السبت، 17 أكتوبر 2009

ألفريد نوبل يستغيث ..... نفذوا الوصية

المحامي / لؤي زهيرالمدهون

عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا

اخفقت اللجنة النرويجية المعينة من قبل البرلمان النرويجي لمنح جائزة نوبل السنوية وفقا لوصية ألفريد نوبل في اختيارها لمرشحها الرئيس باراك اوباما لمنحه جائزة نوبل للسلام مما جعل العديد من المهتمين يشككون بنزاهة اللجنة وعدم مصداقيتها وخاصة وانها استندت الى رؤية واحاديث الرئيس الامريكي من خلال خطاباته لا أفعاله والتي كان اخرها في الجمعية العامة للامم المتحدة مشيدة بجهوده من اجل عالم خال من الاسلحة النووية ويإيجاده مناخا جديدا في السياسية الدولية والتزامه بمكافحة التغير المناخي ومنحه الامل في مستقبل افضل من خلال عمله من اجل السلام ودعوته لتخفيض المخزون العالمي للاسلحة النووية هذه المعايير التي عززت الحجج الواهية التي تحدث به الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين حول ايجابية منح الرئيس الامريكي جائزة نوبل للسلام مستندين بأن الجائزة ستكون عنصرا مساندا او مشجعا للرئيس اوباما لتحقيق اهدافه السياسية التي أعلن عنها دوما في خطاباته وأخرها في الجمعية العامة للامم المتحدة مبررين بأن الجائزة ممكن أن تمنح قبل تحقيق الانجازات .

كما سمعنا وشاهدنا زعماء دول العالم وقادته من هو على كرسي الحكم ومن هو خارج الحكم ... وكذلك ممثلي المنظمات الدولية ذات الطابع الاممي مرحبين ومشيدين بمنح الرئيس اوباما جائزة نوبل للسلام ... هذه الجائزة التي استغرب الرئيس اوباما منحه اياها بعد تسعة اشهر من توليه الحكم في امريكا دون انجاز ايا من الرؤى التي تحدث عنها في خطاباته المشهورة سواء في القاهرة او تركيا اوالجمعية العامة حيث قال عند سماعه الخبر "فوجئت بقرار لجنة نوبل وفي الوقت نفسه أتلقاه بتواضع كبير". معتبرا انه لا يستحقها مقارنة بالفائزين السابقين بها . معتبرا الجائزة ليس اعترافا بإنجازاته الشخصية بقدر ما هي تأكيد لزعامة امريكية باسم تطلعات يتقاسمها البشر من كل الامم لدرجة ان مسئولا في البيت الابيض "وفقا لمصادر اعلامية موثوقة " صرح ان اوباما سيتبرع بقيمة جائزة نوبل للسلام .

اذا لماذا التهاني والتبريكات للرئيس اوباما على منحه هذه الجائزة ووضع المبررات والحجج الواهية المدافعة عن المعايير التي على اساسها اختارت اللجنة النرويجية اوباما لمنحه الجائزة وخاصة وانه لم يحقق أي شيء مما ذكر في خطاباته ، فأمريكا ما زالت تحتل العراق وما زالت تخوض حربا في افغانسان ، وما زالت تمتلك اكبر ترسانة للاسلحة النووية في العالم ، في حين لم نسمع اصوات هؤلاء القادة والمنظمات الدولية مدافعين عن الشهيد ياسر عرفات أبان حصاره ... حائز جائزة نوبل للسلام عام 1994م صانع سلام الشجعان هذا السلام التاريخي الذي عمل على وأد صراع مرير بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير التي كانوا يتوجونها على رأس المنظمات الارهابية في العالم .. ياسر عرفات الذي نادي بالسلام من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة مطالبا الاسرة الدولية بعدم اسقاط غصن الزيتون من خلال خطابه الشهير بل بالعكس بدلا من ان يذكروا دوره في استقرار منطقة الشرق الاوسط وتوقيعه لاتفاقيات السلام التي ما لم يكن غيره ليستطيع توقيعها حاصروه وعزلوه في عرينه ولكنه بقي صامدا متأملا خيرا بهؤلاء متفائلا بإنتصار سلام الشجعان إلى أن سقط شهيدا مسموما لتعود المنطقة من جديد مليئة بالصراعات .

ان من خلال قراءتي السريعة وتصفحي للاراء المختلفة للمحللين اختلف معهم في رؤيتهم المتعلقة بأن منح جائزة نوبل للسلام للرئيس الامريكي باراك اوباما ممكن أن تدفعه للعمل على تعزيز السلام في الشرق الاوسط او حتى الحد من انتشار الاسلحة النووية في المنطقة حيث أن خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة كان واضحا بتحدثه عن تخفيض في الرؤوس الحربية الاستراتيجية ومنصات اطلاق الصورايخ وعن حظر التجارب النووية وعن مراجعات للوضع النووي بما يتيح المجال لاجراء تخفيضات اعمق وتضائل دور الاسلحة النووية ... وبالتالي لم يتحدث عن تفكيك هذه الاسلحة بل تحدث عن تقنينها .. وفي المقابل تحدث في خطابه عن السلاح النووي الايراني والكوري مهددا بمحاسبتهم اذا تجاهلا المعايير الدولية وواصلا السعي للحصول على السلاح النووي متجاهلا في خطابه السلاح النووي الاسرائيلي والهندي ... أي ان خطابه كان مناديا بدول عربية واسلامية مجردة من السلاح النووي !!!! أي رجل سلام هذا الذي يمنح جائزة نوبل !! .

تحدث في خطابه من على منبر الشرعية الدولية منبر الامم المتحدة المناهضة لكل سبل التميز العنصري في العالم داعيا إلى وجود دولة يهودية لاسرائيل أي داعيا لتعزيز التمييز العنصري متجاهلا بأن ثلث سكان اسرائيل هم من العرب اي ما يزيد عن اثني مليون عربي ... هل سقط سهوا الحديث عن مستقبلهم وعن مصيرهم في حال تهويد الدولة الاسرائيلية ؟ وللاسف كان خطابه يقابل بالتصفيق !!!!

جاء خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة متجاهلا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن المتعلقة بالقضية الفلسطينية واهمها 242 ، 338 ،1515 ،194 وغيرها من القرارات الاممية المعنية بإنهاء الصراع في الشرق الاوسط ومتجاهلا ايضا للمبادرات والاتفاقيات الدولية وخاصة خارطة الطريق والمبادرة العربية المباركة بقرار مجلس الامن ، جاء خطابه متنكرا لكل القرارات الاممية مطالبا الفلسطينيين بالتفاوض بلا شروط متجاهلا الالتزامات الاسرائيلة وجلها وقف الاستيطان .

جعل من المقاومة الفلسطينية مقاومة حقيرة عندما تحدث عن من يتكبد ثمن الصراع منوها بأن من يتكبده هو" فتاة إسرائيلية من سيدروت تغلق عينيها خوفا من أن يقضي على حياتها صاروخ في قلب الليل. ويتكبده صبي فلسطيني في غزة ليس لديه مياه نظيفة نقية، ولا بلد يستطيع أن يصفه بأنه وطنه. " أي انه قزم قضية قطاع غزة بالحصار وعدم توفر ادنى الاحتياجات وهو الماء النظيف متنكرا في خطابه الانتهاكات الاسرائيلة لحقوق الانسان ولادمية المواطن الفلسطيني ، ولجرائم الحرب المتكررة ضد ابناء شعبنا في غزة وجلهم من الاطفال .

كيف يكون رجل سلام وكان قبل سماعه خبر منحه جائزة نوبل للسلام بساعات مجتمعا واركان حربه في وزارة الدفاع الامريكية بجلسة مغلقة بهدف تعزيز القوات الامريكية في أفغانستان بعشرات الالاف من قوات النخبة في الجيش الامريكي .

ان حائز جائزة السلام لهذا العام لم ترتقي اقواله لحد الافعال وانما تكلم عن مساعي ودعوات ولم يتكلم عن قرارات واجراءات اممية او حتى امريكية تعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالشرق الاوسط والقضية الفلسطينية .

لذا لا أتفق مع وجهة النظر القائلة بأن الجائزة يجب ألا تعطى فقط بعد تحقيق الإنجازات ، وإنما أيضا كعامل مساند ومشجع لتحقيق الاهداف المنشودة ، لان جائزة نوبل للسلام لم ولن تعمل على تغيير موقف اوباما من الملف الايراني ولم ترجح كفة العمل الدبلوماسي والحوار على كفة العقوبات والخيار العسكري ولن تعامل اسرائيل بحزم من اجل تنفيذ الاتفاقيات الموقعة والسبب يرجع في اعتماد اوباما لخطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة كمرجع اساسي لادراته في حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وتراجعه عن خطابه في جامعة القاهرة نتيجة هيمنة اللوبي الصهيوني على ادارته وبسبب تطلعات جنرالاته من جهة والمعارضة المتزايدة لدى الامريكيين لسياسته الدولية ولمحاربته الاعلامية ، وسياسية التحريض التي يمارسها نتنياهو وحكومته ضد سياسية باراك اوباما لن تجعل من باراك اوباما رجل سلام .

اني أرى ألفريد نوبل من بعيد يستغيث في قبره ..... مطالبا البرلمان النرويجي بمحاسبة الهيئة المكلفة بإختيار المرشحين لنيل جائزته لهذا العام مطالبا البرلمان بتنفيذ وصيته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق