الأحد، 1 نوفمبر 2009

كلمة تأبين عميد المحامين الأستاذ البشير الصيد للأستاذة الراحلة نزيهة جمعة .


الهيئة الوطنية للمحامين بتونس

قصر العدالة تونس

تونس في :31/10/2009

بإسم الله الرحمان الرحيم

نودع اليوم بكل آسى وحسرة فقيدتنا الأستاذة نزيهة جمعة المولودة يوم 17 سبتمبر 1964 بتونس، لها إبن في الثانية عشر من عمره أيمن،كانت كلما سئلت عن أحواله تقول كلمتها المميزة والمعتادة " ولدي يهبل محلاه".

زاولت فقيدتنا تعليمها الإبتدائي بالعاصمة ثم إلتحقت بمعهد الفتيات بنهج روسيا أين تحصلت سنة 1984 على شهادة الباكالوريا وإلتحقت بكلية الحقوق والعلوم السياسية والإقتصادية بتونس العاصمة وتكللت دراستها الجامعية بالإحراز على الإجازة في الحقوق سنة 1989 ثم تحصلت على شهادة الكفاءة لمهنة االمحاماة في نفس السنة ،كما زاولت المرحومة دراستها الجامعية في المرحلة الثالثة إختصاص قانون خاص،ثم إلتحقت بالمحاماة بعد أدائها اليمين بتاريخ 10 فيفري 1992..

رحلت فقيدتنا وهي مرسمة بجدول المحامين لدى التعقيب بعد 17 عاما من إعلاء صوت لسان الدفاع بكل صلابة وحضور وتميز.

ناضلت فقيدتنا في صلب الحركة الطلابية وخاضت مختلف النضالات من أجل الدفاع عن حقوق الطلبة المادية والمعنوية والبيداغوجية بتفان وثبات على المواقف المبدئية وخلال مباشرتها لمهنة المحاماة لم تدخر جهدا في دفاعها عن قضايا الطلبة إذ ترأست ثلاثة لجان لمساندة الطلبة المطرودين لأسباب نقابية والمضربين عن الطعام في كل من سوسة وتونس في حقهم في الترسيم والعودة لمقاعد الدراسة وأفضت مفاوضاتها مع وزارة التعليم العالي إلى تمكين بعض الطلبة من الترسيم.

لم تتخل فقيدتنا يوما عن الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات والقضايا العادلة ومساندة حركات التحرر خاصة في أحداث الحصار والحرب الأخيرة على غزة ولا ننسى بسالتها في الوقوف دفاعا عن سجناء الحوض المنجمي يمحكمة قفصة وفي حركات مساندتهم كل ذلك من موقعها كمناضلة تقدمية ديموقراطية.

كانت فقيدتنا ناجحة في مهنة المحاماة وإمتازت بتجربة قانونية وصناعية جيدة وكانت جادة ومخلصة في الدفاع عن قضايا منوبيها بأمانة وصدق وكفاءة وفق ما تمليه تقاليد المهنة وأخلاقياتها.

كانت فقيدتنا نزيهة جمعة محامية لامعة جمعت بين المعرفة العلمية وقواعد الأخلاق المهنية والإستقامة والنزاهة والتفاني.

كانت فقيدتنا عالية الأخلاق عطوفة جدا محبة لزملاءها وزميلاتها تسعى دائما لإسنادهم والدفاع عنهم،كما إمتازت بالدفاع عن المحاماة وإستقلالها وعن مطالب المحامين المشروعة وقد إنخرطت في جمعية المحامين الشبان وتم إنتخابها لعضوية الهيئة المديرة للجمعية سنة 2004.

كما نشطت فقيدتنا بلجنة مقاومة التطبيع ولجنة دراسة قضايا المرأة التابعة للهيئة الوطنية للمحامين لإيمانها بمشروعية النضال من أجل تكريس حقوق النساء على مستوى التشريع والممارسة.

وكانت فقيدتنا لا تتخلف أبدا عن المشاركة في الجلسات العامة وفي كافة النضالات الوطنية والنقابية التي خاضها قطاع المحاماة وكان لها موقفا مشرفا ورأيا سديدا في كل ما يتعلق بشؤون المهنة.

لقد فقدت المحاماة ركنا من أركانها ورمزا من رموزها كما فقدت الحركة الحقوقية والديموقراطية علما من أعلامها.

إنخرطت فقيدتنا في العمل الجمعياتي المستقل من ذلك إنخراطها بجمعية قدماء نهج روسيا حيث شغلت خطة كاتبة عامة للجمعية في المدة النيابية 2006-2009 وقد ساهمت في إحياء الجمعية وأصرت على تكريم الأساتذة وتحسين المعهد وكانت تحلم بمشروع إجتماعي لخريجات المعهد وبمنصتين للتلميذات مختصين في علم نفس الطفولة.

كما إنخرطت فقيدتنا بالجمعية الثقافية "إبن عرفة" لتهتم بالجانب الثقافي والإجتماعي لجهة غمراسن وتكريم الناجحين لحث شباب الجهة على العلم وإعلاء مكانته.

ناضلت فقيدتنا ضمن الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات وتابعت عن قرب وضع النساء المعنفات ضمن مركز الإنصات التابع للجمعية مدافعة عنهن في كل جهات البلاد وقد ودعتنا وهي عضوة الهيئة المديرة للجمعية بعد إنتخابها في المؤتمر الأخير لجمعية النساء الديموقراطيات.

لقد رحلت فقيدتنا يوم 29 أكتوبر 2009 بعد صراع مع المرض إتسم بمقاومتها وصمودها وشموخها وكبريائها دون أن تغيب عن محياها الإبتسامة الدافئة التي سنراها كلما إلتقينا بإبننا أيمن والتي لن تمحى من أذهاننا أبدا ما حيينا.

وإن نتوجه بأحر التعازي إلى إبن فقيدتنا أيمن ووالديها وأشقاءها وكل أفراد عائلتها ونطلب لهم مزيد الصبر والسلوان ،فإننا نعزي كل المحاميات والمحامين وكل مكونات الحركة الديموقراطية.

إن كل نفس ذائقة الموت ،وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عميد المحامين

الأستاذ البشير الصيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق