السبت، 17 أكتوبر 2009

ابو جهاد الوزير القضية والتاريخ شواهد وتساؤلات ما زالت قائمة

بعد أيام قلائل تتوقف عقارب الساعة على تدريج الساعة الواحدة وخمس دقائق ، لتعلن الحداد وعدم تقدم الزمن للأمام لحركة تحرر وطني لها من الانجازات على أيدي قادة عظام خطوا بهذه الحركة إلى الأمام ولتصبح تلك الحركة من أبرز حركات التحرر العالمية التي أفرزها القرن العشرين ، ولخطورة الإبداع وتحدي الصعاب وصناعة فن المستحيل في مواجهة الكيان الاستيطاني لفلسطين كان الاستهداف أكبر وشراسة المواجهة أعظم لهؤلاء القادة العظام في حركة التحرر الوطني الفلسطيني .

إنه يوم 16/4/1987 ،حيث تمكنت وحدات من الكومندز من احداث اختراقات في الساحة التونسية مقر قيادة القائد الفتحاوي الكبير خليل الوزير " أبو جهاد " ، لن نتحدث هنا عن تفاصل العملية التي قادها المجرم " باراك " ، فكثير من الأقلام والتقارير قد سردت بشكل كلاسيكي تفاصيل تلك العملية التي تحدثت بكاملها عن مفاهيم مباشرة وذرائع مباشرة لإغتيال جيفارا فلسطين " أبو جهاد " .

فلقد تحدثت التقارير أن الاستهداف تم نتيجة التخطيط من قبل هذا القائد العظيم أبو جهاد لعملية ديمونة في 8/3/1988 وعملية سافوي وعملية الساحل عام 1978 وعملية محاولة اقتحام وزارة الدفاع الصهيونية واعتقال قادة عسكريين إسرائيليين لإستبدالهم بأكثر من 100 أسير فلسطيني ، وتحدثت بعض التقارير الأخرى على دور الشهيد أبو جهاد في قيادة الإنتفاضة وتوحدها تحت شعار "لا صوت يعلوا فوق صون الإنتفاضة " ، تلك الانتفاضة التي تفجرت في 7/12/1987 والتي كانت ردا ً حاسما ً على كل محولات شطب دور منظمة التحرير الفلسطينية وضد ما اعتبره الصهاينة تفكيك لقوى الثورة ومنابعها ومناطقها الارتكازية ، ولكن أبو جهاد الوزير الذي كان على كامل من القناعة أن الثورة في الخارج يجب أن تنتقل إلى الداخل وفي صدام مباشر مع العدو الصهيوني والاحتلال ، تلافيا ً لمؤثرات إقليمية وقوى ضاغطة على قيادة منظمة التحرير وقيادة حركة فتح للدخول في دهاليز ما يسمى " بفرضيات السلام " وما تبعها من ذلك من سلوك .

حقيقة أن جميع الأقلام وإخوة أبو جهاد مازالوا ممتنعين عن كشف كثير من الحقائق عن أهداف عملية الاغتيال التي لم تتناقل منها الأنباء والمحللين إلا الأهداف المباشرة والمبررات المباشرة كمبرر اجتياح لبنان في عام 1982 أو كحجج أخرى تأخذ ستارا ً لتنفيذ مرحلة جديدة ومعالم جديدة في معادلة الصراع بين قوى الثورة الفلسطينية والبرنامج الصهيوني وقواه على الأرض .

ويقال أن الوثائق يمكن الكشف عنها بعد 15 عاما ً من حدوثها أو وفاة أو استقالة المعني تبتلك الوثائق أو الظروف التي لا يمكن أن تؤثر على مجريات الحدث والاستراتيجية لدولة ما .

وأعتقد أن مازال وراء عملية الاغتيال لأبو جهاد مؤثرات هامة واحتياطات هامة تحول دون نشر كثير من العلاقات التي كانت قائمة بين أبو جهاد وبعض قيادات في حركة فتح ومنظمة التحرير ، والتناقضات التي كانت تعطي مؤشر الاختلاف في المنهجية بعد الخروج من بيروت .

فالموساد كما قلت لن يفك ولن يستطيع أن يفك شفرة طقية الخفى إلا بمكملات رئيسية لخططه من مجموعة من المتعاونين لتنفيذ عملياتهم .

وكما هي الملابسات واهمال الملفات التي اتبعت في قضايا عملية الاغتيالات للقادة الفلسطينيين وعدم البحث بجدية أو التمويه على أدوار أخرى غير أدور الموساد نفس النمطية اتبعت مع أبو جهاد وملفه وأبو عمار وملفه ولم يتضح من تلك الملفات غير قصة أحمد بنور مساعد وزير الداخلية لتونس كما تحدثت عنه صحيفة الشروق والحدث والتصريح التونسية ، فلقد أشير أن المتهم قد مهد بالتعاون مع عناصر اخرى للتمهيد لإختراق السواحل التونسية والوصول إلى منزل الشهيد أبو جهاد كما أنه متهم في توفير المعلومات أيضا ً لغارة حمام الشط في أكتوبر عام 1985 ومتهم أيضا ً أنه من الأطراف وراء اغتيال القائد الفتحاوي الأمني عام 1990 في باريس .

بلا شك أن اغتيال أبو جهاد كان من وراءه هدف أعظم لا يخص الجانب التكتيكي فقط في أداء أبو جهاد وفي أداء حركة فتح بل كانت العملية تصوب أهدافها نحو قضية الاستراتيجيات التي تبناها أبو جهاد بعد الخروج من بيروت ، فلقد تميزت تحركات أبو جهاد واخوته في الساحات بالسرية التامة في التوجهات والمهام ، وكما قال أبو جهاد أننا نعيش في اجواء اختراقات عظيمة تمهد لإختراقات سياسية في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وخاصة بعد الخروج من بيروت وفقداننا القاعدة الارتكازية وفي هذه المناسبة " أصدر الأخ أبو جهاد تعليماته وأوامره في عام 1986 لجميع القوات وإخوة أبو جهاد في القوات باعتقال كل من لهم قضايا بالتجسس لصالح إسرائيل ومقيدين وبرتب عسكرية ومتفرغين في جيش التحرير الفلسطيني ووضعهم في سجون والتحفظ عليهم في القوات ورصدت الامكانيات لذلك إلا أن التناقض أفشل هذا التوجه الابتدائي لتنقية صفوف الثورة من الاختراقات وتم تجميد تلك الأوامر من قوى أخرى لا داعي لذكر أسمائهم الآن لحساسية الموقف .

أبو جهاد قالوا عنه أنه رجل الذي لا يتحدث كثيرا ً ولكن في نفس الوقت هو رجل الاستراتيجيات التي تنم عن ابداعات للخروج بمفاهيم واسعة من أضيق الممرات .

أبو جهاد وإخوته كانوا مصممين على احداث تغيير في اتجاه تكريس مفاهيم ومبادئ ومنطلقات حركة فتح والرجوع لجناح العاصفة أمام عمليات توطين كلاسيكية التجييش لقوى حركة فتح ووضع رؤوس قيادية كلاسيكية لا اخلوا من ارتباطات مع بعض الدول الإقليمية ، حيث مثل الكادر الحركي والمقاتل الحركي المرتبة الثانية او الثالثة في قيادة الجيش وكانت لهذا مؤشر خطير جدا ً على مهام الجيش واهدافه ومن ثم مؤشر لنهج سياسي يقود إلى أوسلو .\

كان لابد من تلك القوى المعادية أن تتخلص من أبو جهاد واخوة أو جهاد التي مورست عليهم كثير من عمليات الاقصاء والاحتواء بعد استشهاده تمهيدا ً في دخول مرحلة جديدة لإحداث مفاوضات مع العدو الصهيوني تؤدي إلى نماذج مثل نماذج أوسلو والطريق التفاوضي القائم الآن بكل مفاهيمه السياسية والأمنية ومؤثراته على العملية التنظيمية والمؤسساتية سواء في حركة فتح أو في منظمة التحرير الفلسطينية .

أبو جهاد الوزير بأداءه على الأرض وببرامجه ووفاء اخوته لهذه البرامج مثل خطورة على أطراف كثيرة حيث تولدت عناصر من الأعداء كثيرون لأبو جهاد ولإخوة أبو جهاد ، فكانت عملية اغتيال أبو جهاد هي تبويب لكثير من القضايا التفريطية وكثير من قضايا الارستقراطية الدكتاتورية المستحكمة في مؤسسات حركة فتح وأتت الضربة القاضية التي هددت حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح كحركة تحرر وطني تعتمد على الكفاح المسلح وسيلة لتحرير الأرض وتصفية الكيان الصهيوني باغتيال أبو اياد وأبو الهول .

أردت من هذا المقال الخروج عن ما ورد في الصحف ومن الأسلوب الإعلامي التسطيحي لوصف حدث فقط بدون الدخول في استراتيجيات عمليات الاغتيالات التي أصابت قادة الثورة الفلسطينية وعلى رأس ذلك قادة حركة فتح .

ومابين المؤتمرين المؤتمر الخامس والاعداد للمؤتمر السادس لحركة فتح هناك قضايا إذا لم يأخذها المؤتمر بعين الاعتبار فإنه يعتبر مؤتمر للتصديق على عمليات الاغتيالات التي أصابت قيادات حركة فتح ما بين المؤتمرين وعلى رأسهما :-

1/ عملية اغتيال أبو جهاد ومؤثراتها على برنامج حركة فتح .

2/ اغتيال أبو اياد وأبو الهول والعمري ومؤثراتهما أيضا ً على برنامج حركة فتح .

3/ اغتيال عاطف بسيسو وما يمتلك امكانيات لفضح كثير من الجهات في داخل الحركة وخارج الحركة ومؤثراته على البعد الأمني .

4/ اغتيال خطاب " عزة أبو الرب" في رومانيا ودراسة خلفية نقله من رومانيا على أثر رفضه أومر بالإجتماع مع السفير الإسرائيلي في رومانيا ونقله إلى الساحة الليبية .

5/ قضية اغتيال موسى عرفات في غزة وعبد المعطي السبعاوي ومؤشرات ذلك على العمل الأمني والحركي .

6/ وهناك أسعد السفطي وملفات أخرى عديدة في نيقوسيا وأماكن أخرى .

ونلفت النظر أن وقبل تصفية أبو جهاد بساعات كان لقاء الشهيد مع كل القوى داخل منظمة التحرير وخارج منظمة التحرير في أحد العواصم العربية وأخذ بالإجماع موافقتهم على استراتيجية أبو جهاد سواء داخل البيت الفلسطيني أو خارجه واستنكار كل عمليات الاتصال مع العدو الصهيوني ومحاولة قطف ثمار الانتفاضة مبكرا ً في أطروحات سياسية تبنتها دول اقليمية وأخرى في منظمة التحرير والجدير بالذكر أن أبو جهاد وهو المسؤول الأول عن قوى الانتفاضة بالداخل تعرض في خلال 6 الشهور ما قبل استشهاده لعمليات تدخل وتغذية مالية لبعض الجهات الحركية في داخل الوطن في الضفة الغربية وغزة لبروز أكثر من قوى من فتح تتبع شخصيات أخرى مثل مسميات " الفهود السود ، وصقور فتح ...ومسميات أخرى منافسة" وأعتقد تحت مبدأ الحفاظ على المعادلة الداخلية في داخل حركة فتح ولكن كل ذلك يصب في ماهية وشكل البرنامج السياسي والأمني المطروح وبعد استشهاد أو جهاد شهدت فعاليات الانتفاضة تراجعات مخيفة بالحصار المالي وغير الحصار المالي وظهرت اتصالات FEED BACK مع العدو الصهيوني التي أنتجت أوسلو والخط السياسي القائم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق