الخميس، 8 أكتوبر 2009

على حـافــة المواجهــة

عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

الوضع على الساحة الفلسطينية حرج ودقيق ، وموجة الغضب تعلو لكن بدون اتخاذ خطوات عملية ودستورية وقانونية لوقف هذا الانهيار الذي يُهدِّد كل مكتسباتنا النضالية . فالاستنكار والشجب وتحميل المسئولية لزيد أو عمرو كلها مواقف خارج إطار المسئولية الصحيحة .

المؤشرات كلها تدلل على أن هناك قوى فلسطينية وعربية وصديقة تقف ضد موقف السلطة من تأجيل التصويت على تقرير " جولدستون " وعملية تحديد من يتحمل المسئولية لا تحتاج إلى قوى خارقة ، لأن التعليمات المتعلقة بقرار بهذه الأهمية لا تصدر ارتجاليا ولا تتم بطريقة " الدلاّل " في سوق الخميس ، وحسب ما يقولون بأن مؤسسة سلطة رام الله تعمل " حسب الأصول " وعلى درجة عالية من الأداء ، وفي هذه الحالة فيفترض أن القرار يصدر " حسب الأصول " التي يتحدثون عنها وهي أن الرئيس يصدر تعليماته لوزارة الشؤون الخارجية والوزارة تصدر تعليماتها لسفيرها أو من يمثلها .

فلماذا هذه " الزيطة " ورفع عدد " الآبـــــــاء " لمولود واحـد ؟

ولماذا يخرج [ زعيط ومعيط ] بتصريحات وبيانات كلها كاذبة وتحاول غسل دنس الموقف بتبريرات واهية ومكشوفة الغرض منها إبعاد المسئولية عن المسئول الحقيقي وإلصاقها بالبعيد عنهــا ؟

ولماذا لا يستحي البعض الآخر من المنافقين والمدهونين بالوطنية الذين يدافعون ـ وهم في مراحيض أنفسهم ـ ويعلمون أنهم كذابون ومنافقون ؟

لا أحد ينكر أن الأخ نبيل عمرو أحد أهم منظري فكرة أوسلو ومن المدافعين عنها بشراسة ، لكن لا أحد ينكر وطنية الرجل وأنه يمكن أن يساوم عليها ، والاتهام الصبياني من قبل البعض بأن تصريحه لقناة الجزيرة هو تصفية حساب مع " الرئيس محمود عباس " لرسوبه في مؤتمر الحركة وتخليه عن دعمـه هو المحرِّك لهذا الموقف من رئيس سلطة رام الله .

نقول بأن الطموح ليس خيانة ومن حق الجميع أن يصلوا للمواقع القيادية بالطرق الديمقراطية الصحيحة وليس بالفبركات والتلاعب بقوانين اللعبة كما جرى في طريقة الإعداد لمؤتمر فتح ودعوة المجلس الوطني واستكمال أعضاء اللجنة التنفيذية .

صحيح تم انتخاب لجنة مركزية جديدة لحركة فتح ، واستكمال أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، لكن اللجنتان بلا أرجل ، فغالبية أبناء التنظيم الفتحاوي لا يعترفون " بمركزية " اللجنة عليهم ، وأكثر من 90% من الشعب الفلسطيني لا يعترفون " بتنفيذية " اللجنة عليهم .

وحتى لا نضع الأمر تحت تشعبات وتفريعات وربطه بأجندات تضيع في متاهاتها الحقيقة ، ونضل طريق المعالجة الصحيح .

وحتى نـُخرجَ الموضوع من دائرة الأشخاص مع احترامنا لأسمائهم وصفاتهم فعلى القوى الفلسطينية الفاعلة وكوادر القيادات الفلسطينية الوطنية أن تدعو لتولي الأخ تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وسماحة الشيخ محمد أبو سردانة وعدد من مسئولي مكتب رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني مسئولية الدعوة لعقد جلسة طارئة للمجلس الوطني الفلسطيني للتحضير لعقد جلسة عادية لانتخاب مجلس وطني فلسطيني على أسس سليمة يتمثل فيه الفلسطينيون في كل أماكن تواجدهم ، ويضم الفصائل الفلسطينية التي ما زالت خــارج إطـار منظمة التحرير الفلسطينية ، ويُفوَّضُ هذا المجلس بانتخاب لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس لهذه اللجنة ، ويكون على رأس أولويات عمل هذه اللجنة إنهاء حالة الانقسام القائم على الساحة الفلسطينية ، مع تسجيلنا التقدير للجهود التي بذلتها مصر وما زالت لإنهاء حالة الانقسام القائمة ، ولا أحد ينكر دور مصر والشعب المصري العظيم تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، وإن كنا نشير إلى الحاجة لتوحيد الكيل في التعامل بموضوع المصالحة . فشرعية التعامل وموضوعيته يجب أن تنطلق من مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية وليس السلطة الفلسطينية ووجوه التغطية على مواقف سلطة رام الله والتشبث بقناة أوسلو وعملية السلام العبثية التي لم تحقق شيئا للفلسطينيين منذ مؤتمر مدريد وحتى اللحظة التي نعيشها لا تشكل الأرضية الصحيحة للانطلاق بعملية المصالحة الفلسطينية .

نعلم أن أطرافاً فلسطينية ودولا عربية وغير عربية ترجح التعامل مع سلطة رام الله على حساب مصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية . وأن مواقف التمسك بإيجاد حل دائم وعادل وشامل لقضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي ما هي إلا شعارات لإعادة الأمور التي نجح الرئيس الشهيد ياسر عرفات في انتزاعها بعد توقيع اتفاق أوسلو ودفع حياته ثمناً لها ، ها هي تعود لما كان مخططاً لها أصلاً في الاتفاق بأن اتفاق أوسلو ليس أكثر من اتفاق لإقامة سلطة حكم ذاتي محلي لإدارة شئون السكان ، ولا يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية للفلسطينيين ، وكل التراجعات الدولية وفي مقدمتها تراجع الإدارات الأمريكية أهم دليل على ذلك ، وهو ما نراه أيضا في عديد مشاريع السلام وخططه من خارطة الطريق إلى خطة السلام العربية التي تقرب العدو الصهيوني من المشهد العربي عبر دعوات التطبيع واستشراء سرطان الاستيطان والتوسع .

ليتم طرح الدعوة لعقد مجلس وطني فلسطيني وانتخاب قيادة فلسطينية تمثل تطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته في استفتاء شعبي فلسطيني عام بإشراف جامعة الدول العربية .

كثيرون سيغيرون مواقفهم من داخل المنتفعين والملتفين حول سلطة رام الله والذين كانوا فبل وقوع الزلزال الأخلاقي يتغنون بالمآثر والإنجازات الوطنية الكبرى ، وتخليهم هذا ليس تعارضاً مع النهج أو رفضاً للموقف وإنما الخوف لأن هذا هو ديدن المرتزقة والجبناء التقلب في المواقف ، ولأنهم عندما تم اختيارهم ظن " صاحبهم " أنهم من الذين ينامون على جنب واحد فإذا بهم من أصحاب الجُنوبْ .

إنها دعوة لكل ذي عقل سليم وقلب مؤمن بأن شعبنا ورغم الحصار ورغم الضغوط .. لن تؤثر عليه الأحداث وسيبقى عنقـــاء الأمل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق