجهات والهدنات والاتفاقيات لم نسمع أن ثمة توجه حوثي نحو تنصيب حزب الله يمني في المنطقة .

آفاق: كيف يمكن تعريف الحوثيين إذا؟
عبد الحافظ معجب: الحوثيون الأصليون هم أتباع وأنصار السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي قتلته السلطة في حربها الأولى عام 2004م ويقودهم حاليا شقيقه الأصغر عبد الملك وهؤلاء هم حركة فكرية دعوية عقائدية سياسية تنتمي إلى المدرسة الزيدية مؤسسها حسين بدر الدين تلقى تعليمه في الحوزة العلمية بإيران وكان القصر الجمهوري اليمني يدعمه ماليا لنشر أفكاره ودعوته. أما من تطلق عليهم الدولة حاليا صفة الحوثيين فهم كافة مواطني وأبناء مدينة صعدة وتتخذ الدولة من هذا الاسم (الحوثيين) ذريعة لقتالهم وتدمير بيوتهم، وهم يتخذون من هذه التصرفات مبررا لحمل السلاح ومواجهة الجيش ونصب الكمائن والاعتداء على النقاط الأمنية .

آفاق: دعني انتقل إليك، فقد تعرضت إلى الاعتقال عام 2007م وتم مؤخرا حجب موقعك الشخصي (مدونتك) في الوقت الذي يتم الحديث عن اعتقالات في صفوف صحفيين مستقلين داخل اليمن؟
عبد الحافظ معجب: مشوار العمل الصحفي في اليمن مليء بالمخاطر والمغامرات والرعب اليومي من عنف وتعسف السلطة تجاه الصحفيين فأنا تعرضت للاعتقال الأول عام 2005م أثناء ممارستي لعملي في تغطية التظاهرات الشعبية ضد قيام الحكومة برفع الأسعار ويومها تم استجوابي في إدارة امن مدينة عمران القريبة من العاصمة صنعاء ولم يتم الإفراج عني إلا بعد أن كتبت تعهد بعم نشر أي معلومة عن ما حدث في المظاهرات من تمزيق لصور الرئيس وضحايا قتلتهم الشرطة أثناء تفريق المتظاهرين بالرصاص الحي، ونشرت تقريرا عن الضحايا والمصابين في صحيفة الأيام اليومية ولم اشر إلى اسمي في ذلك التقرير.

وتعرضت للاعتقال الثاني في السابع من أغسطس 2006م خلال فترة الدعايات الانتخابية للانتخابات الرئاسية عقب قيامي بتغطية مهرجان مرشح المعارضة للرئاسة وزج بي مساء في سجن امن عمران ولم يتم الإفراج عني إلا بعد ضغوطات مارستها منظمات حقوقية على سلطات الأمن. وكنت قبلها بأيام قد تلقيت مكالمات هاتفية تهددني بالقتل والتصفية بعد أن نشرت أخبار وتقارير عن مخالفات ارتكبها مرشح الحزب الحاكم أثناء الدعاية الانتخابية.

وفي الثامن من مايو 2007م تعرضت للملاحقة الأمنية والتهديدات بالاعتقال والتصفية جراء قيامي بنشر تقارير رسمية تكشف تورط مدير مديرية عمران باختلاسات مالية وتجاوزات ونهب للمال العام. وفي الثاني من نوفمبر 2008م تعرضت للاختطاف والاعتداء بالضرب والسباب والشتائم والسلب والنهب انتقاما من صحيفة الأيام التي انتمي إليها من قبل قائد شرطة وجنود يتبعون الأمن المركزي في بلدة (حجة) التي تربط بين محافظتي الحديدة وعمران والتزم حينها قائد الأمن المركزي بمعاقبتهم وإعادة ما صادره مني الجنود من كاميرا وجهاز تسجيل وعدد من الكتب القيمة وحتى اللحظة لم يتم إعادة المنهوبات ولم يعاقب المعتدين.

وبتاريخ 24/1/2009م تعرضت للاعتقال من أمام كلية التربية بعمران أثناء تواجدي في مهرجان كانت تنظمه جمعية الشباب العاطلين لمحاكمة الوعود الانتخابية لمرشح الحزب الحاكم واتهمت بالتحريض والعمالة وجرى إيقافي لدى جهاز الأمن السياسي حتى انتهاء موعد المهرجان الذي أفشلته السلطات الأمنية.

هذه نماذج لأبرز ما تعرضت له من قبل السلطات الرسمية ولا زلت حتى اللحظة ادفع ثمن الكلمة الصادقة والنضال السلمي وكما تعلمون تعرضت مدونتي للحجب مؤخرا لأني نشرت فيها بيانا على لسان الحوثي يتهم السعودية بالتدخل في الشأن اليمني وقصف صعدة بالصواريخ. وأمام كل هذه الانتهاكات والاعتداءات والمضايقات الحكومية نؤمن أكثر بأنه لابد للحرية من ثمن ومهما صنع الظالمون لابد لليل أن يزول ومن اجل أن يتحرر الوطن من عصبة الظلم والفساد لابد أن تستمر الأقلام في كشف مكامن الخلل وتوضيح الحقائق للناس ومساعدة المظلومين ومناصرة المستضعفين لينعم الوطن والأمة بالأمن والأمان والخير والسلام ...

آفاق: ما الذي يخيف السلطات الرسمية من الإعلام المستقل على الرغم من إمكانياته المحدودة؟
عبد الحافظ معجب: الإعلام المستقل في اليمن حائز على ثقة المواطن ويملك شعبية الشارع وأصبح فعلا الإعلام اليمني المستقل صاحب صوت قوي مسموع محليا ودوليا ويهز أركان الظلم والفساد لأنه يتلمس هموم المواطنين ويهتم بقضاياهم ويناصر مظلوميهم وهذا ما يزعج السلطة والحاكم دائما.

وعلى سبيل المثال صحيفة "الأيام" التي اعمل فيها منذ ستة أعوام صحيفة يومية مستقلة يصدرها الناشران هشام وتمام باشرا حيل وهي من انجح الصحف اليمنية حيث تصل مبيعاتها إلى أضعاف مبيعات الصحف الرسمية الناطقة باسم الحكومة وبسبب التزامها بالأمانة المهنية في نقل هموم المواطنين ومعاناتهم وكشف مكامن الظلم والفساد فهي تتعرض للمضايقات المستمرة من السلطات الرسمية تارة تصادر نسخ الصحيفة وتارة يتعرض رئيس التحرير للتهديد وتارة أخرى يتعرض المراسلون للاعتداءات والاعتقالات والضرب من قبل رجال الأمن وأنا واحد من هؤلاء الضحايا وتطول قائمة الانتهاكات التي تتعرض لها الأيام كمؤسسة صحفية مستقلة ورائدة في العمل الصحفي المهني كان أخرها أن السلطات الرسمية منعتها من الصدور ومنعت رئيس تحريرها من السفر إلى الخارج للعلاج كما امتنعت سلطة الجوازات من تجديد جوازه في داء واضح وجلي لمن يمارس العمل الصحفي المهني بعيدا عن التطبيل للحاكم والحكومة.

وهكذا كل الصحف اليمنية المستقلة (غير الموالية) تدفع ثمن استقلاليتها صحيفة الناس الأسبوعية منعتها السلطة هذا الأسبوع من طباعة عددها الأخير بسبب مقال تحليلي عن حرب صعدة صحيفة الديار تتعرض بين الحين والأخر للمصادرة والسحب من الأسواق بناء على توجيهات وزارة الإعلام وصحيفة المصدر تتعرض للمصادرة من داخل المطابع وصحيفة الأهالي تطبع وتصادرها السلطة من المطبعة وصحيفة المستقلة تمنع من الصدور وتسحب من الأسواق وصحيفة الوطني متوقفة قسرا حتى اللحظة بسبب المشاكل في الجنوب وصحيفة الشارع تقف أمام محكمة امن الدولة لتناولها قضية البشمرجة في حرب صعدة وصحيفة النداء تمنع من الطباعة وموقع التغيير نت يتعرض للحجب الالكتروني بين لحظة وأخرى وقناة سهيل قبل تدشين بثها الرسمي عمدت السلطة إلى الضغط على دولة الكويت لإيقاف بثها الأتي من هناك ورفضت صنعاء أن ترخص لها لافتتاح مكتب بالعاصمة صنعاء بالرغم أنها يمنية وتنحاز للوطن والوحدة.

آفاق: هل يمكن إدراج هذا في سياق التضييق الرسمي على الحريات الصحفية ضمن ما يسميه المعارضون في اليمن بالتضييق على المعارضين السياسيين؟.
عبد الحافظ معجب: التضييق الإعلامي الرسمي لا يطال كل الجهات الإعلامية المستقلة فلدينا في اليمن عشرات الصحف والصحفيين ممن يسمون أنفسهم مستقلين وهم يعملون لصالح السلطات الرسمية بل ويمولون من خزينة الدولة من أجل سب وقذف الصحفيين والصحفيات وكيل التهم ونشر الإساءات للمعارضين السياسيين للحكومة وهذا النوع من الإعلام يحضى بدعم ومباركة كبيرة من السلطة ورعاية خاصة من السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية.

أما بالنسبة للإعلام المستقل والأهلي الذي تصنفه السلطة ضمن أجندة أحزاب المعارضة فهو من يتعرض للتضييق وما ذكرته سابقا من إجراءات قمعية وتعسفية ضد صحفنا المستقلة دليل واضح على ما تمارسه السلطة من تضييق للقضاء على ما تبقى لديها من الهامش الديمقراطي في البلد وغالبا ما تكون إجراءات المنع والمصادرة والإيقاف للصحف معززة بقرارات ممهورة بختم معالي وزير الإعلام العدو رقم (ا) لحرية الرأي والإعلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق