الأحد، 1 نوفمبر 2009

نحو تعزيز ثقافة المقاومة

بقلم : عبد السلام بوعائشة

تمرّ المقاومة العربية خصوصا بعد انكسار الوحدة الفلسطينية و صعود الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بحالة من الوهن والتراجع على الأقل في مستوى الحضور الإعلامي والحراك السياسي الشعبي ولعل تصاعد فاعلية الاستهداف الخارجي الذي تتعرض له الأمة عبر مختلف ساحاتها وعلى جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية يعبر في جوانب منه عن وعورة المضايق الراهنة التي يمر منها مشروع المقاومة ويضعف من فعاليتها.

هذا الوضع ساهم في تزايد حدّة الأزمات التي تفتك بالنسيج الداخلي لعديد الأقطار العربية ويسارع في وتيرة انهيار وحدتها وتماسكها رغما عن إرادة أهلها وقادتها وتحت الأنظار العاجزة للجامعة العربية وحكوماتها مجتمعة ومنفردة.كما أن استمرار هذا الوضع من شانه أن يخلق على المدى المتوسط و البعيد خارطة عربية جديدة تختفي منها حدود قديمة وتبرز فيها حدود جديدة تصنعها مصالح القوى الدولية والإقليمية الصاعدة رغما عن الإرادة الشعبية العربية ورغما عن سياسات الاعتدال التي تسلكها الزعامات القطرية الحاكمة وفوق كل ذلك رغما عن تشنّجات أصحاب البدائل من النخب والمعارضات المنتشرة هنا وهناك على امتداد الوطن العربي. وقد تتوهّم بعض الحكومات العربية أنها في مأمن من هذه التداعيات فتسعى للإفلات بمصيرها بعيدا عن مستنقع السياسة العربية ومطباته الوعرة وتلجأ إلى محاولة إعادة إنتاج خيارات قطرية تصالح تيار العولمة الجارف وتقتنص بعض فرص التنمية فيه ولكنها تهمل حقيقة أن العولمة لا تعترف بخصوصية الكيانات الضعيفة بل تسعى لتذويبها في بحر مصالحها الإقتصادية والثقافية العملاقة وتعمل على إفقادها كل مقومات السيادة والنفوذ.

من هنا يتأكد على قوى المقاومة والممانعة العربية في جميع مدارسها وعبر مختلف جبهات نضالها أن تتواضع على نهج موحد لتعزيز حضورها الفاعل دفاعا عن الأمة في وجودها وثقافتها ومصالح شعوبها وتعمل على تحرير المبادرة التاريخية لتلك الشعوب حتى تكون أكثر حضورا ومشاركة في صناعة قرار مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة.

إن النضال الديمقراطي والمشاركة الشعبية في إدارة الحياة العامة وتطوير النسيج السياسي والجمعياتي والنهوض بثقافة المواطنة وثقافة المقاومة والممانعة لكل ما هو عدوان وتسلط على الأمة ومقدراتها يعدّ من أوكد الأولويات أمام المهتمين بمشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي في أقطارنا العربية.هذا النضال بما يحمله من وعي تاريخي واستشراف مستقبلي ورؤية شاملة للأمة وأوضاعها يقتضي دائما التحرر من قيد المقاربات الذاتية والحزبية الضيقة وفسح المجال أمام الرؤى التوحيدية الجامعة التي وحدها تكفل عودة الفاعلية للجهد الشعبي والمبادرات الوطنية الخلاقة قوميا وقطريا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق